آراء ومواقف

حزب المؤتمر في السلطة والثورة والانقلاب

المقبلي

الحركة السياسية في اليمن شهدت حضورا مبكرا في تاريخ اليمن الحديث منذ أن رفع اليمنيون في الشطر الشمالي لافتة الدستور وهي إشارة الى عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الحكام والمحكوم.

ـالحلقة الأولى
الحركة السياسية في اليمن شهدت حضورا مبكرا في تاريخ اليمن الحديث منذ أن رفع اليمنيون في الشطر الشمالي لافتة الدستور وهي إشارة الى عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الحكام والمحكوم.
نشطت الحركة السياسية في اليمن منذ الأربعينيات حتى نهاية الخمسينيات، وتميزت بتجربة التعدد الحزبي غير المعلن  حيث ظهرت في الشمال جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحزب الأحرار والاتحاد اليمني، كما ظهر في الجنوب الاتحاد الشعبي ورابطة أبناء الجنوب وحزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب.
في  الستينيات حتى نهاية الثمانينيات استمرت الحضور الساسي بين الشد والجذب، وشهدت بعض المراحل توقف النشاط الحزبي الحر وتحول العمل السياسي من العلن إلى السرية مع طغيان الملامح العقائدية والأيدولوجية وتكرس بذلك حكم الحزب الواحد في شطري اليمن.
 الحالة الحزبية في اليمن    
الحالة الحزبية في اليمن تعكس تمثيل التيارات الفكرية وربما الاجتماعية  – شأنها في ذلك شان أغلب الدول العربية وتعبر عن  تيارات سياسية متعددة منها الإسلامي والقومي واليساري ومنها أحزاب ظلت محافظة على وجودها بعد أن كانت قائمة إبان حكم الحزب الواحد، فضلا عن أحزاب صغيرة هنا وهناك تنحصر قاعدتها الشعبية في أعضائها المؤسسين.
ميلاد التعددية السياسية في اليمن
   إعلان ميلاد الدولة اليمنية الجديدة في 22 أيار/ مايو 1990 كان أهم حدث سياسي واقتصادي في تاريخ اليمن كله، وبخاصة أنه تزامن مع رزمة من التحولات العميقة  التي ألقت بظلالها على مسار التطور اللاحق للدولة اليمنية الجديدة – الجمهورية اليمنية. ولعل أبرز هذه التحولات هي قيام نظام سياسي – قانوني واقتصادي جديد مغاير لما كان سائداً في شطري اليمن قبل التوحيد. فالجمهورية اليمنية قامت على أسس التعددية السياسية والليبرالية الإقتصادية التي كفلها دستورها في أكثر من مادة وأكثر من موضع. فالمادة (5) من دستور الجمهورية اليمنية تنص على أن “يقوم النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً…”، “ويقوم الاقتصاد الوطني – طبقاً للمادة (7) على أساس حرية النشاط الاقتصادي…” و “ترعى الدولة حرية التجارة والاستثمار.. “بموجب المادة (10). هذا الإطار الدستوري الجديد والفريد لدولة الوحدة يجعل من مستقبل الممارسة السياسية ذات الصيغة التعددية المحمولة على مبادئ وأسس الاقتصاد الحر أمر يحدده ويعنونه توازن القوى الاجتماعي المادي في المجتمع. وتؤكد المادة (4) من هذا الدستور “أن الشعب مالك السلطات ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة،صثشي
 الحزبية في اليمن ـ قراءة حالة المؤتمر
مـن المعلـوم أن الحزبيـة فـي اليمن لم تظهر بشكل علني ومتعدد إلا بعد قيـام الوحـدة اليمنيـة ، وهـذا يعنـي أن الحزبية لم تكن منعدمة قبل ذلك سواء في الشمال أو الجنـوب,  بـل كانـت موجـودة بشكل لا يسمح لها بالممارسة وإن بدت بعض مظـاهر الحزبيـة فيمـا كـان يسـمى بالشطر الجنوبي سابقاً إبان الاحتلال .
 المجتمع اليمني على درجة عالية من الوعي السياسي والفاعلية والقدرة على معاينة الأمور والحكم العقلاني عليها والتأثير في الشأن العام وهو شعب مسيس وعلاقاته الاجتماعية تسهم في اثراء الحياة السياسية في كثير من الأحيان
الجذور الأولى للمؤتمر الشعبي العام
المؤتمر الشعبي العام تم الحديث عنه في زمن الرئيس إبراهيم الحمدي وهو ثالث رئيس جمهوري تولي مقاليد الحكم الجمهوري 13 يونيو 1974 وتعرض لاغتيال سياسي في أكتوبر 1977 وتم الحديث السياسي والإعلامي عن تشكيل التنظيم الشعبي الذي حمل اسم المؤتمر الشعبي العام .
تم اعلان المؤتمر الشعبي العام ككيان سياسي في الشطر الشمالي 24 أغسطس 1982 ككيان سياسي وحيد مقابل للكيان السياسي الوحيد في الشطر الجنوبي الحزب الاشتراكي اليمني كما هو واضح من الدوافع السياسية والنقاشات والتداولات خصوصاً ان اشهاره كان في أحداث سياسية وصراعات وانتشار سياسي للاشتراكي في الشطر الشمالي تحت لافتة الجبهة الوطنية خصوصاً في المناطق الوسطى التي شهدت صراعات كانت الجبهة الوطنية حينها ترفع لافتة الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية وكان النظام يتهمها بالتخريب والعنف.
معلومات أساسية عن المؤتمر الشعبي العام
ـ  المؤتمر الشعبي العام :
– تاريخ التأسيس : 24اغسطس 1982م .
– تاريخ التقدم للتسجيل في لجنة شئون الأحزاب 4/7/1416   الموافق  26/11/1995م.
– تاريخ حصوله على قرار التسجيل من لجنة شئون الاحزاب9/8/1416ه الموافق 31/ 12/ 1995م.
رئيس الحزب : علي عبدالله صالح.
نائب رئيس الحزب- الأمين العام للحزب: عبد ربه منصور هادي.
النائب الثاني للحزب بعد المؤتمر العام السابع :د/ عبد الكريم الارياني.
نبذه تعريفية :
– هو التنظيم الحاكم في الجهورية العربية اليمنية سابقاً من عام 1982م وحتى مايو 1990م.
– تقاسم السلطة مع الحزب الاشتراكي اليمني من تاريخ تحقيق الوحدة 22مايو 1990م وحتى 27/ ابريل 1993م.
– شارك في حكومة ائتلاف ثلاثية مع الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح من مايو 1993م وحتى 7 يوليو 1994م.
– شارك في حكومة ائتلاف ثنائية مع التجمع اليمني للإصلاح من يوليو 1994م وحتى ابريل 1997م .
– شكل حكومة جميع أعضائها من المؤتمر الشعبي العام باستثناء اثنين ليس من أعضاء المؤتمر في مايو 1997م برئاسة الدكتور فرج بن غانم
– شكل حكومة أخرى جميع أعضائها من المؤتمر الشعبي العام في مايو 1998م برئاسة د عبدالكريم الارياني  .
– شكل حكومة في عام 2001م وحكومة أخرى في عام 2003م برئاسة الأستاذ/ عبد القادر باجمال .
– شارك في الانتخابات النيابية العامة في ابريل 1993م وحصل على 123 من إجمالي مقاعد مجلس النواب (301) وبنسبة 41%.
– حصل في الانتخابات النيابية الثانية 27ابريل 1997م على 226مقعد أي ما نسبة 75% من إجمالي مقاعد مجلس النواب .
– حصل في الانتخابات النيابية الثالثة 27ابريل 2003م على 229مقعد أي ما نسبته 76.08%. من إجمالي مقاعد مجلس النواب( 301) .
 – شارك في الانتخابات المحلية فبراير 2001م  وحصل على الأغلبية .
– رشح في الانتخابات الرئاسية 2006م فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وفاز بنسبة 78%.
– شارك في الانتخابات المحلية 2006م وحصل على نسبة 80% من المقاعد على مستوى الجمهورية .
– عقد المؤتمر الشعبي العام 7 مؤتمرات اعتيادية .
– عقد الحزب أربع دورات للجنة الدائمة .
ـ تباينت وجهة نظر كوادره وأعضاءه في ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية بين مساند ومنضم الى الثورة وبين متصالح مع الثورة وبين مخاصم ومعادي للثورة
ـ وقع على تسوية سياسية عرفت بالمبادرة الخليجية وشارك في حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت بعد ثورة الشباب وشارك في مؤتمر الحوار الوطني الشامل
ـ انقسم إبان فترة الانقلاب التي قادها جناح منه مع مليشيا الحوثي وتوزع المؤتمر بين مساند للشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي المنتخب بشكل توافقي بعد ثورة الشباب وبين متحالف مع جماعة الحوثي وهو الجناح الذي يقوده الرئيس السابق الذي تم الاطاحة به بثورة شعبية سلمية
أدبيات المؤتمر بين النظرية والتطبيق
 يمثل الميثاق الوطني لحزب المؤتمر من الناحية النظرية الرؤية الفكرية والسياسية لحزب المؤتمر وهو أقرب الى الرؤية السياسية للسلطة الحاكمة لحظة اشهار المؤتمر اكثر من كونه رؤية سياسية لحزب سياسي ولذلك لم يطرأ على تلك الوثيقة السياسية والفكرية تحديثات جوهرية كما هي الرؤى السياسية والفكرية للأحزاب السياسية التي يتم تجديدها وتحديثها في المؤتمرات العامة للأحزاب السياسية او المراجعات النقدية التي تتم في الندوات واللقاءات التنظيمية الداخلية
 وظلت تلك الوثيقة حالة نظرية جامدة وثابتة إضافة الى انها لم تكن الأساس الفكري الذي يتم تنشئة أعضاء الحزب عليها وظل الفراغ الفكري هو الحاضر الأبرز لدى كوادر المؤتمر باستثناء القادمين من أحزاب أخرى ويعتبر أعضاء وكوادر المؤتمر اقل أعضاء الأحزاب من حيث الخلفية الفكرية والسياسية
 ـ  من الناحية السياسية يعتبر الميثاق الوطني  أهم رؤية سياسية وفكرية لحزب المؤتمر الشعبي العام وهو الأساس الذي على ضوءها صيغة بقية أدبيات المؤتمر الشعبي وخطابه وخصوصاً اللائحة الداخلية
الجذور الفكرية للميثاق الوطني كما هو واضح في مقدمته جذور ثورية جمهورية إلا أن المراقب والمتابع للمسلك السياسي لحزب المؤتمر إبان حكم صالح لم يلحظ سلوك ثوريا وجمهوريا باستثناء الالتزام في الخطاب الجمهورية من قبل المؤتمر الذي كان يحضر باعتباره حزب السلطة اكثر من كونه حزب سياسي ..
وبحسب ما جاء في الميثاق ” إن المؤتمر وهو يتقدم إلى الأمام في ظل الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، يستند في ذلك إلى رصيد ضخم من حصانة العقيدة، وعراقة التاريخ، ”
وتأكيداته أن الثورة اليمنية لم تكن ثورة ضد نظام حكم مستبد فاسد، أو ضد مستعمر داخلي فحسب، بل كانت أيضاً ثورة إنسانية ضد ركود الحياة على الأض اليمنية، ذلك الركود الذي أبقاها تعيش في عهد من العهود المظلمة، ولذلك فإن الثورة اليمنية عندما قضت على الحكم الفردي المستبد المتخلف الذي استغل اسم الدين لتضليل الشعب وإخضاعه وأعلنت قيام النظام الجمهوري بأهدافه الديمقراطية سياسياً واجتماعياً،وأنهت الاحتلال الأجنبي، جاءت لتعيد للدين جوهره ونقاءه، وجاءت -في الوقت نفسه- لتحرك جهود الزمن، وتقفز بالحياة قفزة هائلة، تنقلها من العهود المظلمة إلى الحياة المتطورة في القرن العشرين،
وهنا تحوي المضامين الفكرية للميثاق مناهضة الحكم الفردي الا ان المؤتمر طوال فترة حكمه كان مظلة سياسية للحكم الفردي باعتراف بعض قياداته وكوادره الذين التحقوا بالثورة ومن بينهم الدكتور الارياني اكثر القيادات المؤتمرية حنكة سياسية ووعي فكري عندما قال اول ثورة الشباب ” ان صالح متمسك بالحكم الفردي ولايمكن ان ينقل السلطة للشعب وسيظل متشبثا بها ولن ينقلها حتى لنجله” ودونت هذا النقاش في دفتري الخاص
  الاستراتيجية في اليمن
ـ الحرية والديمقراطية في حزب  المؤتمر بين النظرية والتطبيق
شهدت ادبيات المؤتمر  وخطابه واعلامه حضور كبير لمفردات الحرية والديمقراطية بل ان الميثاق الوطني ذاته افرد لها مساحة كبيرة في ادبياته واثراها بخلفية فكرية واسعة باعتبارها فطرة بشرية الاعتداء عليها او الاحتكار لها يعتبر اعتداء على حق من حقوق الانسان وتحدي لارادة الله
إلا أن مسلك حزب المؤتمر الذي كان يمتلك الأغلبية المريحة في مجلس النوب كان على الضد من مسلك الحرية الشعبية وخصوصاً حرية التعبير وحرية التظاهر وشهدت حرية التعبير وحرية التظاهر انتهاكات واسعة تجاوز التنديد بها الحالة اليمنية الى الحالة الإنسانية التي نددت بانتهاكات حقوق الانسان والحقوق المدنية وحرية التعبير وخصوصاً منذ انطلاق الحراك السلمي الجنوبي الى ثورة الشباب
 الديمقراطية:
يشير الميثاق الوطني الى أن الديمقراطية المتكاملة -فكراً وسلوكاً هي الضمانة الأساسية لحماية الحريات.. ولقيام علاقات سوية متطورة بين مؤسسات الحكم، وبين الشعب والدولة، وبين الفئات الشعبية نفسها، وبين المواطن والوطن.  ويؤكد أن الديمقراطية تعني أن الدولة بمختلف سلطاتها حق الشعب، ومن ثم فالشعب مصدر السلطة جميعاً.
 غير أن الواقع الملموس يشير الى أن ثمة هامش ديمقراطي كان حاضرا في اليمن ولايستطيع متابع إنكاره إلا أنه طوال فترة حكم المؤتمر الذي أوكل حكم اليمن الى الى ذهنية فردية عائلية شهدت الديمقراطية ركودا وتراجعا وتقلصت المشاركة السياسية وتم إفراغ العملية الديمقراطية من مضمونها باستخدام المال العام وتزوير الانتخابات من خلال تزوير سجل الناخبين بحسب تقارير دولية
   المؤتمر من الداخل
شمل المؤتمر العديد من التيارات في صفوفه لكن الواجهة العريضة لقوى إسلاميين وبعثيين وقوى اجتماعية والجهاز البيروقراطي للدولة وكماهي لوائح المؤتمر التي صممت لحزب حاكم وليس لحزب سياسي ومن بينها ان رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر
ومن بين قائمة أعضاء اللجنة العامة وهي المكتب السياسي للمؤتمر وأعضاء اللجنة الدائمة وهي الجمعية العمومية من أصبحوا ضمن هيئات المؤتمر العليا بناء على منصبهم الحكومي وليس بناء على نشاطهم الحزبي والتدرج التنظيمي كما هي أبجديات العمل الحزبي المؤسسي ..
نقلا عن منصه نت 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى