آراء ومواقف

آليات حل أزمة اليمن

هند الصبري

بعد الربيع العربي عام 2011، وقعت ثلاث دول عربية في حروب أهلية، والتي لم تتوقف حتى الآن. ومن بين هذه البلدان اليمن.

بعد الربيع العربي عام 2011، وقعت ثلاث دول عربية في حروب أهلية، والتي لم تتوقف حتى الآن. ومن بين هذه البلدان اليمن.
 ولكن اليمن على عكس سوريا التي جذبت انتباه جميع وسائل الإعلام في العالم، فإن الأخبار عن اليمن نادرا ما تتصدر الصفحات الأولى من الصحف الاجنبية   والعديد من الاخبار التي يسمعها الاجانب عن اليمن غير مفهومة بسبب المعلومات المجزأة التي يمكن سماعها من التقارير القصيرة أو الأخبار غير المفهومة أو المنحازة لسياسة معينة.  
ما هو سبب الصراع في اليمن وكيف يختلف عن الصراعات في الدول العربية الأخرى؟     
 لصراع عدة أسباب في اليمن، والتي تتشابك بشكل وثيق مع بعضها البعض: الدينية والسياسية والاقتصادية والجيوسياسية الصراع اليمني يشبه إلى حد ما الصراع في سوريا.
 اليمن مثل سوريا، التي يقطنها العرب، وهما الطائفتان الكبرى:( الشيعة والسنة) يعيش الشيعة في اليمن في المناطق الشمالية والوسطى والجبلية.  وقبل الوحدة مع جنوب اليمن عام 1990م كان في الشمال الزيود (الشيعة) هم الأغلبية، ولكن بعد الوحدة مع الجنوبيين، اصبح الأغلبية من السنة و الزيود (الشيعة ) أصبحوا أقلية. بدأت السلطة بعد الوحدة تدريجيا تنتقل إلى أيدي أهل السنة مع القطاع الاقتصادي ايضا, مما سبب الخوف لعلي عبدالله صالح فجعله يقوم ببناء جيش عائلي خاص به واغلبهم من الشيعة مع ان  الشيعة ليست متجانسة مع بعضها البعض ، جزء كبير من الشيعة يؤيدون استعادة النظام الملكي (الحوثيين)  الذي اطيح به  عام 1962م بسبب ان الرئيس اليمني السابق  قام بتهميشهم ولم يوليهم جزء كبير من الاهتمام  ,خاض الحوثيون  مرارا وتكرارا حربا ضد نظامه ، ولكن صالح قبل الربيع العربي تمكن من قمعهم بعد سته حروب.
     في المقابل وقبل الحرب مع الحوثيين،  حاول الجنوب  الاستقلال عن الشمال، الأمر الذي أدى إلى حرب أهلية (1994) بين الشمال والجنوب الذي انتهى بفوز الشمال غلى الجنوب وهروب ابرز قيادات الجنوب الى خارج البلاد، مع ان علي عبدالله صالح إلى حد كبير لم يعتمد على الشيعة اكثر من اعتماده على السنه في هذه الحرب.
      وفي ظل الوضع السياسي الغامض وضعف الدولة بسبب الحروب التي كان يخوضها علي عبدالله صالح في المرة تلو الأخرى نشأ في اليمن البغض والرفض لهذا الرئيس، فنشأت مشكلة بحلول عام 2011 م مع تنظيم القاعدة الذي كانت أعماله ناجحة بشكل خاص في شرق اليمن. كما هو الحال في سوريا، حيث تم تأسيس الدولة الإسلامية بين السنة رغم وجود حكم العلويين بشار الأسد أو في العراق، حيث قام الجنود السنة السابقين من جيش الرئيس السابق صدام حسين؛
في بداية الربيع العربي، لم يكن لا الشمال ولا الجنوب يؤيد بقاء علي عبدالله صالح في السلطة فخرجت الجماهير إلى الشوارع تطالب برحيله، وكان سقوطه بعد عدة عقود من الحكم محددا سلفا و بسبب أسباب رئيسية.
من الأسباب الرئيسية للربيع العربي: البطالة بين الشباب,الكثافة السكانية  التي تزيد على النمو الاقتصادي, والفساد والمشاكل الاجتماعية والتقسيم الطبقي، والتمييز الاجتماعي  والحكم القبلي واهمال البنيه التحتية للبلاد  – الشباب المتعلم بعد تخرجه من الجامعة لا يجد  من عمل في البلاد بسبب الوساطة والمحسوبية.
بعد الإطاحة بصالح وتولي الرئيس عبدربه منصور هادي السلطة، بدأت حرب أهلية بالفعل في البلاد، وخاصة بعد عام 2014. من قبل طرفي نقيض – الحوثيين، يضاف معهم مسلحين من أنصار القوات الحكومية الموالية لصالح وإيران-  والطرف الاخر القوات الحكومية  الاطراف الخارجية المملكة العربية السعودية وتحالفها.
 والأسباب الجيوسياسية: فاليمن تسيطر على باب المندب، الذي يمر من خلال حركة المرور الرئيسي للنفط من الخليج إلى أوروبا. وبالنظر إلى أن جزءا من البلاد شيعة، فإن مصلحة إيران الشيعية تجاه اليمن أمر مفهوم في دعمها لشيعة بكل قوتها ورغبتها بالتحكم في هذا المضيق لتكون هي المسيطرة على هذا المضيق. – مثلا هذا الخطر هو أمر محسوم لكل من الولايات المتحدة عدوة ايران وأوروبا، اما عن المملكة العربية السعودية، فأن المواجهة مع إيران مستمرة منذ سنوات عديدة من جانب, ومن جانب اخر فأن 10-15٪ من سكان المملكة العربية السعودية من الشيعة، وخاصة في المناطق الحدودية مع اليمن جعل السعودية تدخل في خوف من أي  تمرد شيعي فيها .
لهذا السبب ليس من المستغرب أن تدخلت السعودية في الحرب الأهلية الى جانب الحكومة السنية، من دون الدخول في عمليات برية (باستثناء الاشتباكات الحدودية)، ودعم القوات الحكومية من الجو والبحر.
والتوازن بين المتحاربين يتغير باستمرار، وينضم خصوم سابقون إلى تحالفات أو تحالفات اخرى. على سبيل المثال، يعمل الرئيس السابق صالح بالاشتراك مع الحوثيين الذين قاتلهم حتى بداية الربيع العربي مع انه في الوقت الحالي في صراع شديد معهم، والقوات الحكومية تشترك – مع الانفصاليين من جنوب اليمن التي تطالب بالاستقلال مع انها ايضا في صراع معهم. فالتوازن بين الأطراف المتحاربة في تغير مستمر، والمعارضين السابقين لتشكيل ائتلاف أو التحالفات مؤقته. وهكذا، فإن الرئيس السابق صالح عمل جنبا إلى جنب مع الحوثيين، والذي كان قد خاض حتى بداية الربيع العربي حروب سته ضدهم.
عدد القتلى في تزايد مستمر والهجمات الارهابية لا تزال موجود وتلعب دور في البلاد ,0تجنيد الأطفال القصر كجنود في البلاد مستمر. الفقر والمجاعة والأوبئة في تزايد كبير في كثير من المناطق.
السؤال المهم هنا ما هي آفاق تسوية الصراع وعملية السلام؟ للأسف، حاليا تتعقد عملية السلام من خلال عدة عوامل.
 أولا: في العالم العربي والدولي وبشكل عام يفضل أن يتم حل النزاعات بالميل الى الطرف الاقوى، أي الفائز هو كل شيء. فمن الصعب أي مفاوضات سلام طالما لم يحدد الى الان من هو الطرف الاقوى!
ثانيا: إن البلاد لديها عدة قوى على ارض الواقع من الحراك الجنوبي القاعدة والتدخل الاجنبي في البلاد هذه تعتبر قوة ثالثة غير القوات الشرعية والحوثيين وصالح.
ثالثا: المصالح المتضاربة للاعبين الخارجيين. ولا يمكن تحقيق منظور سلمي إلا إذا تم حل هذه التناقضات من داخل البلاد نفسها.
ويمكن استخدام مثال إيجابي للبنان لحل المشكلة. وقد سمحت حصص ثابتة في الحكومة بين المجتمعات البلاد لإنهاء الحرب الأهلية التي استمرت لعقود.
 
 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى