سقطرى” اليمنية.. نجت من الحرب لكن الطبيعة تحاصرها
رغم أن محافظة سقطرى اليمنية بقيت بعيدة عن آثار الحرب المباشرة، إلا أن الطبيعة تفرض عليها حصارا موسميا، يُعطل حركة الأفراد والبضائع من وإلى هذه الجزيرة، الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية، في المحيط الهندي.
يمن مونيتور/سقطرى/الاناضول
رغم أن محافظة سقطرى اليمنية بقيت بعيدة عن آثار الحرب المباشرة، إلا أن الطبيعة تفرض عليها حصارا موسميا، يُعطل حركة الأفراد والبضائع من وإلى هذه الجزيرة، الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية، في المحيط الهندي.
وسنويا، يشهد أرخبيل سقطرى، الذي يتكون من أربع جزر رئيسية، موسم رياح شديدة، تبدأ في يونيو/ حزيران، وتنتهي في أغسطس/ آب، وتصل سرعتها إلى 50 عقدة.
وترافق هذه الرياح، أمواج عاتية، واضطراب في مياه البحر، تُعطل حركة الملاحة البحرية من وإلى سقطرى، سواء للركاب أو البضائع، بشكل تام.
ومع بدء موسم الرياح، الذي يستمر أربعة أشهر، يكون المجال الجوي هو المنفذ الوحيد لسكان الجزيرة، الذي يفوق تعدادهم 120 ألف نسمة.
لكن هذا الموسم، عطل نفاد وقود الطيران في مطار “سيئون” الدولي، بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد، الرحلة الأسبوعية الوحيدة، كل يوم أحد، من وإلى الجزيرة.
ومع دخول الشهر الثاني للعزلة الطبيعية التي تعيشها سقطرى، تتفاقم معاناة مرضاها، وطلابها في الجامعات اليمنية، ومن قضوا إجارة عيد الفطر مع أهاليهم، ويريدون العودة إلى أعمالهم خارج سقطرى.
وتمتد الأزمة إلى أولئك الذين ينوون أداء فريضة الحج هذا العام.
** جزيرة المحاصرين
في 27 من يونيو/ حزيران الماضي، أعلن مطار “سيئون الدولي” توقف جميع رحلاته، بسبب نفاد وقود الطيران، ورغم وصول شحنة وقود تقدر بـ 144 ألف لتر، مقدمة من السعودية، الخميس الماضي، إلا أن الرحلات لم تستأنف بعد.
وفي تصريح للأناضول، قال وكيل محافظة سقطرى، رمزي محروس، إن “آخر رحلة جوية مدنية من وإلى سقطرى عبر مطار سيئون بحضرموت، كانت في 18 من يونيو/ حزيران الماضي”.
وأضاف المسؤول المحلي “نحن شبه محاصرين (…) البحر مغلق والرحلات الجوية متوفقة”.
وذكر محروس، أن “هناك أكثر من 134 طالب يدرسون خارج سقطرى، في جامعات حضرموت وعدن وصنعاء، لازالوا عالقين داخل الجزيرة، بينما بدأت الاختبارات في بعض الكليات”.
وبشأن توفر البضائع والسلع الغذائية، أشار إلى أنه “مستقر” حاليا، نسبة للاحتياطات التي اتخذتها السلطات المحلية مع التجار، لتوفيرها قبل بدء موسم الرياح.
ولفت إلى أن المرضى الذي يحتاجون إلى معاودة دورية لمستشفيات حضرموت وعدن وصنعاء يعانون، ويعالجون حاليا بالإمكانيات المتاحة في مستشفى خليفة الحكومي بسقطرى.
وفيما صرح بأن الحالات المرضية الصعبة والحرجة يتم تسفيرها إلى الإمارات جوا بدعم من حكومة أبو ظبي، طالب محروس، الرئيس عبد ربه منصور هادي بحل مشكلة التنقل بشكل عاجل.
** مصير مأساوي
سعد محمد الغثناني، وهو طالب من سكان الجزيرة، يدرس في السنة السادسة بكلية الطب، بجامعة حضرموت (حكومية)، أشار إلى أنه وزملاؤه عالقون في الجزيرة، ولا يستطيعون الخروج للدراسة.
وفي إفادته للأناضول، أضاف أنه “تم استئناف الدراسة قبل ثلاثة أسابيع، لكننا لا نزال عالقين” في سقطرى.
وبالنسبة إلى وزير الثروة السمكية اليمني، فهد كفاين، الذي ينتمي إلى محافظة سقطرى، فإن شركة “اليمنية” الحكومية للطيران بإمكانها أن “تنظم رحلات من عدن إلى سقطرى، مرورا بجيبوتي، للتزود بالوقود”.
وفي تعليق بصفحته الرسمية على موقع (فيسبوك)، أضاف الوزير أنه “يتم التواصل حاليا مع مكتب رئيس الحكومة (أحمد عبيد بن دغر) ووزير النقل (مراد الحالمي) وشركة اليمنية للطيران لتنفيذ توجيهات رئيس الوزراء، بسرعة استئناف الرحلات”.
ورأى أن “التأخر لساعات، يعني مصيرا مأساويا لمرضى يفقدون حياتهم، وطلاب يضيع مستقبلهم”.
وفي العاشر من الشهر الجاري، نقلت طائرة عسكرية إماراتية، 180 عالقا، من أبناء سقطرى، من مطار الريان، بمدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، إلى مطار سقطرى.
على أطراف الحرب
وتمتلك سقطرى، التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقاقة (يونسكو)، في يناير/ كانون الثاني الماضي، ضمن قائمة المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية والتنوع النادر، شريطاً ساحليا يبلغ طوله 300 كم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2013، قرر هادي جعل الجزيرة محافظة مستقلة، وعاصمتها مدينة حديبو، بعد أن كانت تتبع إداريا محافظة حضرموت.
وفي ظل الحرب التي تعيشها اليمن، منذ أكثر من عامين ونصف العام، كانت الجزيرة، الغنية بالأشجار النادرة والطيور، بعيدة عن نيران الحرب لكنها لم تسلم من تبعاتها من حين لآخر، مثل تعثر الرحلات الجوية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، غرقت سفينة، قبالة سواحل سقطرى، بعد تحركها من ميناء المكلا بحضرموت، على متنها 60 راكبا، لقي 29 منهم مصرعهم، بينما تم إنقاذ الآخرين.
وكان كثير من ركاب هذه السفينة قد حجزوا للسفر عبر مطار “سيئون” الدولي، إلا أن تأجيل الرحلة أكثر من مرة، جعلهم يضطرون للسفر بحرا.
وحينها، قالت لجنة حكومية، إن “الحمولة الزائدة تقف وراء غرق السفينة”. –