فكر وثقافة

عن أذن الذّئب الذي التهم ليلى

لم تكن أذني كبيرة مثل ذئب جدّة ليلى ذات الرّداء الأحمر بل بحجم الآذان جميعاً التي وشوشت فيها ذات سرّ لا يخصّني. قد يبدو مضحكاً وقوفي قبالة المرآة على نحو جانبي ومتابعة حيزها المنعكس أمامي. لكنّ الأشياء ليست على ما تظهر عليه.

يمن مونيتور / ضفة ثالثة
لم تكن أذني كبيرة مثل ذئب جدّة ليلى ذات الرّداء الأحمر بل بحجم الآذان جميعاً التي وشوشت فيها ذات سرّ لا يخصّني. قد يبدو مضحكاً وقوفي قبالة المرآة على نحو جانبي ومتابعة حيزها المنعكس أمامي. لكنّ الأشياء ليست على ما تظهر عليه.
أدركت قوّة حاستي مذ كنت أنجو من عقوبات أمّي على أنّها كانت نغلق الأبواب جيداً ولا تترك النّوافذ مواربة وتخفض صوتها حين تتحدث، وإنْ في كلام عابر، وتتأكد من غياب الظّلال الدّخيلة في المكان الذي تجلس فيه. على الرغم من حرصها الساطع كنت أسمع ما يجول في ساحات الكلام من دون مشقة تذكر.
أذني المكشوفة للعراء تستر أحوال أناس كثر. كنت شغوفة في البدء بتتبع الحكايات لكن ذلك تلاشى مع الوقت على أنّه يحدث بصورة غير مقصودة. لا أنكر أنّي تقاضيت مبالغ مالية كبيرة على طفلة بعمري مقابل تقديم محتوى مكالمة زوج جارتنا لها؛ إذ كان يجلب الرّيبة بتصرفاته مع النّساء كما قالت، وإبلاغ أمّي بثرثرة النّسوة المجتمعات أسفل دارنا بعد أن نتجاوزهن بخطوات، وإخبار أصدقائي بأمور تخصّهم من هذا القبيل.
تمرّ بي خلال النّهار مواد سمعيّة متنوعة، جادة، وبلا معنى، وهزيلة السّبك وما يظهر كأنّه حقيقة، وكابوسية، ومبهجة كفرح طفوليّ. أحاول تصنيفها قبيل نومي كأنّها خرافي التي تستجلب نومي.
 
لا هدف من ذلك سوى تخفيف حملي من هذيان هذا العالم. ثمّة ما يعلق كأبديّة في ذاكرتي ولذلك ينتابني خوف أصفر من هذا الالتصاق. تقول جدتي التي التهمها الذّئب الذي ذكرته أوّل النّص بأنّ ليلى مكونة من حجارة الطّريق؛ تعني أنّها مثل جدار يفيض بالملصقات وكتابات العابرين. هي حكاياتها التي حدثت معها وحولها مذ لحظة خروجها من جنّتها التي لوّحت بها وداعاً حارّاً لأمّها حتّى سؤالها: لماذا تملكين أذني ذئب يا جدتي؟
أجيب الآن عنّي ولا يعنيني ما ارتكبه الذّئب جواباً: أتجه بصميمي نحو ذاك الفراغ الذي أجد به سواي، له أذن عادية جداً لكنّه يسمعني بوضوح من دون مشقة كأنّي أعنيه ثرثرة وليلى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى