صنعاء والحوثيون وعيد الغدير.. مناسبة دينية أم رسالة سياسية؟
اكتست صنعاء طيلة الأسبوع الماضي ملامح أخرى محت آثار احتفالات حزب الرئيس السابق بذكرى تأسيسه في ال 24 من أغسطس الماضي. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من يونس عبدالسلام:
اكتست صنعاء طيلة الأسبوع الماضي ملامح أخرى محت آثار احتفالات حزب الرئيس السابق بذكرى تأسيسه في ال 24 من أغسطس الماضي.
ملامح يرى حلفاء الجماعة ومعارضوها بأن احتفالات الحوثيين بطقوس دينية كعيد الغدير وكذلك عاشورا واسبوع الصرخة، كلها طقوس طائفية مستوردة من قم وكربلاء والضاحية الجنوبية في لبنان كما هي خروج عن المذهب الهادوي الذي تقول جماعة الحوثيين بأنها تنطلق من أبجدياته لتصبح اقرب منه إلى المذهب الشيعي الاثنا عشري، آخر ردات الفعل تلك جاءت على لسان نبيل الصوفي القيادي المؤتمري والذي كتب على صفحته في فيس بوك قائلا: الحوثيون يسعون لإعلان الجمهورية “الشيعية” في صنعاء.
على ذات السياق تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي بشكل ساخر حينا ومستغربا أحيانا اغرى صورا للافتات عمت أرجاء صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها الجماعة احتفالا بيوم “الولاية”.
خطب الجمعة في صنعاء..
عممت وزارة الأوقاف التابعة لجماعة الحوثيين خطب امس الجمعة في مساجد صنعاء حول هذا الحدث الذي يصادف يومنا هذا السبت الثامن عشر من ذي الحجة، وبحسب شهود عيان فقد تمت حالات مغادرة لمصلين من بعض مساجد العاصمة كمسجد النور في شارع مجاهد، وقال احد المغادرين من المسجد لـ”يمن مونيتور”: خطيب الجمعة يمارس الكذب ويشكك في صدق وأمانة محمد رسول الله متهما اياه بأنه لم يبلغ ما انزل اليه من ربه حتى يوم غدير خم عندما قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.
مضيفا: حاول خطيب الجمعة ايصال رسالة مفادها أن صحابة رسول الله انقلبوا على علي ابن ابي طالب وسيطروا على مقاليد الحكم.
متسائلا: كيف بامكاني الاستماع لخطيب كهذا؟ انا مضطر للعودة الى البيت لأن كل مساجد صنعاء هكذا.
إضافة إلى ذلك فمن الملاحظ وجود حالة سخط واستياء من قبل المواطنين في الشوارع.
عيد الغدير
يرى الحوثيون في عيد الغدير بأنه يوم الولاية لعلي ابن أبي طالب مستدلين بالحديث النبوي ” من كنت مولاه فعلي مولاه” الحديث الموجود في كتب أهل السنة أيضا إلا أنهم لا يرون فيه أي دلالة على الوصاية السياسية بل يذهب بعض علماء السنة إلى القول بأن علي نفسه لم ير فيه أي دلالة على أحقيته بالحكم ولم يستدل به في أي حادثة طوال حياته حتى في روايات الشيعة أنفسهم.
إلى ذلك يصب علماء الشيعة الاثنا عشرية اهتماما كبيرا بيوم الغدير والاحتفال به، حيث تجاوز عندهم كونه مجرد اعتقاد شعبي يروج له بين العوام وأخذ منحنا دينيا يفتي به كبار علمائهم معتبرين يوم الغدير هو عيد الأعياد بعد المبعث النبوي الشريف كما يرى المرجعية الشيعية السيستاني.
استعراض قوة
تأت احتفالات الحوثيين بيوم الولاية في ظل توتر العلاقات بشكل غير مسبوق تشهدها صنعاء بين الحوثيون والمؤتمر الشعبي العام فبحسب تقرير نشرته صحيفة العرب اللندنية أمس الخميس فإن تلك الاختلافات ترتكز حول عدة قضايا في مقدمتها سعي الجماعة الحوثية لتغيير البنية المذهبية والعقائدية في اليمن والتي سادها التعايش على مدى قرون طويلة بين المذهبين الرئيسيين في البلاد الشافعي والزيدي.
ونتيجة لتلك الخلافات فمظاهر استعراض جماعة الحوثيين لقوتها في صنعاء برزت بشكل لافت مؤخرا وكان اخرها اعلان أحد قادة الجماعة أن شريكهم علي عبدالله صالح بات في متناول ايديهم، وكما يرى مراقبون فان صالح فقد قدرته على مواجهة الجماعة وبأنه رهن الاقامة الجبرية حاليا.
وكما يرى مراقبون فإن جماعة الحوثي تسعى من خلال مثل هذه الفعاليات الى إثبات أحقيتها في الاستفراد بالحكم كون قادتها ينحدرون الى سلالة الإمام علي ابن طالب صاحب ولاية غدير خم كما تقول الجماعة.
فكر الجماعة.. من أين مصدره؟
رد الدكتور فضل مراد استاذ الفقه المعاصر بجامعة قطر ورئيس مركز العصر في منشور له على صفحته في فيس بوك على حملات الولاية التي تقوم بها جماعة الحوثي في صنعاء قائلا بأن اليمن بلاد الحميريين، والولاية لهم ومن ادعى عليهم ولاية فعليه ان يرجع الى ارضه خارج اليمن ليبحث عن ولاية في ارضه.
مضيفا: ايها اليمانيون من قحطان وعدنان انتم اولياء بعض ولا ولاية لسلالة عليكم بل جاء النص بأنكم خير من سلالة قريش بالنص (اهل اليمن خير اهل الارض ) كما في الحديث فلا ينزعن احد منكم حقكم او ارضكم وهو دخيل اصلا على اليمن.
الا أن الجماعة ترى بأن دعواتها للاحتفال بمناسبات دينية كهذه هي احياء لمقدسات تم التخلي عنها طويلا، كما يقول أيوب محمد الصحفي المقرب من جماعة الحوثي لـ”يمن مونيتور”.
مضيفا: احتفالاتنا تأت في إطار مواجهتنا لمشروع الوهابية التي طمست كل شيء حقيقي وأبقت على ما تريد بقاؤه، ولسنا مقلدين لأحد أو متأثرين بجماعة محددة، هذا هو ديننا الحقيقي الجامع.
المزيد قراءة..
“يوم الولاية” الحوثيون يحتفلون بـ”عيد الغدير” بطقوس إيرانية وتشديدات أمنية في صنعاء (صور)
استهداف للمجتمع وطمس لهويته
عمل الحوثيين في الآونة الأخيرة على تغيير المناهج الدراسية الأمر الذي اعتبره الكثيرين بمثابة اعطاء المناهج التعليمية طابعا طائفيا دخيلا على المجتمع اليمني.
الصحفي والكاتب فتحي ابو النصر يرى في احتفال الحوثيين بعيد الغدير أحياء لمناسبة سياسية تقوض مبدأ الشورى الإلهي لصالح وعي سلالي لا يحترم المواطنة المتساوية، وكل همها تجريف الوعي الديمقراطي الشعبي لصالح جماعة استعلائية وعنفية كارثية.
وأضاف لـ”يمن مونيتور” لهذه الاحتفالات أثرها الحاد والخطير لأنها تكرس الإستبداد والاستغلال السياسي باسم الدين كما تعمل على تطييف المجتمع خصوصا أن الجماعة الحوثية التي تقف وراءها خاضت مع المجتمع الرافض لها حروبا وقمعا يعرفه العالم.
الجدير بالذكر أن احتفالات الحوثيين بعيد الغدير يليه احتفالهم بيوم 21 سبتمبر تأت في ظل وضع مختلف عن العام السابق حيث لا يزال التوتر مستمر بين طرفي الانقلاب في صنعاء مما قد ينذر بمواجهات محتملة ربما تكون هي الحاسمة.