آراء ومواقف

وطن في ظلمات الكراهية

خديجة الوصابي

لم انتقل من مكان إلى مكان اجتماعي آخر إلا وأوقن في نفسي بانه عالم مختلف، فهو بيئة لأناس بلغو درجة جيدة من العلم والوعي، لاشك انه عالم ارقى من ذلك العالم الموغل في الوحشة، المتلبس بالأعراض المريبة ” عالم السحر” ذلك العالم الذي فارقت أساطيره للتو مع حكايا و شكاوي احد الصديقات او الأقرباء لم انتقل من مكان إلى مكان اجتماعي آخر إلا وأوقن في نفسي بانه عالم مختلف، فهو بيئة لأناس بلغو درجة جيدة من العلم والوعي، لاشك انه عالم ارقى من ذلك العالم الموغل في الوحشة، المتلبس بالأعراض المريبة ” عالم السحر” ذلك العالم الذي فارقت أساطيره للتو مع حكايا و شكاوي احد الصديقات او الأقرباء، وطويت صفحته وقلت لنفسي سأنسى الآن واهتم بما في يدي من مهام، فليس كل المجتمع يفكر هكذا ولا كل الناس مشغولين بتحطيم الآخرين بهذه الصورة ، فذلك عالم استثنائي – عالم السحر – وعالم محدود وليس له وجود عام، إلا أنه في كل مرة يخيب يقيني، وباستمرار اُفاجئ بسماع نفس المشكلة ونفس الشكاوي والأمراض والأعراض ، ونفس الوصف لتلك الأوراق و المخطوطات ذات الكلمات المحيرة و الرموز الغريبة التي وجدودها مندسة في ثنايا مكان ما من المنزل ، وذلك لتحويل حياتهم إلى ألوان من الشقاء والعناء، لا لشيء سوى كراهيتهم ان يروا احداً سعيداً داخل او خارج حضيرتهم..!
ليست قضية السحر هي التي اقصدها الآن ولا حقيقته من عدمها، فعقيدتي قوية بإن الإنسان في دفاعات منيعة مادام متسلحاً بالوعي ماضياً في الأخذ بالأسباب و متوكلاً على الله – جلت عظمته – ولن يحيق المكر السيء إلا بأهله.. لكن الأمر الذي اعنيه من وراء هذا الموضوع و والذي شكّل صدمة بالنسبة لي هو ظاهرة ذيوع الكراهية والأحقاد في المجتمع وبين الأقرباء قبل الغرباء، ظاهرة الكراهية المتمترسة خلف تلك الأفعال الماكرة والانتقامية ذات الطابع التدميري للآخر .!
هذا الحال، حال الكراهية والأحقاد وتدمير الآخر، ليس شأناً خاصاً بالقاعدة من أبناء الشعب وحسب، فليست وحدها من اشتعلت بنيران الكراهية التي اتت على مظاهر حياتها ، بل هو أمر يشمل قمة الهرم أيضاً، فحتى القادة منهم من مُلئت قلوبهم بذات الداء..
هي لا يسكن غضبها إلا وقد حطمت حياة قريبتها وكل من تمرد على ارادتها وهواها .. وهو لا يهدأ ولا يسطع بريق عينيه شراً إلا وقد رأى قريبه مُعذب يُعاني الآلآلم الفشل والخيبات وشقاء الأمراض، و هو لا تنطفئ حرائقه الباطنية، ولا تشق الابتسامة طريقها إلى شفتيه إلا وقد اقتلع الآخرين من مواقعهم ليستفرد بها، و يستأثرها لذاته، ذلك ان الكراهية في صميمها كما يقول فيلسوف الأخلاق زكريا ابراهيم ، هي : سلب و انكار و نفي..
الكراهية في جوهرها هي انكار لحق الآخر، وسعي لإقصائه و لإفنائه وهدم وسائل سعادته.. فهي لا ترى سوى الذات فقط وهذا عكس الحب .. الحب الذي يتجلى في انتقاله بالاهتمام من الأنا إلى أنت …. وإذا كانت الكراهية في صميمها سلب وانكار ونفي ، فإن الحب عكس ذلك، فهو في جوهره إثبات وإحياء وبناء، وإذا كانت الكراهية رغبة في السيطرة على الآخر فإن الحب الحقيقي لا يقوم إلا على الإيثار، لذلك الحب الحقيقي لا يعرف الرغبة في التملك او النزوع نحو السيطرة على الآخر.. تلك الأمور التي تقوم عليها الكراهية .. وإن النهضة لا تقوم إلا على ذلك الحب الذي هو ” إثبات و احياء وبناء” ..
أما داء الكراهية الذي هو في جوهره هو سلب وإنكار ونفي ، هذا الداء يهوي بكل طموح وكل أمل وحلم في التحليق بالمجتمع نحو النهضة ،يهوي به إلى حلقة مفرغة من الصراعات والتدمير لكل اشكال الحياة، فلا يعرف المجتمع بوجوده سبيلاً يرتقيه للخلاص من مآسيه إلى السلام والوصول إلى النهضة التي طالما حلم بها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى