يراهن الحوثيون وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح على الأزمة الخليجية في بقائهم أقوياء وأصحاب حصانة أمام سيناريوهات التحرير التي كانت متوقعة بشكل أكبر قبل حدوث الأزمة. فبينما كانوا يتوقعون خلافاً سعودياً -إماراتياً في المحافظات الجنوبية يؤدي إلى تفكيك التحالف العربي، جاءت الأزمة الخليجية لتحييّ الآمال الحوثية بسرعة التمكين وتحويل السعودية نظرها عن اليمن إلى الاهتمام بقطر، ما يعني حلاً سياسياً يفرغ النظام الحالي (الشرعية) مقابل نظام متداخل وهجين لا يخدم سوى إيران وحدها، لا اليمنيين ولا الخلجيين. يراهن الحوثيون وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح على الأزمة الخليجية في بقائهم أقوياء وأصحاب حصانة أمام سيناريوهات التحرير التي كانت متوقعة بشكل أكبر قبل حدوث الأزمة. فبينما كانوا يتوقعون خلافاً سعودياً -إماراتياً في المحافظات الجنوبية يؤدي إلى تفكيك التحالف العربي، جاءت الأزمة الخليجية لتحييّ الآمال الحوثية بسرعة التمكين وتحويل السعودية نظرها عن اليمن إلى الاهتمام بقطر، ما يعني حلاً سياسياً يفرغ النظام الحالي (الشرعية) مقابل نظام متداخل وهجين لا يخدم سوى إيران وحدها، لا اليمنيين ولا الخلجيين.
على السيّاق تحييّ الأزمة الراهنة الآمال العِظام لإيران أيضاً، وحروبها المنتشرة في المعمورة، بعد أن شعرت بمخاطر وجود التحالف العربي وتحركه في اليمن، من تحرك مماثل في سوريا أو العراق-وإن كان وفق مفاهيم مختلفة- كما أن اختفاء الأصوات عن التحالف الإسلامي يعطيها المزيد المناورة والتنفس، وآمال تتحقق على المدى الطويل.
في الشرق الأوسط هناك ثلاثة محاور، إيران وحلفاءها فيما يصفون أنفسهم بمحور “المقاومة” وضمنهم الحوثيين، -إلى جانب النظام السوري والحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان-في مواجهة محور ما يصف نفسه بالاعتدال “الرياض-أبوظبي-مصر”، ويوجد محور قوي ويتحرك بشكل ناعم وفي الظِل مع تأثيره الكبير قطر-تركيا- الإخوان المسلمون؛ وكان متوقعاً لمواجهة التمدد الإيراني أن يتحالف الخليج مع هذا المحور المؤثر لكن ولسوء التقدير تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن.
تملك الدول الخليجية ولاءات متعددة في سوريا فالدوحة معروفة بدعم مجموعاتٍ مسلحة تواجه الأسد، كما أن الرياض وأبوظبي على ذات الطريقة، إضافة إلى تركيا الدولة المحورية في تجاذبات السياسة الخارجية وتحديداً السورية، فقطر تدعم بشكل كبير عمليات أنقرة ضد “الأكراد” كما تدعم مواجهتها للإرهاب في سوريا وحتى في التحركات التركية تجاه بغداد. ويظهر حصار قطر ليعطي بوصلة تمكين إيرانية بآمال أوسع تحقق تفاهمات خارج السياق الأمريكي الذي ظهر متناقضاً في الأزمة الخليجية الراهنة، حول سوريا والأكراد وحتى في العراق ومواجهة النفوذ الذي تقوده أبوظبي في أفريقيا.
في حال فشلت الجهود الكويتية والعُمانية والأمريكية والدولية في رأب الصدع الخليجي مبكراً، فإن هذه المنطقة التي تمثل الأكثر أمناً في محيط تحركه الفوضى والتمردات ستنفجر دون سابق إنذار وستتدخل أحلاف متداخلة يحركها المال. الأزمة في حد ذاتها تعيد مواجهة التمدد الإيراني في اليمن وأفريقيا إلى نقطة البداية، عندما انطلقت عاصفة الحزم ضد الحوثيين وعندما لم يكن العرب يملكون خياراً لمواجهة هذا التمدد.
هذه الأزمة ستحفر في جسد شبه الجزيرة العربية أعمق مما يتحدث في الإعلام، فالموضوع يتعلق بالثقة ومخاوف من معاملة بالمثل، ولن يكون الخليج العربي كما كان. فبالرغم من أن مؤيدي فرض العقوبات على الدوحة وحصارها على تلك الطريقة بتجاوز القوانين التي قام من أجلها الاتحاد الكونفدرالي لدول مجلس التعاون الخليجي، ويقولون إنها تعبر عن نظرية واقعية سياسية في العلاقات الدَّولية، مع أن النظرية وممارساتها بريئة من التمثيل، إلا أنهم يلتقون بأن تلك المطالب الـ13 لم يسبق أن حدثت في اتحاد مماثل طوال التاريخ، إلا خلال الحروب القبلية المتناحرة للحصول على مناطق الرعي مع بعض المحظورات، وطوال 70 عاماً لم يحدث أن تم سحب سفراء داخل الاتحاد الأوروبي رغم التباينات في سياسات الدول الخارجية.
لذلك فإن أثر هذه الأزمة حتى وإن عادت العلاقات والمياه لمجاريها، فإن إيران ستحقق مكاسب اتباعاً على المدى الطويل، بخليج تهزه الثقة وميليشيات مسلحة باقية داخل شبه الجزيرة العربية، وكلما طالت الأزمة كلما كانت المكاسب أكبر لإيران، وكلما زادت الأزمة راهن الحوثيون أكثر على تحقيق المكاسب المأمولة باتفاق يخرج التحالف بماء الوجه، بعد أن كنا نتحدث عن انهيار سريع للحوثيين بعملية عسكرية واحدة لتحرير الحديدة، أما الآن فالتعويل أكثر على تمزق أكبر داخل جسد دول مجلس التعاون، وهذا الأمر الأكثر سوءً علينا كيمنيين، بداخلنا مناجم من الأزمات والفوضى أملنا بجوار مستقر لحل تلك المشاكل فإذا بِه يفجعنا بأزمات داخله.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.