الإيكونيميست: تجزؤ التحالفات (شمالاً وجنوباً) في اليمن يزيد الأزمة تعقيداً
تتجزأ التحالفات في اليمن على نقيض الطرفين (الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق) من جهة و(الرئيس اليمني والإمارات ضمن التحالف العربي) من جهة أخرى ما يجعل الحرب الأهلية التي تدور منذ ثلاثة أعوام على استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء، وأكثر من عامين على بدء عملية عاصفة الحزم التي تدعم عودة الرئيس اليمني إلى السلطة، أكثر تعقيداً واستعصاءً ويزيد معاناة الشعب اليمني. يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
تتجزأ التحالفات في اليمن على نقيض الطرفين (الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق) من جهة و(الرئيس اليمني والإمارات ضمن التحالف العربي) من جهة أخرى ما يجعل الحرب الأهلية التي تدور منذ ثلاثة أعوام على استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء، وأكثر من عامين على بدء عملية عاصفة الحزم التي تدعم عودة الرئيس اليمني إلى السلطة، أكثر تعقيداً واستعصاءً ويزيد معاناة الشعب اليمني.
وحذرت وحدة الخبراء في مجلة الإيكونيميست البريطانية في تحليل جديد، ترجمه “يمن مونيتور”، من هذه الانقسامات، وقالت: “بعد عامين ونصف العام من الحرب الأهلية المدمرة ولكنها أيضاً غير حاسمة، ظهرت هناك علامات متزايدة للتوترات داخل معسكر الحكومة (المعترف بها دولياً) وداخل معسكر المتمردين على حدٍ سواء. إنَّ حدوث تجزءات معقدة داخل أحد سيعني تغير الزخم تجاه الحرب. ولكن من المرجح أن ينقل الحرب إلى صراع أكثر تعقيدا واستعصاء، مما يزيد من معاناة الشعب اليمني من الكوليرا والمجاعة، ولا يضعف فرص التوصل إلى اتفاق سلام”.
وأضافت الوحدة أنَّ الحرب الأهلية في اليمن أقامت تحالفات غير متوقعه. على جانب تحالف الحرب الداخلية، تحالفت حركة الحوثي مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان عدوها اللدود طوال العقدين الأخيرين من رئاسته (1990-2012). وفي الأسابيع الأخيرة تم نشر الخلافات بين الجانبين علنا. من ناحية أخرى، لعبت الحركة الجنوبية (التي تسمى أيضا الحراك) دورا رئيسيا في قيادة مواجهة وطرد الحوثيين من الجنوب، ولكن لديها رؤية مختلفة جدا للمستقبل من حليفها المفترض، الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي – على وجه التحديد الرغبة في الانفصال عن الشمال. وكلما طال أمد الحرب، زادت الانقسامات في كِلا التحالفين.
الشقوق التي تظهر في التحالف الشمالي
في 19 أغسطس / آب، وجه عبد المالك الحوثي، زعيم حركة الحوثي، انتقادات لم يسبق لها مثيل لشريكه، السيد صالح، والموالين له في حزب المؤتمر الشعبي العام. وفي كلمته، اشتكى من أن الحوثيين لا يشغلون سوى ربع المناصب العليا و 1٪ فقط من المناصب الإدارية العامة في حكومة المتمردين، مما يجعلهم الشريك الأصغر حجما لحلفاء صالح في المؤتمر الشعبي العام. وهذا ليس مفاجئا، نظرا إلى أن المؤتمر الشعبي العام قد حكم اليمن لعقود ولم يشارك الحوثيون معه إلا في عام 2015. ومع ذلك، فإنه يمثل زيادة كبيرة في التوترات العامة داخل تحالف المتمردين. (ربما كان هناك دائما توترات خلف الأبواب المغلقة). وعلاوة على ذلك، رد صالح بإلقاء اللوم على الحوثيين لعدم دفع رواتب القطاع العام، وهو اتهام خبيث نظرا لطبيعة هذا التحرك الذي يحظى بشعبية واسعة في ظل انعدام موارد تحالف (الحوثي/صالح) للتعامل مع هذه المشكلة ككل. والأخطر من ذلك أن بعض الحوثيين اتهموا صالح بإجراء مفاوضات سرية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي القوة الأجنبية الرئيسية العاملة في جنوب اليمن، ما يجعله تنافساً رئيسياً في محور المتمردين، على الرغم من أن صالح نفى هذه الادعاءات.
تصاعدت التوترات إلى اشتباكات عنيفة في منطقة حدة في العاصمة صنعاء، في 26 أغسطس / آب، بعد أن أقام الحوثيون حاجزا بالقرب من منزل ابن صالح. وقتل اثنان من الحوثيين ومسؤول في المؤتمر الشعبي العام، نائب رئيس العلاقات الخارجية للحزب. وقد قام قادة الحوثيين ومسؤولو المؤتمر الشعبي العام منذ ذلك الحين بجهد مضاعف لتخفيف حدة التوترات ودعوا أنصارهم إلى تركيز طاقاتهم على محاربة السيد هادي والتحالف الذي تقوده السعودية.
إنَّ تعرض المتمردين لضغوط مالية وعسكرية (القوات الموالية للسيد هادي يضغطون الآن على المتمردين على ثلاث جبهات) وتفشي وباء الكوليرا ونقص حاد في الأغذية يدمر الكثير من الأراضي الخاضعة لسيطرتهما، يجعل من غير المحتمل على نحو متزايد أنَّ يكون تحالف المتمردين قادراً على منع المظالم القديمة والنزاعات من الظهور مرة أخرى. في الوقت الحاضر كلا الجانبين لا يزالان بحاجة بعضها البعض.
استعدادات القتال ضد هادي
بالمقابل هناك شرخ أساسي رئيسي في تحالف التحالف ضد المتمردين. يريد الحراك بشكل مثالي أن يكون جنوب اليمن مستقلا، أو على الأقل يتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي. السيد هادي، على الرغم من كونه جنوبيا بالولادة، لكنه لعب دورا رئيسيا في هزيمة آخر محاولة جادة لاستقلال الجنوب، في عام 1994، ويطمح إلى حكم البلاد بأسرها بنفسه. وقد وضعت هذه الفروق جانبا عندما كان الحوثيون على وشك الاستيلاء على مدينة عدن الجنوبية الكبرى في عام 2015، ولكن الآن بعد أن تم استعاد معظم جنوب اليمن فقد انتشرت، بدلا من الحوثيين، الجماعات الجهادية مثل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، التي تشكل الآن التهديد الرئيسي في المحافظات الجنوبية – الجنوبيون لديهم رغبة قليلة لمواصلة الحرب من أجل المساعدة في استعادة الشمال. وبدلا من ذلك، فإنهم يفضلون على الأرجح تعزيز وضعهم في الجنوب.
وأصبح هذا الاختلاف أكثر رسمية في يوليو/ تموز عندما اجتمع المجلس السياسي الانتقالي الذي شكله الحراك للمرة الأولى، باعتباره منافسا جنوبيا مستقبلا لحكومة هادي، ويضم حكاما من معظم المحافظات الجنوبية. وفي الوقت نفسه، تجمع عشرات الآلاف من الناس في عدن في السابع من يوليو/ تموز، في الذكرى العاشرة لإنشاء الحراك. ورد السيد هادي بإقالة بعض المحافظين المنشقين. وقد وفرت الحرب للحراك أفضل فرصة للاستقلال منذ تأسيسه. وعلاوة على ذلك، فقد أدى إلى تفاقم الانقسامات بين الشمال والجنوب.
ونتيجة لذلك، ونظرا لعدم رغبة السيد هادي في التخلي عن سيطرة أكبر على الحراك. ترجح وحدة الخبراء في الإيكونيميست أن ينشب صراع آخر على المدى المتوسط، حيث يحضر المجلس الانتقالي الجنوبي، القبائل الجنوبية للقتال من أجل الاستقلال ضد حكومة السيد هادي.
أثر التجزؤ
وتختم وحدة الخبراء في الإيكونيميست بالقول: باستثناءات قليلة من علامات التقدم التي لم تدم طويلا، ظلت الحرب الأهلية إلى حد كبير في مأزق منذ عامين، حيث تعرض 7 ملايين شخص للمجاعة ونصف مليون مصاب بالكوليرا. ومن المرجح أنَّ تظل عملية السلام متوقفة، ربما حتى يتم تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة، وستزداد تعقيدا بسبب الانقسامات الداخلية من الجانبين. وعلى الرغم من أن هناك بعض السيناريوهات التي يمكن أن يساعد فيها الانقسام في أحد التحالفات على التفاوض، على سبيل المثال، يتفاوض الحراك مع الحوثيين على العودة إلى الحدود الشمالية والجنوبية القديمة، فمن الأرجح أن يؤدي التجزؤ إلى زيادة عدم الاستقرار واللعب في أيدي الجماعات الجهادية. وحتى لو كان ذلك لم يعد من المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام على المدى القصير والمتوسط.