كتابات خاصة

نحن لا نحب الانتظار

عبدالرحمن الظفري

وانت تدقق في معنى للانتظار، لا يمكن أن تجد له معنى حقيقي إلا إذا حاولت أن تفكر في تفاصيل يومك الروتيني الممل في بلد مثل اليمن ، عندما تتمعن في كل ما تقوم به في حياتك اليومية.

وانت تدقق في معنى للانتظار، لا يمكن أن تجد له معنى حقيقي إلا إذا حاولت أن تفكر في تفاصيل يومك الروتيني الممل في بلد مثل اليمن ، عندما تتمعن في كل ما تقوم به في حياتك اليومية.
عندها سيتضح لك فعلا أنك أمام معنى مفهوم الانتظار في بلد ينتظر إعانات من الخارج ليسد بها احتياجات النخبة الحاكمة على حساب الشعب المغلوب..
في بلد المواطن فيه ينتظر انتهاء يومه ، وما اسوأه من حال أن يكون الانسان مجرد واقف في مكانه يصبح انتهاء اليوم انجاز لديه، وكأنه يريد تسارع الأيام لتنتهي حياته.
عندما تنتظر كموظف متى سيتم صرف الراتب تنتظر شهر بعد آخر لأشهر وانت تنتظر ، عندما تنتظر ايقاف الحرب او حل للسلام، أو عندما تنتظر فرصتك في طابور طويل لتعبئة سيارتك بالبنزين أو عندما تنتظر ممرضا أو طبيبا، أو عندما تنتظر أمام باب الكليات من أجل مقعد او عندما تنتظر لاشهر عدة لاجل حصولك على شهادتك الجامعية بعد تخرجك أو تنتظر عمرا طويلا من أجل عمل بعد ان نسيت حتى ماهو تخصصك.. أو عندما ترمق أسرا بكاملها في الشارع تنتظر لأجل حصولها على وجبة غداء وانتظارها حتى يرمي صاحب تلك الفلة الجميلة مخلفات الاكل لعلها تحصل على قليل من بقايا هذه المخلفات.. أو عندما ينتظر المريض من على سرير احد المستشفيات الحكومية الموت بعد اهمالة والاهتمام به فقط ليتناول جرعات الأدوية المهربة.. أو عندما تنتظر وصول قريبا لك من السفر او عندما تنتظر الافراج عن اخوك، أو عندما تنتظر خبر سيء..
هذه المكونات الصغيرة لمعنى الانتظار تجد لها مفاهيم أوسع وأدق عندما ينتابك إحساس غريب أشبه بانتظارك لرصاصة ستخترق قريبا جمجمتك وتستقر في الجانب الأخر من المشهد خصوصا لما تحاول التفكير بأنك ستنتظر مزيدا ومزيدا من الوقت .
إن السيء في عملية الانتظار هذه هو أنك تجلس أمام شاشتك الصغيرة وتنتظر رئيس الجمهورية وهو يتكلم ويمطرك سيادة الرئيس بكثير من التبريرات والوعود لمصلحة الوطن والتوعد والوعيد وانت تنتظر تصريح لصرف المرتبات ،وانت تتهيا لتغيير تلك القنوات العقيمة ينظر إليك الرئيس ووجهه يتصبب عرقا ربما من شدة المبالغة والكذب ويقول إن عجلة التغيير تسير إلى الأمام وان الامور تتجه للأفضل وانت في ذلك الحين تنتظر رد صديقك الذي ارسلت له بان يدبر لك حق عشاء اولادك.
سنوات من العزلة والانتظار لنخبة لديها “ساقان جيدتان لكن لا تتعلم أبدا كيف تسير بهما إلى الأمام
سنوات من الانتظار الكبير، تعني أن تجبر على سماع تبريرات النخب السياسية عن صعوبة المرحلة وأرث النظام السابق والمؤامرة الدولية
انتظرنا كثيرا من المبادرة الخليجية ثم انتظرنا  من الانتظار الكبير لمخرجات الحوار والآن في انتظار انتهاء الحرب الذي يبدوا انهاء ستطول وأن المرتبات والحصول عليها امرا صعبا ولا جديد في الانتظار سوى التبول علينا من أعلى القبة.. نحن الآن أشبه بطوفان نوح، زحف على الأخضر واليابس وتركنا ننتظر على الحصير بلا سفينة ولا مركب.. أن مأساة العالم الذي نعيش فيه تكمن في أن السلطه كثيرا ما تستقر في أيدي العاجزين كما قال برنارد شو.
الى متى سننتظر؟ وماذا ننتظر؟!!
هل ننتظر حتى “نتصدأ” كقطعة حديد بعد القائنا في ماء عكر، أو ننتظر حتى يتم وضعنا في اكياس والقائنا بين الكلاب الضالة لتهشم ما تبقى من لحومنا الطرية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى