“بيان التفويض”.. انقلاب في عدن على “هادي” ضمن استعدادات دخول الجحيم
أُعلن في العاصمة اليمنية المؤقتة “عدن” جنوبي البلاد، عن “تفويض” محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، بإعلان قيادة سياسية وطنية (برئاسته) لتتولى “إدارة وتمثيل وقيادة الجنوب”. يمن مونيتور/ عدن/ تقدير موقف
أُُعلن في العاصمة اليمنية المؤقتة “عدن” جنوبي البلاد، عن “تفويض” محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، بإعلان قيادة سياسية وطنية (برئاسته) لتتولى “إدارة وتمثيل وقيادة الجنوب”.
يعود هذا “التفويض” الذي تم إعلانه اليوم الخميس بعد مظاهرات في “عدن”، لجملة من الأسباب التي تحدث عنها “بيان عدن التاريخي” والتي تشير أبرزها إلى “إقالة الزبيدي وهاني بن بريك (وزير الدولة) من مناصبيهما”.
ولم يصدر عن الحكومة اليمنية أي رد فعل بعد على هذه المظاهرات.
يُظّهر البيان مرحلة جديدة لإعلان الدولة الشطرية والانقلاب على السلطة والحكومة المعترف بها دولياً الممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر وهما “جنوبيان”، ويخّول البيان “الزبيدي” بتنفيذ بنوده كونه يملك “القوة القانونية للنفاذ المستمدة من الإرادة الشعبية الجنوبية”. كما أن البيان يعطي “الزبيدي” (كامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات لتنفيذ بنود هذا الإعلان).
في لافتة واضحة حملها المتظاهرون اليوم الخميس في ساحة العروض تظهر عبارة “لا أقاليم.. كلنا مع القائد عيدروس الزبيدي ومشروع التحرير والاستقلال” تحوطه أعلام اليمن الجنوبي (أعلام التشطير) وأعلام دولة الإمارات العربية المتحدة وصور لـ”الزبيدي”، ما ينفيّ أن التحركات المدعومة تبحث عن إقليم “عدن” كما حدث في حضرموت بطلب قيام المحافظة كأقليم.
ويعتقد مراقبون بأن هذه المظاهرات ضربة لسياسة هادي والمملكة العربية السعودية ومساعيهما للإبقاء على التحالف قويا في الحرب، وعوضاً عن كونها استهدافاً لقرارات سيادية فقد جرت هذه المظاهرات في مدينة عدن، العاصمة السابقة لليمن الجنوبي قبل الوحدة، وهي المدينة ذاتها التي اتخذ منها هادي عاصمة لحكومته، بعد سيطرة الحوثيين وحلفائهم على العاصمة صنعاء.
حسب لغة البيان فإن هناك مصادرة واضحة لإرادة اليمنيين في المحافظات الجنوبية بالحديث عنها دون أن تستند هذه الإرادة إلى استفتاء شعبي أمام قضايا مصيرية، كما أنه انقلاب واضح على شرعية الرئيس اليمني وإهانة بالغة لمن سيقفون مع “الزبيدي” في المجلس -المزمع-إذ تم مصادرة القرارات إلى يديه بصفته “رئيساً” -دون مشاورة أحد- كما أنه يلغي أي إجراءات جديدة من قبل المجلس بتفويض “الزبيدي” بكل الصلاحيات.
“التفويض” يستهدف القضية الجنوبية ويحولها إلى أزمة سياسية تخص أشخاص بمجرد معالجة أوضاعهم تنتهي القضية وهذا ليس حقيقياً، وينّهي مشروع الدولة الاتحادية التي اتفق فيها جميع اليمنيين بمن فيهم الحراك الجنوبي على معالجة صحيحة للقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني. ويلتقي “المشروع” الجديد مع “الحوثيين” والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح برفض “الدولة الاتحادية”.
لا يملك الرئيس اليمني القوة الكافية لرّدع تحركات “الزبيدي” و “بن بريك” إذ أن الجيش الوطني يقاتل الحوثيين في أكثر من (22جبهة) داخل البلاد، فيما يملكان جيشاً خاصاً دربته وتدفع رواتبه دولة الإمارات الشريك الثاني الأبرز بعد المملكة العربية السعودية في التحالف الذي تقوده الأخيرة لمواجهة المسلحين الحوثيين. ويبدو أن الرجلان يستندان إلى موقف إماراتي يخصهما ويخص المشروع الذي يحملانه، فقد جاءت تحركاتهما بعد زيارة وفد أمني رفيع المستوى من أبوظبي للقائهما في عدن-حسبما أفادت إذاعة مونت كارلو الفرنسية الدّولية هذا الأسبوع.
تشير مجلة أكنوميست البريطانية إلى أن معظم القوات المنتشرة في عدن والتي جندتها الإمارات في محاربة الحوثيين تنتمي لمحافظة “الضالع” التي ينتمي لها عيدروس الزبيدي، فيما ينتمي عبدربه منصور هادي إلى محافظة أبين؛ وفي إشارة إلى “الإجراءات اللازمة لتنفيذ الإعلان” يبدو “الزبيدي” و “بن بريك” وآخرين يقفون خلفهم على استعداد لخوض مواجهة مسلحة تعيد للأذهان 1986م، الحرب الأهلية المروعة حين هزم القيادات العسكرية المنتمية للضالع القيادات العسكرية المنتمية لمحافظة أبين في معركة مصيرية دمرت “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”.
وهذا هو السيناريو السيء الذي ينتظر عدن ما لم تتدارك لجنة ثلاثية بدأت اجتماعاتها أمس الأربعاء في جدة برئاسة اليمن وعضوية السعودية والإمارات في إنقاذ الموقف، وتركيز الحملة العسكرية لمواجهة الحوثيين وحدهم، والقرار بيد الإمارات إن كانت تريد دوراً مشرفاً في اليمن في وقف دعمها للحلفاء في “الزبيدي” و “بن بريك”، أو دوراً بصفتها “إحتلال” يبحث عن مكاسب بدعم انقلاب يستهدف “شرعية” الرئيس اليمني المعترف به دولياً.