ليس معقولاً أن الأنمطة الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والسياسية والعلمية والتربوية التي كانت سائدة قبل 1400 سنة مثلا، تستمر قائمة هي ذاتها إلى اليوم. ثم مافيش حاجة في القرآن اسمها عصمة وقداسة لصحابة أو لعلماء أو لآل بيت.
ليس معقولاً أن الأنمطة الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والسياسية والعلمية والتربوية التي كانت سائدة قبل 1400 سنة مثلا، تستمر قائمة هي ذاتها إلى اليوم. ثم مافيش حاجة في القرآن اسمها عصمة وقداسة لصحابة أو لعلماء أو لآل بيت.. هم مجرد بشر وتصرفاتهم واجتهاداتهم قابلة للنقاش وللنقد كما للخطأ وللصواب.
وأما من يقولون بالعصمة والقداسة لأي شخص أو لسلالة أو لقبيلة أو لفئة معينة، فإن غايتهم استعباد البشر للبشر، عبر فرض وعي أحادي وتصورات مغلقة عن انمطة الحياة، وكأنها الدين، فضلاً عن إغفال التطور التاريخي ومتغيرات مشاكل الإنسانية، ضمن متغيرات الزمان والمكان وتفضيلهم البقاء في الركود والجمود فقط، مع الإكتفاء بما قاله السلف وعدم الإتيان بأي تفكير جديد. ثم من قال إن النبوة أصلاً بمثابة ملك متناسل كما يرى الشيعة، أو أن مهمة شيوخ السنة التحريض على القتل والتكفير والترهيب، مع أن الإسلام بحسب القرآن الكريم دين حرية وإختيار وليس دين إكراه أو إجبار. كما أن الله يحصر عقوبة الكافرين به وحده سبحانه وتعالى ولم يجعلها من مهام أي فرد.
والأهم من هذا كله هل كانت الصراعات السلطوية الدموية التي حصلت بين الصحابة ثم بين التابعين الذين انقسموا فيما بينهم لعدة أسباب وتناقضات من صنع الإسلام مثلاً أم من صنع نزعتهم البشرية الطبيعية؟!
لكن (تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون).
والمؤسف أننا بقينا بسبب الفقهاء غير المجددين داخل تلك المرحلة ذهنياً ونفسياً ولم ندخل اللحظة المعاصرة بعد.
بينما على الجميع عدم نسيان (بالتي هي أحسن)، و(بالموعظة الحسنة).
وكذلك (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنّ اللّهَ لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ).
وكذلك (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد).
وكذا (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) .
وكذا (يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا. هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور)!
وكذا (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتهم منهم مودة، والله قدير، والله غفور رحيم).
وكذا (وأمرهم شورى بينهم) و(وشاورهم في الأمر).
وكذا (لا إكراه في الدين).
و(وقد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها، وما أنا عليكم بحفيظ).
و(ولو شاء الله ما أشركوا، وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيل).
و(ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين، وكان الله بكل شيء عليماً).
و (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
أخيراً تبنى الدولة وفق عقد متوافق عليه ولنأخذ دستور المدينة كمثال، ولنستذكر دستور الرسول ايضاً مع نصارى نجران تلك الوثيقة المدنية الراقية.
فالدولة هي التي تنظم حدود الأفراد، واختصاصات الدولة لاتصنع التمييز، وليس هناك هوية دينية للدولة لأنها ليست شخصاً وإنما هي فكرة وقيمة لحماية التعدد والتنوع داخل المجتمع، كما لصون حريات الأفراد وحقوقهم وفق قوانين يحترمها جميع مواطني الدولة مهما كانت عقائدهم واعراقهم. ثم إن الدين شأن شخصي لمعتنقه لا ينبغي له أن يفرضه بالقوة على الآخرين أو أن يفرض عليه الآخرون دينهم.. وهكذا: لا يحق لأحد، ادعاء الوصاية الفكرية والسياسية والدينية على الناس، بينما الضرائب هي القاسم المشترك لجميع أفراد المجتمع، مع إحترامهم لعقائد بعضهم، وبما لا يصنع استبداد فئة ضد فئة، فضلا عن احترامهم لقوانين الدولة العادلة التي تم التوافق و الاستفتاء عليها كمظلة للجميع.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.