اخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتراجم وتحليلاتتقاريرغير مصنف

معركة الحُديدة اليمنية.. والمتغيرات السياسية في المنطقة

حسب مراقبين، فإن الموقف الأمريكي، في ظل سياسة ترامب، يتجه نحو تقليم أذرع إيران في المنطقة. يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
تلقي الأحداث العالمية والتحولات بظلالها على الحالة اليمنية التي لا يمكن أن تكون بمعزل عن التأثيرات الاقليمية والدولية، غير أن التوتر الأخير الذي يشهده الشرق الأوسط بعد قصف أمريكا لمطار الشعيرات، والتوتر العالمي الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية، يطرحان تساؤلاً مهماً بخصوص معركة الحديدة باعتبارها أبرز الأحداث المرتقبة والتي كان ينتظر منها أن تحدث تغييراً في موازين القوى في اليمن.
وكانت القوات الحكومية اليمنية قد حشدت جنودها وعتادها مسنودة بالتحالف العربي، استعداداً لخوض معركة فاصلة لتحرير ميناء ومدينة الحديدة الاستراتيجيين، آخر أهم الموارد المالية لجماعة الحوثي المسلحة وحليفهم في السياسة والحرب، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بعد نقل البنك المركزي إلى عدن، وآخر المنافذ التي يحصلون عبرها على السلاح المهرب ويهددون من خلاله الملاحة الدولية.
وحسب مراقبين، فإن موقف الولايات المتحدة الأمريكية، من شأنه أن يؤثر في طبيعة معركة الحديدة، خصوصاً في ظل سياسة ترامب التي تعتزم تقليم أذرع إيران في المنطقة. وبدت أكثر جرأة من إدارة أوباما ولم تتردد في تحويل الأقوال إلى أفعال بقصفها لمطار الشعيرات، تزامناً مع تحول مفصلي في سياستها حين بدت مصرةً على رحيل الأسد، وتفكر جدياً في تقليص نفوذ إيران وحزب الله في سوريا.
وبخلاف سياسة أوباما تسعى أمريكا ترامب لتعميق مشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين ذراع إيران في اليمن، وكانت التقارير الإعلامية قبل أيام قد تحدثت أن “وزير الدفاع جيم ماتيس طلب من البيت الأبيض الموافقة على تدخل الولايات المتحدة في حيثيات هجوم ستشنه الإمارات العربية المتحدة على الحديدة، وذلك من خلال مراقبة الوضع وتجنيد الاستخبارات، فضلاً عن توفير سبل التزود بالوقود والتخطيط العملياتي للهجوم”.
ويعكس الخطاب الإعلامي والسياسي الأمريكيان قناعة أمريكية حول كون إيران تواصل تهريب الأسلحة إلى الحوثيين الموالين لها في اليمن، والذين تمثل سيطرتهم على الموانئ المطلة على البحر الأحمر تهديداً مباشراً لمصالح أمريكا، ولا يستبعد منها تدخلاً مباشراً، كالذي حصل في الخريف الماضي، عندما قصفت البحرية الأمريكية مواقع للرادارات الحوثية كرد مباشر على هجمات طالت سفنا بحرية أمريكية في مضيق باب المندب.
وأمس الأول، اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية على لسان متحدثها، جيف ديفيس، بوجود قوات أمريكية “محدودة” على الأراضي اليمنية في إطار ما اسمته “الحرب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، ويأتي هذا في إطار نشاط أمريكي متزايد ضد التنظيم، حيث بلغت عدد الغارات التي شنتها الولايات المتحدة على اليمن خلال هذه الفترة التي تبلغ حوالي شهر وصل إلى 70 غارة. وهذا يفوق عدد الغارات التي شنتها الولايات المتحدة على مدار أي عام مضى، والتي لم تتجاوز 40 غارة. بحسب تقديرات: “Long Wall Journal”.
وتقول المؤشرات والتقارير إن أمريكا تولي معركة الحديدة أهمية كبرى، ومع ذلك فقد خفت حضور هذه المعركة المرتقبة في الخطابين السياسي والإعلامي سواءً اليمني أو الاقليمي المعني بذلك، بعد قصف مطار الشعيرات، ما يرجح أنها سوف تتأثر مباشرةً بالأحداث والتحولات التي يمكن أن تفضي إليها حالة التوتر التي تطغى على كل من سوريا وشبه الجزيرة الكورية، وما سوف تؤول إليه الأمور هناك.
ومع ذلك فإن المسألة تبدو مسألة وقت لا أكثر، ذلك أن قراءة كلية للمشهد السياسي العالمي، وفي الشرق الأوسط تحديداً، تعني أن ما يقوم به ترامب هو أنه يقود الولايات المتحدة في عملية إعادة تموضع في مكانتها السابقة في الشرق الأوسط (وهي المكانة التي يظن أنها فقدتها في عهد أوباما)، ولا بد أن مثل هذا سوف يفضي إلى الحد من الحضور القوي الذي أصبح لكل من روسيا وإيران، وبالتالي ينعكس على مختلف القضايا في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن.
وقد لا تمثل اليمن تلك الاهمية الكبرى للولايات المتحدة، ومثلها لمختلف الأطراف الاقليمية الأخرى، مثل الأهمية التي تمثلها سوريا مثلاً، إلا أنها تبدو من الأهمية بمكان، وربما أكثر من سوريا، بالنسبة للاعبين ليسوا رئيسيين، ولكنهم ليسوا ثانويين تماماً، مثل دول الخليج، ولذلك فمن شأن عودة أمريكا للتموضع في مكانتها السابقة في الشرق الأوسط أن تجعل هذه الدول، دول الخليج، حليفة أمريكا، وبالتالي التحالف العربي بقيادة السعودية، أن تصبح أقوى وأكثر جرأةً، عوضاً عما سوف تمثله من أهمية بالغة، تلك الرغبة الواضحة من إدارة ترامب في التعمق إلى جوارها في اليمن.
وبالنسبة لمعركة مثل معركة الحديدة، يحتاج كل من الحكومة الشرعية والتحالف العربي الذي يساندها، لموقف سياسي داعم في مواجهة أي معارضة يمكن أن تتعرض لها العملية العسكرية المرتقبة، من زاوية إنسانية، وهو ما يمكن لأمريكا أن تدعمه بقوة في الأمم المتحدة، بيد أن الأثر الذي تجسده الجرأة الأمريكية في الشرق الأوسط، تمثل رادعاً قوياً أمام أي تفكير روسي أو إيراني، بالتدخل في اليمن في حالة شن التحالف العربي مدعوماً بأمريكا معركته على مدينة وميناء الحديدة.
ويبدو أن هذا التخوف من التحول الجديد في السياسة الأمريكية وأثره على معركة الحديدة، كان واضحاً لدى روسيا، فعقب تصريحات الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية العزم على شن هجوم على الحديدة، سارعت روسيا بالدعوة إلى حل الأزمة اليمنية سلميا. بينما كان تحالف الحوثي/ صالح، قد ناشد روسيا، على لسان يحيى الراعي رئيس مجلس النواب، وأثناء لقاء جمعه بالسفير الروسي في صنعاء، ناشد روسيا، بمواصلة الضغط على دول التحالف العربي بقيادة السعودية ومنعه من استهداف ميناء الحديدة”. ولا يعرف أي ضغط يمكن أن تمارسه روسيا لمنع استهداف قوات الحوثي/ صالح، في الحديدة، وهي التي لو كان لديها أي تأثير يذكر لاستخدمته في منع استهداف الجيش الأمريكي لقوات حليفها الأبرز بشار الأسد، الذي تقاتل قواتها إلى جانب قواته (وقوات إيران) في سوريا.
——————————
*المادة تحليلية خاصة بـ(يمن مونيتور)، يمنع نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى