حديث “صالح” عن مغادرة اليمن يزيد حظوظ التكهنات بوجود خُطّة روسية وافقت عليها الرياض
كشف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، اليوم الثلاثاء، إنه قد يغادر اليمن إلى موسكو لحضور مؤتمر للدراسات يناقش الأزمة اليمنية، وسط تكهنات بصفقة تقتضي بمغادرته البلاد. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
كشف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، اليوم الثلاثاء، إنه قد يغادر اليمن إلى موسكو لحضور مؤتمر للدراسات يناقش الأزمة اليمنية، وسط تكهنات بصفقة تقتضي بمغادرته البلاد.
وظهر صالح في شاشة اليمن اليوم، بعد خضوعه لعملية جراحية بمشاركة وفد روسي وصل خصيصاً الأيام الماضية إلى اليمن لعلاجه.
وفي إجابة على تساؤل إنَّ كان سيغادر اليمن، قال صالح إنَّ هناك دعوة من معهد دراسات روسي من أجل حضور مؤتمر “الطاولة المستديرة” لمناقشة محطتين الأولى الإرهاب وكيف يتم مواجهته؟ والثانية وكيف خروج اليمن من أزمته؟ وأشار أن تلبية الدعوة لا زال قيد الدراسة.
وتزيد هذه المعلومات حظوظ سيناريو يتعلق بوجود خُطَّة روسية لإخراج صالح من البلاد ضمن مبادرة روسية وافقت عليها المملكة العربية السعودية.
وقال علي عبدالله صالح الرئيس السابق إنَّ العملية التي خضع لها كانت ناجحة وأجريت له عِدة فحوصات لبقية أجزاء جسمه وأنه بصحة جيدة.
وقال إنَّ العملية كانت في العين اليسرى في الشبكية وإزالة المياه البيضاء.
وأضاف أنه انتظر الفريق الطبي الروسي منذ أكثر من عام ورفضت الرياض، وأشار إلى منع نجله المتواجد في العاصمة الأردنية عمان، من ركوب الطائرة مع الوفد الطبي الروسي، ولم يتضح من المقصود من أبناء صالح.
وقال إنَّ التحالف لم يكن لديه معرفة بأن الوفد في الطائرة هو وفد طبي لعلاجه، نافياً ما تردد في وسائل إعلام سعودية عن إنقاذ حياته للمرة الثانية. وقال صالح إنَّ إصرار روسيا والأمم المتحدة هو ما سمح بوصول الطائرة إلى مطار صنعاء.
وأثارت الأنباء التي تحدثت عن تدخل التحالف العربي لإنقاذ حياة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، عن طريق فريق طبي روسي، موجة من التكهنات كان أبرزها هو الحديث عن خطة روسية لحل الأزمة في اليمن، تبدأ بـ”تسفير” صالح بحجة العلاج، ومن ثمّ ترتيب الوضع السياسي في البلاد، التي تدور رحى الحرب فيها منذ أزيد من ثلاثة أعوام.
وكشفت صحيفة “المونيتور” الأمريكيَّة، أنَّ المملكة العربية السعودية تتوق إلى وضع حدّ للنزاع اليمنيّ، لافتة إلى أن “الوساطة الروسيّة هي خيارها الأفضل”.
ونشرت الصحيفة تحليلاً للباحث الروسي “كيريل سيمينوف”، أشار فيه إلى أنه “من المحتمل أن تؤدّي زيارة الملك سلمان لموسكو إلى انطلاق جهود وساطة روسيّة بهدف حلّ الخلافات اليمنيّة، بطريقة تصبّ ربّما في مصلحة السعوديّة على حساب إيران – عدوّ السعوديّين اللدود وخصمها في الحرب الأهليّة اليمنيّة”.
ويبدو هذا التحليل أقرب للواقع استناداً إلى بعض المعطيات، أكثرها وجاهةً أن الطرق قد سدت أمام جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكذا تراجع الدور الكويتي والعُماني بشأن الملف اليمني.
في مايو/أيار الماضي نشر مركز ذا اتلانتك كاونسل للأبحاث تقريراً معلوماتياً يشير إلى أنَّ الإمارات العربية المتحدة أ تسعى بشكل كبير لدى الروس من أجل أنَّ يقدموا مبادرةً لحل الأزمة اليمنية تعيد عائلة صالح إلى السلطة مجدداً. وتشير المعلومات أنَّ موسكو تبحث جدياً في الموضوع على اعتبار أنَّ ذلك سيحسن من صورتها في الشرق الأوسط بقيادة ملف سلام في بلد تعصف بها الحرب.
وينقل مركز الدراسات الأمريكي في التقرير الذي نقله للعربية “يمن مونيتور”، عن مسؤولين روس وعرب أن هذه الشراكة الاستراتيجية ستركز أولاً على اليمن، حيث ترغب الإمارات في الحصول على مساعدة روسيا في تخليص السعودية من حربها ضد المتمردين الحوثيين. وبمساعدة الكرملين، يمكن للتحالف الذي تقوده الرياض تحقيق هذا الهدف بعد عملية سياسية تشمل إجراء انتخابات رئاسية في اليمن.
وكانت مجموعة الأزمات الدّولية قد أصدرت تقريراً، هذا الأسبوع، قالت إنَّ على المملكة العربية السعودية اغتنام فرصة سانحة والمتمثلة بخلافات الحوثيين والرئيس اليمني السابق، في العاصمة صنعاء، وتقديم مبادرة إقليمية عبر أطراف دوليين -اقترحت سلطنة عمان والكويت- لحل الأزمة في اليمن التي سيستمتع بها “صالح” وتضع الحوثيين في الزاوية إنَّ رفضوا.
لكن “كيريل سيمينوف” يرى عكس ذلك فقد استنزفت عمان والكويت – الدولتان في مجلس التعاون الخليجيّ غير المعنيّتان مباشرة بالنزاع ويمكن أن تضطلعا بدور طرف ثالث وسيط – جميع إمكاناتهما لتسوية النزاع اليمنيّ.
ونقل عن دبلوماسيّ روسيّ يعمل في دولة خليجيّة طالباً عدم الكشف عن اسمه، إنّ الكويت، التي استضافت الجولة الأخيرة من المفاوضات اليمنيّة، سعت إلى تعزيز دورها كـ “حافظة للسلام”، لكنّ سمعتها دفعت الثمن غالياً بسبب فشل المبادرة. وقال رئيس الوزراء الكويتيّ الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة إنّ بلاده ستكون مستعدّة لاستضافة محادثات يمنيّة مجدداً في حال التوقيع على وقف لإطلاق النار – وهي محاولة مفهومة من الكويت لحماية سمعتها وصورتها من مزيد من الضربات.
موسكو بدأت ذلك باكراً
ويبدو أنَّ موسكو مؤهلة فعلاً لهذا الدور حسب ما يرى خبراء دوليون، حيث أبقت روسيا على علاقتها الجيدة بمختلف الأطراف في اليمن الحكومة الشرعية والمسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق، حتى أنَّ السفارة الروسية هي الوحيدة التي تعمل في صنعاء الآن بالرغم من أنها ذات تمثيل دبلوماسي ضعيف حيث يديرها مستشار للسفارة، ويتواجد السفير الروسي في الرياض.
وفي “13 يوليو / تموز عين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أول سفير لليمن في روسيا منذ سقوط الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة في عام 2011. وبعد الإعلان عن ذلك، أفادت وكالة أنباء (سبأ) الرسمية اليمنية أن هادي حث سفيره الجديد في روسيا، أحمد سالم الوحيشي، لتعزيز العلاقات الثنائية بين اليمن وروسيا على مستويات عديدة.
وقال الباحث والصحافي الروسي صموئيل راماني إن: “قرار روسيا بقبول اختيار هادي للسفير في موسكو يتناقض بشكل ملحوظ مع رفضها لتعيينات سفير لـ”هادي” في أواخر عام 2016. كما عمقت روسيا علاقاتها مع حكومة هادي الموالية للسعودية والفصائل المؤيدة لإيران في اليمن في الأشهر الأخيرة”.
واعتبر راماني في مقال نشره في يوليو/تموز الماض أن تعيين الوحيشي مؤشرا مقنعا على تحول استراتيجية موسكو اليمنية من النقد الخطابي السلبي للنزاع الدائر إلى السعي النشط لوقف إطلاق النار من خلال الوسائل الدبلوماسية. وقد تم تقنين هذا التحول السياسي من خلال بيان وزارة الخارجية الروسية الصادر في شباط / فبراير 2017، والذي دعا إلى إعادة الحوار بين الأطراف المتحاربة وإنهاء الصراع الذي دام عامين في اليمن.
ويمكن تفسير التزام روسيا العميق بضمان وقف إطلاق النار في اليمن بمزيج من الاعتبارات الاستراتيجية والتطلعات الجيوسياسية الأوسع نطاقا. ومن وجهة نظر استراتيجية، يمكن لوقف الأعمال العدائية أن يسمح لروسيا ببناء قاعدة بحرية على الأراضي اليمنية. وعلى الرغم من أن بيان فبراير / شباط الروسي بشأن اليمن لم يتضمن إشارة إلى بناء قاعدة محتملة، إلا أن مسؤولا عسكريا روسيا قال ل “ITAR-TASS” في عام 2009 إن إنشاء قاعدة بحرية في اليمن هو هدف استراتيجي متوسط المدى.
وسيكون للقاعدة اليمنية قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا لأنها ستزيد من وصول موسكو إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
وكان الرئيس اليمني السابق “صالح” – المنحاز للحوثيين علنا- أعلن عن رغبته في منح روسيا حقوقا لقواعد عسكرية في البلاد، فإن التسوية السلمية في اليمن من شأنها أن تسمح لموسكو ببناء قاعدة بحرية دون خطر رد فعل عنيف من صنعاء. إذا قررت روسيا في نهاية المطاف إحياء بناء قاعدتها، فإن قوات هادي من المرجح أن ترضخ، باعتبار أن واحدة من أهم حلفاءها وهي الإمارات العربية المتحدة، تعتقد أن الوجود الأساسي لموسكو في البحر الأحمر هو حصن قيّم ضد النفوذ الإيراني في اليمن.