تعز.. لقد اعتراني الشوق لك ولأهلك الطيبين، خرجت منك على أمل أن أعود مسرعة، هو بعض الوقت سأقضيه بعيدةً عنك وعن ناسك الكرماء، وها هو الوقت قد حان لرؤيتك والعيش فيك، خرجت أحمل حقيبتي راحلةً إليك.. في رحلة شاقة ومتعبة يخالطها التعب والأرق والازدحام الشديد داخل آلة السير.
تعز.. لقد اعتراني الشوق لك ولأهلك الطيبين، خرجت منك على أمل أن أعود مسرعة، هو بعض الوقت سأقضيه بعيدةً عنك وعن ناسك الكرماء، وها هو الوقت قد حان لرؤيتك والعيش فيك، خرجت أحمل حقيبتي راحلةً إليك.. في رحلة شاقة ومتعبة يخالطها التعب والأرق والازدحام الشديد داخل آلة السير.
يهاتفني الشوق إليك، فأعزف عن كل فكرٍ آخر إلا فكرك.. لم أنم، فقد أنزلت الزجاج وبت أترقب الطريق من حولي وهذه هي عادتي في كل سفر ورحلة، ولكن هذه الرحلة كانت مختلفةً تماماً عن الرحلات التي كنت أقضيها قبل أعوام من الآن؛ لم أجد إنارات الشوارع التي كانت تسعدني بضوئها الوضاح طوال الطريق، ولم ألق السكينة التي كانت تغمرني والناسَ من حولي، هناك تغير شاسع وجدته أيتها الحبيبة، لكن ما لفتني وشدّ انتباهي، وضايقني كثيراً هو وجود النقاط الكثيرة والمكثفة (نقاط التفتيش)!
مُذ خرجنا من صنعاء، مع سائق رائع ذي ثقافة وعلم، ونحن نقابل وتواجهنا نقاط تفتيش كثيرة، كان السائق يقوم بإعطاء مبلغاً من النقود لكل نقطة، كنت أود بل أتمنى أن أعرف المبلغ الذي يعطيه السائق لا لشيء ولكن لأعرف هل السائق يستفيد بذهابه وإيابه من صنعاء وإليها؟ أم أن الفائدة التي يحصل عليها تأخذها نقاط التفتيش وينتهي الأمر؟ خصوصاً مع كثرتها!
والحقيقة أني لم أدرِ كم المبلغ، لكني سمعت رجلاً في إحدى النقاط يقول -رافضاً المبلغ الذي أُعطيه من قبل السائق- ادي ألف وخمس”. دارت أفكارٌ غريبة في رأسي وتسأؤلات كثيرة، تراه يخاف منهم إلى هذه الدرجة؟
لماذا لم يرفضْ حتى لمرةٍ واحدة أن يدفع، أو يتجاوز نقطة واحدة دون دفع؟
أما الذي حيرني أكثر هو جرأتهم على الأخذ. والتفتيش دون احترام للنساء اللاتي قد غفون من شدة التعب، لم أعهد هذا قط!
ليس العجيب هنا، وإنما في الكلام الموجه للسائق المليئ بالتضجر والعلو، والشك الكبير في السائق والراكبين معه.
تفاجأت كثيراً حينما قابلنا أحدهم يريد أخذ البطائق -أنا أجزم أنه لا يجيد القراءة قط- تحسس البطائق وردها بعد أخذ المبلغ، كان ذلك يضايقني كثيراً والراكبين، فما بالكم بالسائق المتعب؟
وقتها اعتدت على المرور على نقاط كثيرة والوقوف أمام كل نقطة لفترة وجيزة؛ حيث أن الفرق بين نقطة وأخرى كبيرٌ نوعاً ما، لكن عند دخولنا مدينة تعز -المدينة الحالمة- تغير الوضع؛ كانت النقاط كثيرة للغاية تكاد تفصل بين النقطة والأخرى الأمتار القليلة، ثم إن لهجتهم مختلفةٌ تماماً وأسلوبهم قاسٍ للغاية، كثرت الأسئلة وكثر أخذ البطائق وفتح السيارة والتفتيش فيها دون حرج أورادع احترام يصدهم، ولا أدري هل السائق يعطيهم مبالغ مضاعفة عند وصوله الحالمة؟ هذا ما كنت أود أن أعرف!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.