كتابات خاصة

الحاجة إلى لينكولن يمني!

فتحي أبو النصر

كان لينكولن يقول ذلك في وجه سفلة حزبه الراديكاليين المتطرفين، الذين يطالبون بمعاملة أقسى وقوانين أكثر صرامة، لا بوعي السلام والصدق مع النفس حيث أثبت التاريخ انه العلاج الأنجع لمشكلة المجتمع الأمريكي حينها.

“بإمكانك أن تخدع بعض الناس كل الوقت
وأن تخدع كل الناس بعض الوقت
ولكن يستحيل أن تخدع كل الناس كل الوقت”.
هذا ما قاله لينكولن في مؤتمر السلام خلال الحرب الأهلية الأمريكية، قبل أن يطلق إعلان تحرير العبيد، وبذلك جعل إلغاء الرق في الولايات المتمردة هدفاً عسكرياً، وغايته استمرار الإتحاد بالنسبة للأمة الامريكية التي كانت منفصلة في أجزاء واسعة.
كان يقول ذلك في وجه سفلة حزبه الراديكاليين المتطرفين، الذين يطالبون بمعاملة أقسى وقوانين أكثر صرامة، لا بوعي السلام والصدق مع النفس حيث أثبت التاريخ انه العلاج الأنجع لمشكلة المجتمع الأمريكي حينها.
كان لينكولن يسمي أولئك جماعة الرؤوس النحاسية. كان له نظرة وسطية عادلة غايتها إعادة توحيد الأمة الأمريكية من خلال قانون المصالحة ودحر الانقسام المر الذي أحدثته الحرب، الأمر الذي تطور إلى إعلان مراكز القوى والهيمنة في عدة ولايات يرفضون هذا التوجه إلى إعلان الولايات الكونفدرالية الأمريكية.
كان الرجل ضد قانون كنساس الذي يعلن التفرقة، وبرأيه فإنه يبث الحماس لنشر الإستعباد، ولا يسعه إلا أن يكرهه كما قال.. في حين ليس من خلاص برأيه سوى عبر المساواة والحكم الديموقراطي الذاتي كما ورد في إعلان الإستقلال.
لذلك أنهى أول خطاب له باعتباره الرئيس الأمريكي السادس عشر بنداء لشعب الجنوب قائلاً:
“نحن لسنا أعداء بل أصدقاء، ولا ينبغي لنا أن نكون أعداء.. تمد الذكرى أوتارها الخفية من كلِ ساحة معركة ومن كل ضريحٍ لشهداء الوطن، إلى كل القلوب التي تنبض بالحياة وإلى كل بيت ينعم بدفء العائلة في جميع أنحاء هذه الأرض الواسعة، وحينما تُثار تلك الذكريات من جديد سيزيد التأييد لقرار الاتحاد، وسيكون الدافع حينها الجانب الخيّر في طبيعتنا”.
رجل عظيم.. كابراهام لنكولن أعاد توحيد أمريكا وأنهى التمييز للأبد.
وفيما كانت تجليات دهاءه ووطنيته تكمن في استخدام العبيد السابقين في الجيش كسياسة حكومية رسمية بعد صدور إعلان التحرير كان على الأقل الجندي الأسود يقاتل في صف الإتحاد كحر.. بينما يقاتل في صف الإنفصال كعبد!
فلقد “عرف لينكولن الحرب بأنها جهد مكرس لمبادئ الحرية والمساواة للجميع. وتحرير العبيد أصبح جزء من جهد الحرب الوطني. وأعلن أن وفاة هذا العدد الكبير من الجنود الشجعان لن يذهب سدى، وأن الرق سينتهي كنتيجة للخسائر، وأن مستقبل الديمقراطية سيكون مؤكد.. لأن “حكومة الشعب، من الشعب، وللشعب، لن تفنى في هذه الأرض”. بينما خلص إلى أن الحرب الأهلية كان لها هدف عميق: ولادة جديدة للحرية في الأمة”.
هكذا انتصر لنكولن.. وهكذا نجت الولايات المتحدة الأمريكية في واحدة من أسوأ وأحرج منعطفاتها!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى