هناك الكثير مما يرصد في حالة التغير التي ارتبطت بتحركات ومواقف الرئيس دونالد ترامب التنفيذي، وبين المرشح للانتخابات، وقد وضعت تحت الحساب الشرس لوسائل الإعلام الأميركية، فعمدت لتكثيف محاسبته، على كل ما وعد به من تصريحات في الشأن الداخلي والخارجي، وما الذي حققه فعلياً، وخاصة من خلال وعده القاطع بتبديل «أوباما كير»، وهو نظام التأمينات الصحي، ورفض رفاقه في الحزب الجمهوري، قبل الديمقراطيين تصوراته التنفيذية لهذا المشروع البديل. هناك الكثير مما يرصد في حالة التغير التي ارتبطت بتحركات ومواقف الرئيس دونالد ترامب التنفيذي، وبين المرشح للانتخابات، وقد وضعت تحت الحساب الشرس لوسائل الإعلام الأميركية، فعمدت لتكثيف محاسبته، على كل ما وعد به من تصريحات في الشأن الداخلي والخارجي، وما الذي حققه فعلياً، وخاصة من خلال وعده القاطع بتبديل «أوباما كير»، وهو نظام التأمينات الصحي، ورفض رفاقه في الحزب الجمهوري، قبل الديمقراطيين تصوراته التنفيذية لهذا المشروع البديل.
ثم جاء عدم تمرير قراره بعزل وحصار عدد من الدول، اكثرها دول إسلامية، برفض استقبال المسافرين واللاجئين منها، من خلال معارضة القضاء الأميركي، وعبره قد تُعاد حسابات تصورات الهجرة المعاكسة من واشنطن، لو تعامل ترامب فعليا، مع صعوبة اقراره هذا الوعد لليمينيين البيض المتطرفين بطرد المهاجرين.
اضافة للعراقيل التي يواجهها في قضية انشاء سور حدودي مع المكسيك، وقد صرح ترامب في لقاء مع رويترز مؤخراً، بأنه وجد صعوبة كبيرة حين تولى المسؤولية التنفيذية للبيت الأبيض، خلافا لزمن المنصة الانتخابية.
وأهم معالم تعنينا في هذا الصدد لقراءة تأثير هذه التراجعات، على واقع الخريطة العربية، وبعدها الإقليمي في الشرق، هي انكفاء ترامب الأخير للاستماع للمؤسسات الدفاعية والأمنية، وعزل صقور التحريض الأيدلوجي على العالم الإسلامي الذي شمل ستيف بانون، ومتطوعين عربا مرتزقة من أقليات دينية احترفت التحريض على المسلمين.
وهذا لا يعني تخلي ترامب عن تطرفه الذاتي وكراهيته العنصرية للعالم الإسلامي، ولا إلغاءه لقواعد اللعبة الأساسية التي يعتمدها، في إعادة التموضع الأميركي، وزيادة جباية الضريبة من الحلفاء، وانما استبعد هذا الخطاب والخطط العاطفية لمستشاريه السابقين، لما يشكله من مخاطر على حسابات مصالحه في الرئاسة، وتفعيل مسار الابتزاز السياسي الاقتصادي بدلها.
وهي قاعدة ستعتمد على الترغيب والترهيب والشد والجذب، ففي حين رفضتها المانيا قطعيا، وفعلت كوريا الجنوبية أيضا، ولكن الأخيرة قد تعطيه بدائل معقولة، لكونها تخضع لنظام ديمقراطي شفّاف، بين الشعب والحكم، فإن ترامب يعوّل على جباية اسطورية من خزائن الخليج العربي، أو من خلاصة ما ستقبل به طهران اضطراراً، لشراكة واشنطن في حصص نفطية واقتصادية ضخمة مع استثمارات مشتركة، بعد نهاية الحرب الباردة الجديدة.
كل ذلك يتداخل مع الصراع الحيوي الاستراتيجي، أو صفقاته المطروحة بين ادارته وبكين وموسكو، وبالتالي ما هو المقبول لتسوية إقليمية كبرى في سوريا والعراق، ما بعد داعش وربما ما بعد راس النظام السوري.
أما إيران فلا يتوقع أن تخسر مقعدها الإقليمي، خاصة بعد رجوع أجواء التعاطي المؤسسي في واشنطن، ودخول الوسطاء من جديد، وهي معادلة ستدفع بها صعوداً وهبوطاً تقلبات هذه المراجعات، لدى فريق ترامب الجديد الذي تشكل حديثا، ونتائج رسائلهم على الأرض، دون أن يُرجح وقوع حرب مع إيران، كما يُراهن بعض الخليج وإن استنفدت خزينتهم، باسم مواجهة إيران، ولكن الخلاصة المرجحة هي صفقة تسوية أو وقف حرب باردة، بتنازلات تحت الطاولة، لن تسعف دول الخليج، ومن لم تسعفه قوته الذاتية، واستقراره الداخلي الشعبي، سيظل طريدا تحت حرب الظنون والمصالح في أجندة الخارج.
ولعل الرئيس التركي أردوغان مؤخراً، أراد في بعثه الرسالة العلنية، للتوحد تحت تحالف دولي تقوده واشنطن لدخول الرقة، التقاط هذا الخيط مع الفريق الجديد في واشنطن، وموقفهم من أن دخول الرقة لا يجب أن يكون بمشاركة أميركية مكلفة، وإنما بتحالف إقليمي مع أصدقائها، وبالتالي دخول الأميركيين والأتراك للرقة، بعد الانهيار الفعلي للثورة السورية وصراعاتها، واستنزاف موسكو لآخر قدرات النظام، كل ذلك سيطرح التسوية الدولية الكبرى للحرب.
لكن مشكلة أنقرة هي أن فريق الرئيس الأميركي حتى اليوم، لم يتخل عن البديل الكردي، في جيش التحالف الذي يضم عددا من فصائل التطرف اليساري الكردي، مع مجموعات أقليات أو منشقين من فصائل سورية، عانت من مجموعات السلفية الجهادية، وخرجوا من الجيش الحر بعد حصاره، فاحتضنهم الجيش الكردي الجديد.
وبالتالي لن تقبل واشنطن هذه الشراكة بمعايير أنقرة وإنما بمعاييرها، أي شراكة محدودة، واختبار هذا الأمر سيتحقق بتنفيذ ما وعد به الرئيس أردوغان من دخول منبج، والاستقرار فيها، كمؤشر للموقف الأميركي الجديد، إضافة إلى البدء الفعلي في الغطاء الجوي الأميركي، للمنطقة الآمنة، التي يُجلى اليها كل مدنيي مدن القصف والإرهاب للنظام والروس وإيران.
فهل ستدعم واشنطن هذا المشروع الذي كثر الحديث عنه قديما ولم يُنفّذ، وما هو موقف روسيا، وموقف الرئيس ترامب بعد استمرار تحقيق الكونغرس في علاقة موسكو بانتخابات الرئاسة الأميركية.
هل موسكو في صدد أن تدعو لضبط النفس مع تركيا، كما فعلت في قصف تل أبيب الأخير، أم أن الرسالة لأنقرة ستختلف، في ظل تراجع العلاقة معها، وأين كل ذلك من موقع الرئيس ترامب بعد العهدة الأولى، هي حقيبة مواقف ستعطي نتائجها قبل نهاية هذا العام، لتحدد معالم الإقليم الجديد، في رؤية واشنطن لمصالحها بين الصفقة والصرا ع.
نقلا عن الوطن القطرية