القاعدة العامة فى مرتكب الخطأ والجريمة انه يبرر لفعلته أمام نفسه وأمام الناس، ويتخذ أكثر من طريقة لذلك؛ فأحياناً بالتصريح وبالتلميح أحايين اخرى، ولا يمتلك الجرأة لمواجهة خطأه ليقوم بأصلاحه ويعتذر بعد أن يعترف بذلك فيستمر بالعناد ويحاول التبرير.
قلت بصلح حنفية الماء لانها تقطر، أصبحت عاطلة وعلى أساس سأفكها فكسرت الماصورة حقها وإذا بالحنفية بيدي، والماء يسيل للأرض، وانني في حنبة والكارثة الآن أشد من أول، وبدل ما كانت الحنفية تقطر، الآن الماصورة بكلها تسيل؛ وأقول في نفسي ياليت وأبقيت الحنفية تقطر كما كانت، قمت ربطت الماصورة بقطعة قماش، كان ذلك حل، لكنه حل مؤقت فقط، لأنه بعد ساعتين وان الماصورة تقطر أكثر ولابد من حنفية جديدة وغراء وتثبيتها.
الحلول الترقيعية لا تنفع وإنما تضاعف الخسائر، والندم على فعل الخطأ وحسب ليس حلا إذا لم يتبعه محاولة اصلاحه.
بعد فعلتي هذه جلست وان بطارية التلفون على وشك النفاد، والشاحن من النوع الذي لازم تتفنن بهدوء في وضعه في مكان الشحن وأنا افعل ذلك إلا واسمع قرحة خفيفة وريحة حريقة واكتشف انه الشاحن احترق.
شاشة التلفزيون احيانا تشوش ونفسي تدفعني لاصلاحها وأقول شكلها بعد الشاحن، ومتردد في ذلك، ونفس الوقت اشتي اثبت انني لست فاشلاً وانما هو الحظ. فأبرر لنفسي.. الحنفية أصلاً كانت معطلة والشاحن بالأصل خربان، ولست أنا السبب الرئيس.
يجد الانسان نفسه غالباً بحاجة إلى ايجاد تبريرات تدفع عنه ارتكابه للخطأ.
القاعدة العامة فى مرتكب الخطأ والجريمة انه يبرر لفعلته أمام نفسه وأمام الناس، ويتخذ أكثر من طريقة لذلك؛ فأحياناً بالتصريح وبالتلميح أحايين اخرى، ولا يمتلك الجرأة لمواجهة خطأه ليقوم بأصلاحه ويعتذر بعد أن يعترف بذلك فيستمر بالعناد ويحاول التبرير.
ربما ذلك إسكات لإلحاح بقايا نفسه اللوامة، وربما انه مدفوع برغبة فطرية فى الظهور أمام من حوله وأمام الآخرين مستور العورات؟
لا يوجد انسان لا يخطأ لكن نادراً من يعترف بخطأه ويحاول تدارك ما يمكن واصلاح نتيجة ذلك وهذا هو الانسان السوي.
إخوة يوسف قبل أن يرتكبوا جريمتهم برروا لأنفسهم جريمتهم الشعناء، فقاموا بإلقاء لائمة حقدهم وحسدهم على أبيهم ثم أوجدوا لأنفسهم حجة تدفعهم لتلك الجريمة، فقالوا فيما بينهم إن اباهم هو المخطئ بتفضيل أخيهم يوسف عليهم قالوا (إن أبانا لفى ضلال مبين).. كانت هذه حجتهم التي من خلالها برروا خطف وقتل اخوهم ..!
حجج واهية تصل بالمرء إلى أن يقتل أخيه، وهذا أولاً يعود إلى اعوجاج الفطرة السليمة.
بعد تبريرهم لارتكابهم تلك الجريمة قاموا بتزيين عاقبتها قبل ارتكابها لكي يدفعهم ذلك الى الجريمة فقالوا (يخل لكم وجه أبيكم)، ولخوفهم من نتيجة ذلك تواصوا فيما بينهم بالتوبة بعد ذلك وانهم سيلتزمون الصلاح فقالوا: (وتكونوا من بعده قوما صالحين).
بعد ذلك عندما قابلوا يوسف وهم لا يعرفون أنه يوسف عندما اتهم أخاهم بالسرقة، لم يحاولوا الدفاع عنه بل ولم يفكروا حتى بذلك، ومن دون تفكير نفوا عن انفسهم التهمه، صغير في السن كيف له أن يسرق وفي أرض غريبة وهم يعرفون حقيقة ذلك، وأنه الاخ العفيف الذي لا يمكن أن يفعلها (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل)، فلم يكتفوا بجريمة محاولة قتل يوسف بل اتهموه بالسرقة واخوه ايضا، وهم الذين اقدموا على ما هو أبشع من ذلك بجريمة قتل واضاعة ابن من ابيه.
مهما كان الكذب جميلاً، ومهما كان قناع مرتكب الجرم خادعاً إلا أن الزمن كفيل بفضح ذلك..
الزمن كفيل بكشف كل زيف واظهار الحقيقة.
كل شيء يحتاج إلى زمن
الحب يحتاج إلى زمن من الألفة والمصاحبة، الشفاء من الم الحب نفسه ايضا يحتاج إلى زمن، الزمن هو الداء وهو الدواء.
تجاوز الآلام يحتاج إلى زمن، تخفيف وجع الفقد لقريب أو صديق يحتاج إلى زمن، معرفة ذاتك وطريقك يحتاج إلى زمن، بناء الأوطان وصناعة السلام يحتاج إلى زمن، وكسري للحنفية احتاج إلى زمن، حرقي للشاحن كان له زمن ومحاولة تبريري لفعلتي تلك احتاج إلى زمن.
وكتابة هذا الكلام احتاج إلى زمن..
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.