الأخبار الرئيسيةغير مصنف

مؤتمر حضرموت.. تدشين للأقاليم أم تكريس لسطوة “النخبة”؟

تشق حضرموت، كبرى المحافظات شرقي اليمن، طريقها نحو تقديم نموذج مختلف للإدارة في بلاد تعصف بها الحرب منذ أزيد من عامين. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تشق حضرموت، كبرى المحافظات شرقي اليمن، طريقها نحو تقديم نموذج مختلف للإدارة في بلاد تعصف بها الحرب منذ أزيد من عامين.
حضرموت، وإن كانت نّجّتْ من لهيب الحرب التي أشعلها الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلا أنها تواجه تحدياً أمنياً كبيراً، فعاصمتها خرجت، منذ شهور، من قبضة تنظيم القاعدة، لكنه ما يزال يتربص بها، فيما يتحين دُعاة انفصال جنوب اليمن عن شماله الفرصة للسيطرة على واحد من أكبر منابع النفط في البلاد.
واليوم السبت، انطلقت أعمال “مؤتمر حضرموت الجامع”، بمشاركة واسعة بلغت نحو 3 آلاف قِيل إنهم “يمثلون مختلف المكونات والشخصيات الحضرمية في الداخل والمهجر من مختلف التوجهات”. حسب أدبيات المؤتمر
وخلال كلمته، شدد محافظ حضرموت، اللواء أحمد بن بريك، على ضرورة أن تكون حضرموت إقليما مستقلا بذاته وفق جغرافية المحافظة، وأن يتم التعويض عما لحق بها من أضرار”.
يشكو الحضارم، في أغلب نشاطاتهم من المظلومية التي سحقت العديد من مناطق البلاد طيلة 33 عاماً، هي سنوات حكم نظام “صالح”، ويعتبرون أن محافظتهم لم تعطَ أهمية قياساً إلى ناتجها من النفط، وكذا جغرافيتها الهامة مترامية الأطراف.
مراقبون يرون أن حضرموت وجهت اليوم رسالة واضحة ضد مشروع الانقلابيين في اليمن وتلك القوى التي تنادي بفك الارتباط عن الشمال، ضمن مشروع إيراني يرمي إلى تسليم الجنوب لقوى انفصالية على صلة بطهران، فيما يبقي الحوثيون قبضتهم على مناطق الشمال، وهو تهديد للأمن القومي العربي استدعى تدخل التحالف العربي الذي قود حرباً ضد الحوثيين و”صالح”، منذ مارس/ آذار 2015.
 لكن آخرين يقللون من أهمية هذا المؤتمر، كونه لا يمثل كل القوى المؤثرة في الشارع الحضرمي، وإنما هو تكريس لحالة السطوة التي تمارسها ما يسمى قوات “النخبة الحضرمية”، بدعم من أطراف في التحالف العربي تحت عباءة المطالبة بنظام الأقاليم.
ويرى متعب بازياد، عضو مؤتمر الحوار الوطني أن “أهمية عقد المؤتمر في هذا التوقيت بالذات، تكمن في تعزيز الجبهة المناهضة للتدخل الايراني في المنطقة وتوحيد كل جهود الحكومة والأشقاء في التحالف العربي لدحر الانقلاب وقطع الأيدي العابثة في اليمن والجزيرة العربية، ولا يقلل من هذا الموقف أن يضع أبناء حضرموت مطالبهم العادلة وإعلانها والدفاع عنها والتمسك بها في إطار العملية السياسية في اليمن.
وفي حديث لـ(يمن مونيتور)، يقول “بازياد”، إن ” انعقاد “المؤتمر الحضرمي الجامع” اليوم بالمكلا يأتي في سياق عودة الحضور السياسي  لحضرموت في المعادلة السياسية وتعزيزا لدورها الحضاري في بناء دولة اتحادية قوية تكون في المحصلة تعزيزاً للأمن القومي العربي ورافدا لامن واسقرار المنطقة، ويتزامن أيضاً مع احتفالات حضرموت بالذكرى الاولى لتحرير المكلا وبالمناسبة يحتفي الحضارم باول تشكيلات عسكرية حضرمية  منذ حل جيش البادية الحضرمي عام 1967م”.
فحضرموت الاقليم، حسب بازياد،  يجب أن تكون إدارته كاملة بيد ابنائه، وفي المقابل يجب أن يكون شريكاً في القرار السياسي والاقتصادي السيادي على مستوى الدولة الاتحادية بما يعادل (ثقل حضرموت الجيوسياسي) ويحفظ لها خصوصيتها الثقافية والاجتماعية”.
ويتابع بالقول: “لكن ما يجري في مؤتمر حضرموت اليوم وما سبقه من مواقف أو اعلانات ومؤتمرات في بقية الأقاليم، هو تعبير عن موقف ابناء حضرموت وغيرهم الرافض بالمطلق لعودة نظام الحكم المركزي وما رافقه من تهميش لتلك المحافظات ونهب خيراتها لصالح حفنة من اللصوص والمتنفذين باسم الدولة المركزية”.
“لقد حاول الحضارم عقد مؤتمر حضرموت التضامني  عام 2007م برعاية المهندس فيصل بن شملان رحمة الله عليه لكن أجهزة  نظام الرئيس السابق أجهضت كل محاولة تجعل من حضرموت (مكونا محوريا قويا) في الدولة وشريكا نديا في القرار السياسي أو على مستوى الاستئثار بالثروة. يضيف “بازياد”.
ويقول الباحث والمحلل السياسي “ياسين التميمي”، إنه “من الواضح أن مؤتمر حضرموت الجامع، هو صرخة صاخبة كسرت الصمت وبددت سكون محافظة حضرموت التي  فلتت من الحرب الأهلية التي تجتاح اليمن، ولا ندري هل ستسلم من ارتداداتها”.
ويعتقد “التميمي” في حديثه لـ(يمن مونيتور) أن “هذا المؤتمر اُريد له أن يكون جامعاً، لكن جزءاً مهماً من النخبة الحضرمية السياسية والاقتصادية والمشائخية والعلمائية ليست في هذا المؤتمر، وهذا يعني أن المؤتمر ارتهن على ما يبدو لأجنداة صدامية، ويرمي في الأساس إلى  إضفاء المشروعية للترتيبات المفزعة التي ترسخت في حضرموت وهي ترتيبات ذات طابع أمني وأيدولوجي”. حد قوله
ويمكن القول، وفقاُ لـ”التميمي”، إن “نلحض ذلك من أهداف المؤتمر ومن بينها وأهمها تأييد قوات النخبة الحضرمية المرتبطة بشكل قوي جداً بالإمارات، وتعزيز نهج الوسطية، وهو شعار غامض تتبناها مدرسة تريم الصوفية التي تورطت حتى الآذان في المشاريع السياسية المتوترة، وفي استقطابات ذات طابع عقائدي ومذهبي”.
ويختم بالقول: “لا أظن أن هذا المؤتمر سيعبر عن اسمه بشكل دقيق، فهو أشبه بجرعة سياسية زائدة عن الحد وأخشى أن تتسبب في مضاعفات خطيرة على البنية المجتمعية وعلى القواعد المرعية في التعايش الظاهر للمكونات الحضرمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى