(معلم الأجيال) بائع ثلج في صنعاء.. مأساة الموظفين اليمنيين تتفاقم
يقف وقت الظهيرة وسط الزحام على بقايا عربة مهملة بين كتلة كبيرة من الثلج، مدرس مادة الفيزياء في مدرسة سيف ابن ذي يزن في صنعاء، المعلم أحمد الذي حوله وضع البلاد إلى بائس كـ 21 ألف معلم في عموم البلاد. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من يونس عبدالسلام:
يقف وقت الظهيرة وسط الزحام على بقايا عربة مهملة بين كتلة كبيرة من الثلج، مدرس مادة الفيزياء في مدرسة سيف ابن ذي يزن في صنعاء، المعلم أحمد الذي حوله وضع البلاد إلى بائس كـ 21 ألف معلم في عموم البلاد.
منذ ما يقارب العام والمعلم اليمني وكل موظفي القطاع الحكومي بدون مرتبات، عاجزا عن أداء مهمته مضطرا للبحث عن وسيلة عيش أخرى، وقليلون هم من يحظون بفرصة عمل وان كانت مهنة شاقّة أو لا تتناسب ومجالهم.
أحمد كما يحلو له مع بدء بيعه للثلج أن يُنادى رب أسرة تسكن بالإيجار في صنعاء، يبتدئ حديثه لـ”يمن مونيتور” من حيث أكبر هم يؤرقه قائلا: منذ انقطاع مرتبي لم أستطع دفع إيجار البيت، ولا امتلك مصدر دخل آخر غير هذا الذي تراه، أبيع الثلج لأوفر مصروفي الشخصي ليوم واحد وأشياء بسيطة من متطلبات البيت وأعود إلى البيت فارغ اليدين والجيب.
ديون، وغذاء يأتي من الريف
وعن قدرته على مواصلة البقاء في المدينة هذه الفترة وكيفية توفير متطلبات البيت تسمر نظر أحمد قليلا عند قطعة ثلج توشك على الانتهاء قائلا: تخيل صاحب البيت نهاية كل شهر يذكرني بأرقام الشهور التي مرت وبمبلغ الإيجار المتراكم، في البداية بعت ذهب زوجتي قطعة-قطعة حتى وصلت إلى آخر خاتم في يدها، كنت أعتقد بأن الحرب من الممكن أن تنتهي هذا الشهر أو الذي بعده، لأبدأ بعدها أستدين من صاحب البقالة إلى أن امتنع بعد ارتفاع المبلغ، ثم ممن اعرفهم حتى لم يبق لي أحد أعرفه إلا وتدينت منه مبلغا معينا فتعاملت مع احد تجار الثلج على أن أبيع له جزءا معينا من الثلج مقابل نسبة بسيطة لي.
وأستطرد قائلا: أمي وإخواني الخمسة في احدى قرى تعز كنت أساعدهم أنا بقليل من الراتب هم الآن من يبعثون لي بين الحين والأخر بكميات من حبوب الذرة والهند الشامي هي كل ما في بيتي، لم أستطيع العودة إلى القرية كي لا أشكل ثقلا إضافيا على عائلتي وأيضا لعدم امتلاكي أي شيء هناك كما بعض زملائي الذين عادوا إلى قراهم ليعملوا في بيع القات أو الزراعة، كل ما نمتلكه ارض زراعية بسيطة يسقيها المطر وان لم تمطر السماء لا تنتج شيئا.
مضيفا: لكنني أحسن حالاً من زميل لي انفصل عن زوجته وأطفاله بسبب رفضها الرحيل معه إلى القرية، ومع هذا أنا أعاني كثيرا.
متسائلا بحسرة: ما الذي يمكنني فعله أو على من يمكننا أن نعول؟
محاولات لا تسمن ولا تغني من جوع
دفعت سلطة الأمر الواقع في صنعاء نصف راتب لثلاثة أشهر أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي وابريل/نيسان من العام الحالي إلا أن الأستاذ أحمد يرى بأن نصف الراتب الذي تم صرفه فتح أبواب جحيم إضافية له حيث لم يستطع تسديد أحد ممن استدان منهم كثيرا مع ازدياد ضغطهم عليه بمبرر استلامه للراتب.
وكمبرر لتخلي سلطة الحوثيين عن الوفاء بالتزاماتها كسلطة أمر واقع في صنعاء رمت باللائمة على عاتق الحكومة الشرعية بمبرر قيام الأخيرة بنقل البنك المركزي.
مشيرة إلى أنها دفعت رواتب الموظفين في كافة أنحاء البلاد رغم الحرب حتى جاء قرار نقل البنك المركزي إلى عدن ومع هذا هي تعمل جاهدة لإيجاد حلول.
في المقابل اكتفت الحكومة الشرعية بصرف راتب شهر ديسمبر/كانون الأول العام الفائت مع أنها قالت في تصريح لها نقتله وكالة سبأ التابعة لحكومة هادي انها وقعت مع مصرف الكريمي على اتفاق يقضي بتحويل المبالغ المالية المستحقة كرواتب لموظفي الدولة في أمانة العاصمة والمحافظات التي تسيطر عليها حكومة الحوثيين، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، ولا أحد يحمل هم الموظف اليمني الذي ذهب حقه في راتبه ضحية صراع لا ناقة له فيه ولا جمل، كما يعلق أحمد متسائلا ما ذنبنا لتكون مأساتنا شعارات يشوه به كل طرف خصمه؟
ويردف قائلا: في الحقيقة كلهم متاجرون ولا تهمهم سوى مصالحهم أما مصلحة المواطن أو الموظف فهي في أخر اهتماماتهم.
البطائق السلعية
في يوليو/تموز من العام الحالي ابتكرت حكومة الحوثيين في صنعاء البطائق السلعية لتخفيف معاناة الموظفين إلا أن تلك البطائق كما يقول أحمد لم تحدث فارقا كبيرا وبأن ما يتم شراؤه بها يتم بفارق سعر كبير عن السوق العادي بنسبة قد تصل إلى 20% عوضا عن حصر الشراء من أماكن تجارية محددة تضطر للبقاء في طابور طويل إضافة إلى أن البضاعة التي نأخذها بموجب البطائق السلعية بضاعة رديئة،
مضيفا: “يضطر الموظف إلى بيع بطائقه السلعية بنصف قيمتها لتوفير احتياجات أخرى، الأمر الذي يضاعف من حجم الكارثة. أضف إلى كل هذا أن هناك زملاء من مناطق بعيدة ويكلفهم الأمر أضعاف سعر المواد التي استلموها ببطائقهم السلعية ليوصلوها إلى مناطقهم”.
فقدان الأمل
وعن توقعه لحل ما يعيد المياه إلى مجاريها تأت في إطاره تصريحات ولد الشيخ التي قال فيها أن الأمم المتحدة تسعى لإيجاد حل لرواتب الموظفين، وكذلك تصريحات ممثلة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي والتي قالت إنها ذاهبة إلى الرياض من اجل مناقشة مسألة رواتب الموظفين، رد الأستاذ أحمد بيأس: نسمع كثيرا من هذا الكلام وكان مجديا عند أول أشهر انقطاع مرتباتنا، أما الآن لا تغير شيء هذه التصريحات، ولا أتفاعل معها من أي طرف كانت قادمة.