تراجم وتحليلاتعربي ودولي

واشنطن بوست: سياسة ترامب الخارجية تحوّله لـجمهوري عتيق

شيئًا فشيئًا، يتحوّل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى “جمهوري تقليدي” (عتيق)؛ ذلك ما يمكن استنتاجه في ضوء التطوّرات الأخيرة في سورية، وعلى صعيد العلاقة مع روسيا، والموقف إزاء حلف شمال الأطلسي “الناتو”. يحدث ذلك بعد أن خاض الملياردير الأميركي حملته الانتخابيّة بمظهر “المرشّح الخارجي”، المتمرّد على تقاليد حزبه، وعلى العقيدة التي حكمت السياسة الخارجيّة الأميركية فيما يتعلّق بمسائل الحرب والسلام، وهو، للمفارقة، النهج الذي ساهم في صعود نجمه، حتّى فوزه في الانتخابات.

يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمته العربي الجديد:
شيئًا فشيئًا، يتحوّل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى “جمهوري تقليدي” (عتيق)؛ ذلك ما يمكن استنتاجه في ضوء التطوّرات الأخيرة في سورية، وعلى صعيد العلاقة مع روسيا، والموقف إزاء حلف شمال الأطلسي “الناتو”. يحدث ذلك بعد أن خاض الملياردير الأميركي حملته الانتخابيّة بمظهر “المرشّح الخارجي”، المتمرّد على تقاليد حزبه، وعلى العقيدة التي حكمت السياسة الخارجيّة الأميركية فيما يتعلّق بمسائل الحرب والسلام، وهو، للمفارقة، النهج الذي ساهم في صعود نجمه، حتّى فوزه في الانتخابات.
ذلك ما يخلص إليه الكاتبان، آبي فيليبس وجون فاغنر، في مقالهما التحليلي المنشور في موقع “واشنطن بوست” أمس الخميس. ويرى الكاتبان، تبعًا لذلك، أن ترامب بات يعتنق الكثير من المواقف التي كان ينظر إليها في السابق على أنها مظاهر المؤسسة “إستبلشمنت” المتردّية.
آخر شواهد ذلك التحوّل، هو إعلان ترامب تأييده لحلف “الناتو”، الذي وصفه أثناء حملته بأنه “عفا عليه الزمن”، وإلى جانب ذلك، عودته مؤخّرًا عن تصنيف الصين بأنها “متلاعبة بالعملة”، بعد أن رأى أنها قد تكون مفيدة في أي تحرّك أميركي ضدّ كوريا الشمالية، ثم تأييده بنك الاستيراد والتصدير، الذي عارضه في السابق أيضًا.
ويرى معلّقا الصحيفة أن تلك “التخبّطات”، وسواها، ساهمت مؤخّرًا في تهدئة أعصاب العديد من الجمهوريين، الذين كانوا قلقين من تطلّعات ترامب نحو الانقلاب على الواقع القائم. لكنّها، في المقابل، قد تنفّر بعض الداعمين لترامب، ممن يرون أن واشنطن أخذت تحتوي، مجدّدًا، سياسيًّا آخر كان قد انتخب لإصلاح مؤسسة الحكم.
لكن للمتحدّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، وجهة نظر مخالفة في الأمر، إذ ينقل عنه تقرير الصحيفة قوله، الخميس، إن ترامب ليس هو من تحوّل، مستطردًا: “إذا أمعنتم في ما حدث، فإن تلك الكيانات والأفراد والقضايا تتطوّر، في بعض الحالات، في اتّجاه موقف الرئيس.. انظروا إلى موقف الرئيس من الناتو على وجه الخصوص… الناتو يتحرّك تمامًا في اتجاه موقف الرئيس، الذي قال إن من أهدافه زيادة نسبة المشاركة من الدول الأعضاء الأخرى، بالإضافة إلى أنّه بات (الآن) يركز بشكل أكبر على الإرهاب”.
ويردّ معلّقا الصحيفة على ذلك بالقول إن “الناتو”، عمليًّا، ما زال يتحرّك في اتّجاه تقاسم أكبر للأعباء منذ سنوات، وانخراطه  في محاربة الإرهاب كان منذ فترة طويلة، لا سيما منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2011.
فضلًا عن ذلك، اتخذت الإدارة الأميركية خطوات بطيئة لإعادة التفاوض حول اتّفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وفق ما يفصّل المقال، وذلك على الرغم من انتقاده اللاذع لها حينما كان مرشّحًا عن الحزب الجمهوري. علاوة على ما سبق، أظهرت إدارة ترامب مواقف عدوانيّة، ولربّما متشدّدة، في الخارج حيال قضايا مثل سورية و”الدولة الإسلامية” (داعش) وكوريا الشمالية، بخلاف مواقف ترامب التي كانت، في الغالب، “انعزاليّة” أثناء الحملة، وفق وصف المقال.
ذوبان الجليد، لا سيما بين صقور الجمهوريين، بدأ بجدّية خلال الأسبوع الماضي، كما يلاحظ كاتبا المقال، وتحديدًا حينما واجه ترامب اختباره الرئيسي الأول في السياسة الخارجية، مع استخدام القوة العسكرية في سورية. ذلك القرار، الذي يتعارض مع مواقف ترامب عام 2013، جعله جديرًا بـ”المحبّة”، وفق تعبير الصحيفة، بالنسبة لأعضاء جمهوريين مثل ليندسي غراهام وجون ماكين، اللذين انتقدا خطابه الانعزالي أثناء الحملة.
وفيما يتعلّق بالقضايا الاقتصادية، تكهّن البعض أن التحوّل في مواقف ترامب مرتبط بالنفوذ المتنامي لمجموعة من المستشارين، وعلى رأسهم صهره، جاريد كوشنر. معظم أولئك المستشارين، بحسب الصحيفة، معتدلون سياسيًّا، ومنهم من جاء إلى الإدارة من “وول ستريت”. الانشقاق بين المساعدين المدعومين من كوشنر، مثل مدير المجلس الاقتصادي الوطني، غاري كوهن، وبين المتشددين الجمهوريين في الإدارة، وخاصة كبير المستشارين، ستيف بانون، تفاقم مؤخًرًا في الأسابيع الماضية، ما أثار التساؤلات حول ما إذا كان ترامب سيتخلى عن الشعبوية الاقتصادية، التي دفعت الناخبين باتّجاهه، لصالح برنامج اقتصادي أكثر تقليدية وتأثّرًا بوول ستريت.
غير أن داعمي ترامب يقولون إن رئيسهم، منذ البداية، جمع مجلسًا من القادة العسكريين، ومن جمهوريي “الإستبلشمنت”، ورجال الأعمال، الذين ينتمون إلى نادي “الجمهوريين التقليديين”. وقد اتبع، وفقًا لمعلّق الصحيفة، سياسات جعلت الكثير من المحافظين يتماهون مع الوجهة التي تسلكها إدارته، وذلك في مجالات مختلفة، مثل الهجرة والموازنة والضرائب والتراجع عن قانون الرعاية بأسعار معقولة.
ويضيف المقال أن تحوّلات ترامب باتت محلّ ملاحظة بالنسبة لبعض أعضاء مجلس الشيوخ، لا سيما من الجمهوريين، فقد أبدى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، ترحيبًا بـ”مواقف ترامب الجديدة”، مضيفًا: “أعتقد أنه (ترامب) أدرك الآن أن الأمور لا تسير وفق ما كان يتصوّره أثناء الحملة”، مردفًا: “هو يتعلّم المهنة”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى