لا أحد يملك قليل من العقل والمنطق يبرر احراق مقر حزب الاصلاح بعدن بل الحرص على هذا الوطن ومستقبله يقتضي أن ينهض الناس ويقيموا الدنيا حتى يعروا هذه الجريمة ليس من أجل عيون الاصلاح كأشخاص أو أفراد أو قادة بل من أجل الاصلاح كعنوان للحياة المدنية ونافذة يكافح فيها الضوء ليبقى هادياً لمستقبل كريم وآمن يعلي من شأن الانسان وحريته ويحافظ على منجزات الأجيال اليمنية والعربية التي ناضلت وضحت من أجل اليمن من الجزائري الفضيل الورتلاني إلى العراقي جمال جميل إلى قادة الثورة والفكر النعمان والزبيري وباذيب والبيحاني وجار الله عمر وعبد محمد المخلافي وعبد القادر سعيد وعيسى محمد سيف وكل العمالقة العظام وفي المقدمة الجيل البطل جيل 11 فبراير ورجال المقاومة وشبابها الذين يسكبون دمائهم من أجل دولة تحترم المواطن وحقوقه السياسية وتنشد مجتمع مدني قوامه الأحزاب والحزبية كوسيلة للدولة الحديثة التي تقيم العدل وتعمل من أجل المواطنة المتساوية والتنافس السياسي كأساس للحكم بدلاً من الغلبة (وقراح الروؤس) على مدار التاريخ اليمني الغارق في الدم والظلام تحت قوائم الكرسي وحوافر الحاكم.
ما يجري لحزب الاصلاح منذ الانقلاب الأسود تحديدا يقدم شهادة لهذا الحزب اليمني العريق ويجعل اليمنيين على اختلاف مشاربهم أشد حرصاً على هذا (الاصلاح) كجوهر سياسي ومنجز وطني قائم قبل أن يكون عنوان حزبي في دفتر التعددية السياسية..
يتسائل الناس لماذ يجتمع على الاصلاح بلاطجة الجن والانس ومتطرفي الشرق والغرب والشمال والجنوب والمليشيات المتناقضة والعصابات والرباح والثعالب وقطاع الطرق سؤال يلقي جواباً لدى أقرب نقطة نور وأول دائرة منطق:
انهم يرون في الاصلاح عنوان متجذر وقاعدة متينة للمشروع الوطني مشروع اليمن الكبير ودولته المدنية وبه يستهدفون الاستقرار السياسي والحزبية والأحزاب التي رغم كل المآخذ فلا بديل لها عند الشعوب التي تنشد التقدم والاستقرار والذي يبدأ بحل اشكالية الحكم ووضع حد للتناحر تحت ذيل بغلة السلطان وهذا بدوره لن يأتي بتدوير العنف وتقديم العصابات وزرع زعماء حرب وإنما بفرض خيار الشعب ولغة التنافس السياسي بدلاً عن العرقية والقروية والاعتماد على الجهل و(العيفطة) وبيع الفوضى وترسيخ اللادولة والحفاظ على سوق السمسرة و(دكة) البيع والشراء بالأوطان.
ما جرى يتعدى مجرد احراق لأثاث ولوحة حزب سياسي، فالنار التي اشتعلت في مقر الاصلاح بعدن تطايرت إلى كل بيت يمني واستهدف فيها التاريخ والحاضر والمستقبل وتحديداً الاستقرار السياسي ومسيرة الحوار الوطني المتراكم عبر اعمار الأجيال المتعاقبة ونضالاتها المتتابعة والتي حطت رحالها منهكة متعبة في موتمر الحوار الوطني ومخرجاته وكلها أمل لا يخيب بمستقبل آمن وكريم.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.