وإذا كانت تلك التشكيلات التكفيرية الارهابية قد بَدَتْ في حالة كُمُون أو بيات -في بعض الفترات- كما حدث خلال فعاليات خليجي 20 ، بأوامر رئاسية حينها.. فاِنها تعود وتنشط في أية لحظة، بمجرد صدور الأوامر ذاتها من المصدر ذاته.. وهو ما حدث بالضبط بعد “غزوة” عدن الثانية في 2015.
بعد “غزوة ” عدن الأولى في 1994 التي نفّذتها ترويكا (عفاش – هادي – الزنداني) اجتاحت أشباح الظلام قلعة التنوير، طاردةً أسراب الحمام وجالبةً غربان الشؤم. وتحوَّلت عدن تدريجياً، منذ ذلك الحين، إلى حاضنة للارهاب وفقَّاسة للتكفير. وتسلَّلت المفاهيم والتعاليم الظلامية من ثنايا الكتب والملازم والمنشورات السريَّة الى تلافيف الواقع حتى استقرت في قلب المجتمع وفي قاعه حيث كل شيء صار قابلاً للاشتعال أو الانفجار.
كانت تبعات تلك الهجمة الغاشمة تتنامى شيئاً فشيئاً وتستشري يوماً اثر يوم، فارتفعت منابر الفتوى الجاهلية، وشُحِذت سكاكين القتل، وصارت الأفكار المتحررة والمتنورة وأصحابها في القائمة السوداء التي أعدَّتها عمائم الفتوى ونفَّذتها خناجر الارهاب، وتوَّغلت ولا زالت تنظيمات وتكوينات عِصابية تناسخت بصورة سرطانية، وقد بَدَتْ منذ الوهلة الأولى أنها كانت كامنة في عرين الغول منذ زمن، حتى حانت ساعة الصفر القاتل!
وإذا كانت تلك التشكيلات التكفيرية الارهابية قد بَدَتْ في حالة كُمُون أو بيات -في بعض الفترات- كما حدث خلال فعاليات خليجي 20 ، بأوامر رئاسية حينها.. فاِنها تعود وتنشط في أية لحظة، بمجرد صدور الأوامر ذاتها من المصدر ذاته.. وهو ما حدث بالضبط بعد “غزوة” عدن الثانية في 2015.
لقد التقت حلقة الجامع، بسلاح الثكنة، بالمنهج المدرسي، بمايكروفون المنبر، بالغرفة المغلقة.. وفي لمح البصر وعمى البصيرة: تطوَّقت مدينة الحب والخير والسلام بأسوار الشوك والنار والدم.. وصارت عباءة الدين شوالة ديناميت! .. وفي أتون هذا المشهد الظلامي الدموي: راح أطراف الترويكا المثلثة، كلٌّ يبذل ما في وسعه وفي نطاق عصابته، لضرب قلعة التنوير بكل ما أُوتوا من حقد هيستيري.
بدا واضحاً تورُّط هادي مع هذا النوع من التشكيلات الظلامية الدموية اثر فراره من صنعاء إلى عدن في فبراير 2015.. وقد كانت جماعة عبداللطيف السيد تسرح وتمرح حينها في الشارع الذي يقع فيه مسكني وفي كل شوارع المدينة.. لكنها فرَّت كالجرذان -خلف رئيسها الذي جَلَبَها من جبال وأقبية أبين وشبوة- بمجرد اقتراب قوات الحوثي صالح من أبواب المدينة، بعد أن خطفت وقتلت أخي النبيل محمد سيف مقبل الضابط القيادي في جهاز الأمن السياسي وعدد غير معروف من خيرة شباب عدن قبل أن تأتي ميليشيات “المسيرة” لتُكمل المسيرة!
كما بدا واضحاً تورُّط الزنداني مع هذه التكوينات السوداء في كل مرة كانت تقتل فيها الـ”درونز” بعضاً من عناصر تلك التكوينات، فاِذا به يستشيط غضباً، غيرةً على سيادة اليمن وسلامة اليمنيين! ، عدا المرات التي كان يسعى جاهداً لعقد صفقة هدنة أو مصالحة بين حكومة صالح حينها والارهابيين، منذ ظهور جيش عدن أبين إلى العلن لأول مرة.
أما عفاش فقد تكشَّفت علاقته بهذه التنظيمات وقدرته على “كَنْتَرَتْها” -بحِرْفيَّة عالية وسطوة شديدة- منذ ما قبل حرب صيف 1994 وخلالها وبعدها، وإلى هذه اللحظة ربما. إنه سيّد أرضها ومالك زمامها.
غير أن دول التحالف -لاسيما الامارات والسعودية- دخلت هي الأخرى إلى جانب هذه الترويكا في مضمار اللعب بورقة التشكيلات العصابية القابضة على منبر الفتوى والخطاب الديني باليسرى وسلاح الاغتيال باليمنى (وهابية وسلفية).
اجتمع الانقلاب والارهاب على أرض اليمن اليوم..
وباتت الجميلة عدن في قبضة الشيطان..
واِذْ تسقط عدن في هذه القبضة، فليس اليمن وحدها ستؤول إلى يبابٍ أكيد!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.