مهمة الرياض الحرجة.. وقف صِدام محتمل بين واشنطن وموسكو في اليمن
بينما كان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في الرياض لتقوية العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية، كان مسؤولون سعوديون ينشطون دبلوماسياً في موسكو، وموضوع اليمن على رأس أجندة السعودية في كِلا اللقاءين. وتعد زيارة ماتيس تاريخية من وجهة نظر معظم المراقبين للعلاقات بين البلدين.
يمن مونيتور/ تقدير موقف/ خاص:
بينما كان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في الرياض لتقوية العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية، كان مسؤولون سعوديون ينشطون دبلوماسياً في موسكو، وموضوع اليمن على رأس أجندة السعودية في كِلا اللقاءين. وتعد زيارة ماتيس تاريخية من وجهة نظر معظم المراقبين للعلاقات بين البلدين.
قبل أيام من زيارة ماتيس ونشاط المسؤولين السعوديين في موسكو حذرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” في نسختها الروسية مُحذرةً من صِدام مرتقب بين واشنطن وموسكو إذا ما قرر التحالف العربي تحرير ميناء الحديدة من الحوثيين، وهو ميناء استراتيجي يعني السيطرة عليه إطباق الحصار على الحوثيين اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. ويبدو أن موسكو تريد الرد على القصف الأمريكي لقاعدة عسكرية سورية هذا الشهر بعد مجزرة دموية باستخدام سلاح كيمائي راح ضحيته المئات من الأطفال في خان شيخون.
مُهمة السعودية هي وقف أي صِدام مُحتمل بين واشنطن وموسكو في اليمن.
إيران وروسيا وأمريكا
أخبر ماتيس الصحافيين أثناء مغادرته واشنطن (أمس الثلاثاء) نحو الرياض إن بلاده تأمين مفاوضات لإنهاء الصراع اليمني تحت رعاية الأمم المتحدة، الحوثيون رحبوا بتصريحات ماتيس بشأن المفاوضات وأثناء نقل وكالة الأنباء الخاضعة لسيطرة الحوثيين الخبر على موقعها (مساء اليوم الأربعاء) كان الرجل الأمريكي يقول في مؤتمر صحافي: “يتعين التصدي لنفوذ إيران من أجل التوصل إلى حل للصراع اليمني من خلال مفاوضات برعاية الأمم المتحدة”. يقول ماتيس إن واشنطن ستمنع إيران من “إنشاء ميليشيا مسلحة في اليمن على غرار حزب الله”. تعتقد الولايات المتحدة أن تحرير ميناء الحديدة يوقف النفوذ الإيراني ويُجبر الحوثيين على الرضوخ للحل السياسي في اليمن والذي يفضي إلى تسليمهم السلاح الثقيل للدولة ويتحولون إلى حزب سياسي.
وزير الدفاع الأمريكي اشترط التصدي للنفوذ الإيراني من أجل الوصول إلى مفاوضات برعاية الأمم المتحدة وتلك كانت الحلقة المفقودة التي لم تظهر في تصريحاته (الثلاثاء).
ماذا عن الموقف الإيراني وعلاقته بالروسي؟!
لا يمكن وضع الموقفين الإيراني والروسي في سلةٍ واحدة في اليمن، فإيران لا تعترف بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بعكس روسيا كما أن الكرملين لم يعترض على القرار (2216) الذي يطالب الحوثيين بتسليم السلاح ويعترف بشرعية الرئيس اليمني، لذلك فالموقف الروسي يخضع لعملية إقليمية دولية معقدة لكنه في نفس الوقت لا يعتقد أن التدخل عسكرياً في اليمن سيحل أزمات موسكو في الملفات الأخرى بقدر ما يُصعد حالة الاحتقان الدَّوْلِيَّة.
ناقش مسؤولون تابعون للحوثيين مع القائم بأعمال السفارة الإيرانيَّة بصنعاء، يوم الاثنين الماضي، العملية العسكرية المرتقبة في الحديدة، ولم يظهر موقف إيراني واضح من خلال وسائل الإعلام الرسمية الإيرانيَّة والحوثية، عدا اعتراضهم على أي إيقاف للميناء الحيوي لدواعٍ إنسانية وهو أيضاً ما يضغط من أجله الروس. لذلك كانت زيارة مسؤولين سعوديين منذ منتصف الأسبوع الماضي بمن فيهم مسؤولون في الجانب الإغاثي؛ في دعوة سعودية للروس بالتخلي عن إيران في اليمن وترك الحوثيين يواجهون مصيرهم.
إيران لا تملك قوة حالياً لدعم الحوثيين مع رغبتها بزيادة الدعم العسكري والتدريبي إلى أعلى المستويات لكن عدة عوامل جغرافية وسياسية دولية تعوق عملها إلا من القليل النادر، ومن فُرص محدودة تحسن إيران استعلالها.
هذا الأسبوع أعلن الكرملين أن الملك سلمان سيزور روسيا مع نهاية العام، كما أعلن زيارة الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والرجل القوي في الإمارات ولقاءه بالرئيس الروسي يوم الخميس القادم (يوم غدٍ).
ويبدو أن نزع فتيل روسيا تجاه تحرير ميناء الحديدة سيعجل بالعملية المرتقبة والمدعومة أمريكياً، وسيوقف تحركات روسية مستمرة في مجلس الأمن من أجل وقف تلك العملية بقرار دولي.
الأوروبيون وباب المندب
تحرير ميناء الحديدة لا يتعلق فقط بالموقف الأمريكي وحده بل العواصم الأوربية لديها نفس المخاوف من تأثير الحوثيين على الملاحة الدَّوْلِيَّة مع الهجمات الصاروخية التي استهدفت سفناً من سواحل البحر الأحمر وبزيادة قدرات الحوثيين ليصل إلى زوارق (بدون رُبان) انتحارية، وألغام بحرية واسعة الانتشار، فتجارة النفط عبر البحر الأحمر تغذي معظم تلك الدول، لذلك فإن تأمين هذا الممر الدولي الهام يعد أولوية استراتيجية بالنسبة للحكومات الأوروبية.
ويعتقدون كما الأمريكيين أن تأمين خط الملاحة بمساعدة قوات عربية (ضمن اتفاقيات أمن البحر الأحمر) ومساندة أمريكية يحفظ هذا الخط واستمراره ولا يطيل مسألة الصراع الذي قد يمتد إلى مصالحهم الاستراتيجية.
لذلك فإن مُهمة الرياض- التي هي بالتأكيد مُهمة الحكومة الشرعية- وقف صدام محتمل لموسكو في الملف اليمني بتحضير الشركاء الدوليين لمساندة واشنطن في خطتها بدعم التحالف العربي في اليمن من أجل تحرير محافظة الحديدة من الحوثيين، وهي الخُطة التي قدمها ماتيس للبيت الأبيض في مارس/آذار الماضي.