لحم القطط والكلاب.. غذاء السكان المحاصرين غربي الموصل
عندما بدأت القوات العراقية قبل نحو ستة أشهر حملة عسكرية لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، من قبضة تنظيم “داعش” الارهابي، سعت على نحو سريع لحصار مسلحي التنظيم داخل المدينة ومعهم مئات آلاف المدنيين لقطع خطوط إمداد التنظيم بين سوريا والمدينة. يمن مونيتور/ الموصل/ الأناضول
عندما بدأت القوات العراقية قبل نحو ستة أشهر حملة عسكرية لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، من قبضة تنظيم “داعش” الارهابي، سعت على نحو سريع لحصار مسلحي التنظيم داخل المدينة ومعهم مئات آلاف المدنيين لقطع خطوط إمداد التنظيم بين سوريا والمدينة.
لم تمر سوى أسابيع قليلة حتى سيطرت القوات العراقية والمقاتلين المتحالفين معها على الطرق الرئيسية التي تربط الموصل بمحيطها وصولا إلى إحكام حصار المدينة، وهو ما قطع وصول الإمدادات الغذائية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش” وفاقم الأزمة الانسانية بين المدنيين بمرور الأيام والأشهر.
خبر العراقيون العديد من الحروب على مدى العقود القليلة الماضية وهو ما دفعهم لتخزين ما تيسر من المواد الغذائية، لكن امتداد الحرب المتواصلة لستة أشهر أتى تقريبا على كل المخزون وجعل المدنيين في الشطر الغربي يكابدون للبقاء على قيد الحياة، بعد أن استعادت القوات العراقية الشطر الشرقي في يناير/كانون الثاني الماضي.
عمليات جراحية بدون تخدير
(م، ع)، طبيب أخصائي جراحة عامة في مشفى الجمهوري العام، غربي الموصل، فضل خلال حديثه للأناضول عبر الهاتف ذكر الحرفين الأولين من اسمه خشية ملاحقة التنظيم له وقتله، قال، إن “الحالة الصحية لجميع المدنيين المحاصرين في مناطق غرب المدينة، التي ماتزال تخضع لسيطرة التنظيم في تدهور خطير، فسوء التغذية وانعدام الخدمات والاعتماد على المياه الملوثة كلها عوامل ألقت بظلالها السلبية على الحالة الصحية للأطفال والنساء وكبار السن والرجال”.
وأضاف أنه “يوميا تصل إلى المشفى عشرات الحالات المرضية الخطيرة، إلا أنه لا يمكن تقديم أي مساعدة طبية لها والسبب أن المشفى هو الآخر لا يملك أبسط الأدوية والمستلزمات الصحية التي يمكن تقديمها للمريض؛ فالمخازن تعاني من نفاد الأدوية المسعفة للحياة ومحاليل غسل الكلى ومواد التخدير والمغذيات جراء الحصار الخانق المفروض على المدينة من جميع جوانبها والذي دخله شهره السابع”.
وأضاف، أن “جميع العمليات التي يتم إجراؤها للمصابين بطلقات نارية أو شظايا صاروخية في المشفى المركزي تتم دون تخدير، والمصاب الذي ينجوا يتم إخراجه من المشفى بأسرع وقت ممكن لأنه لا وجود للأسرة والإطارات الطبية الكافية، كذلك لا هدف للبقاء في المشفى الذي لا يملك أي دواء قد يسهم في تخفيف الألم عن المريض.
ولفت الطبيب العراقي الجراح أن الوضع كل يوم يشهد تدهورا خطيرا، والمدينة تحولت إلى “بقعة من بقاع الجحيم”.
ويتابع أنه كل يوم يخرج من بيته متجها إلى مقر عمله في المشفى، والذي يتطلب الوصول إليه نصف ساعة فقط، ليرى أن أكوام النفايات تنتشر في كل مكان، والحركة مشلولة في الشوارع والأزقة ويمكن أن ترى صور الدمار الناجم عن العمليات العسكرية أينما وجهت ناظريك.
وأشار إلى أنه في الأيام الأخير شاهد الكثير من المراكز الصحية الأهلية (الصيدليات) قد تعرضت إلى السرقة بعد كسر أقفال الأمان الخاصة بها والدخول إليها ونهب محتوياتها.
وأضاف إلى أن “داعش” من يقف وراء عمليات السرقة التي تتعرض لها المراكز الصحية الأهلية في المناطق الخاضعة لسيطرته لأنه بحاجة ماسة الى الدواء لإنقاذ مقاتليه الذين يتعرضون الى إصابات مختلفة وهم يقاتلون القوات الأمنية في محوري المدنية الجنوبي والغربي.
ويبين أن عناصر التنظيم عندما يـأتون بأحد عناصرهم الجرحى إلى المشفى يجلبون معهم الدواء والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجه أو إجراء عملية له إن كانت حالته بحاجة إليها.
وأوضح أن “الكوادر الصحية مجبرة على إسعاف أي حالة يأتي بها التنظيم، ومن يرفض يعرض حياته إلى الموت، لأن التنظيم يتهم رافضي التعامل معه بأنهم مرتدون ويجب قتلهم في الحال وفق القواعد والضوابط التي جاء بها”.
وعن حجم الخسائر بين المدنيين العزل جراء العمليات العسكرية قال الطبيب (م، ع) إنه يوميا تستقبل صالة الطوارئ عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال ورجال وكبار سن بعد أن يتعرضوا إلى إصابات متفاوتة منها خطرة ومنها متوسطة إثر قصف مدفعي أو جوي إو اطلاق نار من أسلحة مختلفة.
وأضاف أن الكوادر تقدم لهم الإسعافات الطبية اللازمة، إلا أن هناك حالات يصعب علاجها في ظل الإمكانيات البسيطة فتفارق الحياة بعد دقائق أو ساعات من وصولها إلى المشفى، فضلا عن أن هناك أطفال فارقوا الحياة بسبب سوء التغذية.
منوها الى أن دائرة الطب العدلي المجاورة للمشفى هي الأخرى تستقبل عشرات الجثث لمدنيين من المنطقة القديمة يسقطون بسبب العمليات العسكرية.
أكل القطط والكلاب نيئة
ويقول الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان خليل إبراهيم الأشوري، رئيس منظمة المساواة والرحمة، في اتصال هاتفي مع الأناضول، إن الوضع الإنساني للمدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم خطير جد، وأنه ومن خلال رصده المستمر لسير الحياة هناك، تبين أن أغلب العائلات تعتمد على أكل الحيوانات مثل القطط والكلاب والطيور نيئة، فيما تأكل عائلات أخرى أغصان الأشجار وأوراقها والحشائش لسد جوعها بسبب عدم توفر الطعام اللازم لها.
ولفت الأشوري، يقيم حاليا في الجانب الشرقي المحرر من الموصل أن الماء (الصالح للشرب) لا وجود له، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية لا محال إن استمر الوضع على ما هو عليه لفترة أطول.
“الأشوري”، أشار إلى أن أسعار المواد الغذائية في المناطق غير المحررة، إن وجدت، مرتفعة بشكل لا يعقل؛ فسعر الكيلوغرام الواحد من مادة الرز بلغ 40 ألف دينار عراقي (نحو 35 دولار)، و30 ألف دينار عراقي للكيلوغرام الواحد من مادة السكر (نحو 26 دولارا)، وسعر العلبة الواحدة لحليب الأطفال بلغ 65 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولارا)، وسعر الكيلو غرام الواحد من مادة الدقيق (الطحين) بلغ 14 ألف دينار (نحو 12 دولارا)، أما سعر البيضة الواحدة فبلغ 6 آلاف دينار عراقي (نحو خمسة دولارات).
وأضاف الأشوري، أنه على منظمات المجتمع المدني (المحلية والإقليمية والدولية) والمجتمع الدولي وجمعيات حقوق الإنسان التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين العزل من هذه الأزمة.
ولفت إلى أن مسؤولية معاناة الإنسان الموصلي تقع على عاتق الجهات المسؤولة عن إدخال “داعش” إلى المدينة في 10 يونيو/ حزيران 2014، والجهات التي تحاول منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 ولغاية الآن إخراجه، وأن تلك الجهات إن نفذت من العقاب القانوني لما حل بالمدنيين فإن التاريخ لن يرحم ويغفر لها.
البشر ثم الحجر.. قبل “داعش”
الخبير العسكري الدكتور في العلوم السياسية عبد الوهاب الرداد، اتهم أطراف النزاع المسلح في الموصل (داعش، والقوات الأمنية، والتحالف الدولي) بعدم احترام قوانين حماية المدنيين، والإفراط باستخدام القوة النارية من أجل تحقيق كل طرف لأهدافه ومصالحه وليس لتحرير المواطن أو الحفاظ عليه كما يدعون”.
الأناضول، التقت الرداد، في مدينة أربيل، إحدى مدن إقليم الادارة الكردية شمالي العراق، وتحدثت معه عن معركة الموصل ومجرياتها فأجاب، إن “مؤشرات العمليات العسكرية الجارية في الجانب الغربي خطرة فكل يوم تشهد منطقة سكنية مجزرة تجاه المدنيين، وسط صمت دولي ومحلي خطير عن تلك الانتهاكات والخروقات التي لا مبرر لها”.
وأشار إلى أن إلحاق الضرر بالبنى التحتية العامة مثل: الجسور والمشافي والمؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية، والخاصة مثل منازل المدنيين، يعد تدميرا وليس تحريرا، وعلى واضعي هذه الخطة العسكرية إعادة النظر بها من جديد لأن الحفاظ على البشر ومن ثم الحجر أهم من سرعة القضاء على مجاميع مسلحة خارجة عن القانون.
وتابع الرداد، أن على أطراف النزاع المسلح في الموصل (القوات الأمنية والتحالف وداعش) أن يعوا أن المدنيين يتواجدون بينهم، وهم لا ذنب لهم بهذه الحرب، وعليهم احترام الحياة، وإبعاد السكان قدر الإمكان عن نيران أسلحتهم وتجنيبهم أي ضرر، وفتح ممرات آمنة لهم كي يتمكنوا من الخروج حيثما يريدون، كذلك السماح لقوافل المساعدات الغذائية والطبية والحياتية الأخرى بالدخول الى المدنية، وبخلاف ذلك فإن كل من يمسك السلاح في المدينة يعد مجرم حرب”.
عندما شنت القوات العراقية الهجوم لاستعادة الجانب الغربي للمدينة في 19 شباط/فبراير الماضي، قدرت الأمم المتحدة وجود 800 ألف مدني في هذا الشطر، فر منهم حتى الآن ما يقارب 250 ألفا، حيث تزايدت حركة النزوح على نحو متصاعد وخاصة في أعقاب مقتل العشرات في الأحياء الواقعة ضمن المدينة القديمة وسط الشطر الغربي والتي تمتاز بالأزقة الضيقة المكتظة بالمدنيين.
ومن بقي من المدنيين في الأحياء الواقعة على خط النار أو التي لا تزال تحت سيطرة “داعش” يعانون الجوع والمرض في ظل شبه انعدام للخدمات الأساسية ولا سيما الصحية. –
لحم القطط والكلاب.. غذاء السكان المحاصرين غربي الموصل
يمن مونيتور/ الموصل/ الأناضول
عندما بدأت القوات العراقية قبل نحو ستة أشهر حملة عسكرية لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، من قبضة تنظيم “داعش” الارهابي، سعت على نحو سريع لحصار مسلحي التنظيم داخل المدينة ومعهم مئات آلاف المدنيين لقطع خطوط إمداد التنظيم بين سوريا والمدينة.
لم تمر سوى أسابيع قليلة حتى سيطرت القوات العراقية والمقاتلين المتحالفين معها على الطرق الرئيسية التي تربط الموصل بمحيطها وصولا إلى إحكام حصار المدينة، وهو ما قطع وصول الإمدادات الغذائية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش” وفاقم الأزمة الانسانية بين المدنيين بمرور الأيام والأشهر.
خبر العراقيون العديد من الحروب على مدى العقود القليلة الماضية وهو ما دفعهم لتخزين ما تيسر من المواد الغذائية، لكن امتداد الحرب المتواصلة لستة أشهر أتى تقريبا على كل المخزون وجعل المدنيين في الشطر الغربي يكابدون للبقاء على قيد الحياة، بعد أن استعادت القوات العراقية الشطر الشرقي في يناير/كانون الثاني الماضي.
عمليات جراحية بدون تخدير
(م، ع)، طبيب أخصائي جراحة عامة في مشفى الجمهوري العام، غربي الموصل، فضل خلال حديثه للأناضول عبر الهاتف ذكر الحرفين الأولين من اسمه خشية ملاحقة التنظيم له وقتله، قال، إن “الحالة الصحية لجميع المدنيين المحاصرين في مناطق غرب المدينة، التي ماتزال تخضع لسيطرة التنظيم في تدهور خطير، فسوء التغذية وانعدام الخدمات والاعتماد على المياه الملوثة كلها عوامل ألقت بظلالها السلبية على الحالة الصحية للأطفال والنساء وكبار السن والرجال”.
وأضاف أنه “يوميا تصل إلى المشفى عشرات الحالات المرضية الخطيرة، إلا أنه لا يمكن تقديم أي مساعدة طبية لها والسبب أن المشفى هو الآخر لا يملك أبسط الأدوية والمستلزمات الصحية التي يمكن تقديمها للمريض؛ فالمخازن تعاني من نفاد الأدوية المسعفة للحياة ومحاليل غسل الكلى ومواد التخدير والمغذيات جراء الحصار الخانق المفروض على المدينة من جميع جوانبها والذي دخله شهره السابع”.
وأضاف، أن “جميع العمليات التي يتم إجراؤها للمصابين بطلقات نارية أو شظايا صاروخية في المشفى المركزي تتم دون تخدير، والمصاب الذي ينجوا يتم إخراجه من المشفى بأسرع وقت ممكن لأنه لا وجود للأسرة والإطارات الطبية الكافية، كذلك لا هدف للبقاء في المشفى الذي لا يملك أي دواء قد يسهم في تخفيف الألم عن المريض.
ولفت الطبيب العراقي الجراح أن الوضع كل يوم يشهد تدهورا خطيرا، والمدينة تحولت إلى “بقعة من بقاع الجحيم”.
ويتابع أنه كل يوم يخرج من بيته متجها إلى مقر عمله في المشفى، والذي يتطلب الوصول إليه نصف ساعة فقط، ليرى أن أكوام النفايات تنتشر في كل مكان، والحركة مشلولة في الشوارع والأزقة ويمكن أن ترى صور الدمار الناجم عن العمليات العسكرية أينما وجهت ناظريك.
وأشار إلى أنه في الأيام الأخير شاهد الكثير من المراكز الصحية الأهلية (الصيدليات) قد تعرضت إلى السرقة بعد كسر أقفال الأمان الخاصة بها والدخول إليها ونهب محتوياتها.
وأضاف إلى أن “داعش” من يقف وراء عمليات السرقة التي تتعرض لها المراكز الصحية الأهلية في المناطق الخاضعة لسيطرته لأنه بحاجة ماسة الى الدواء لإنقاذ مقاتليه الذين يتعرضون الى إصابات مختلفة وهم يقاتلون القوات الأمنية في محوري المدنية الجنوبي والغربي.
ويبين أن عناصر التنظيم عندما يـأتون بأحد عناصرهم الجرحى إلى المشفى يجلبون معهم الدواء والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجه أو إجراء عملية له إن كانت حالته بحاجة إليها.
وأوضح أن “الكوادر الصحية مجبرة على إسعاف أي حالة يأتي بها التنظيم، ومن يرفض يعرض حياته إلى الموت، لأن التنظيم يتهم رافضي التعامل معه بأنهم مرتدون ويجب قتلهم في الحال وفق القواعد والضوابط التي جاء بها”.
وعن حجم الخسائر بين المدنيين العزل جراء العمليات العسكرية قال الطبيب (م، ع) إنه يوميا تستقبل صالة الطوارئ عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال ورجال وكبار سن بعد أن يتعرضوا إلى إصابات متفاوتة منها خطرة ومنها متوسطة إثر قصف مدفعي أو جوي إو اطلاق نار من أسلحة مختلفة.
وأضاف أن الكوادر تقدم لهم الإسعافات الطبية اللازمة، إلا أن هناك حالات يصعب علاجها في ظل الإمكانيات البسيطة فتفارق الحياة بعد دقائق أو ساعات من وصولها إلى المشفى، فضلا عن أن هناك أطفال فارقوا الحياة بسبب سوء التغذية.
منوها الى أن دائرة الطب العدلي المجاورة للمشفى هي الأخرى تستقبل عشرات الجثث لمدنيين من المنطقة القديمة يسقطون بسبب العمليات العسكرية.
أكل القطط والكلاب نيئة
ويقول الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان خليل إبراهيم الأشوري، رئيس منظمة المساواة والرحمة، في اتصال هاتفي مع الأناضول، إن الوضع الإنساني للمدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم خطير جد، وأنه ومن خلال رصده المستمر لسير الحياة هناك، تبين أن أغلب العائلات تعتمد على أكل الحيوانات مثل القطط والكلاب والطيور نيئة، فيما تأكل عائلات أخرى أغصان الأشجار وأوراقها والحشائش لسد جوعها بسبب عدم توفر الطعام اللازم لها.
ولفت الأشوري، يقيم حاليا في الجانب الشرقي المحرر من الموصل أن الماء (الصالح للشرب) لا وجود له، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية لا محال إن استمر الوضع على ما هو عليه لفترة أطول.
“الأشوري”، أشار إلى أن أسعار المواد الغذائية في المناطق غير المحررة، إن وجدت، مرتفعة بشكل لا يعقل؛ فسعر الكيلوغرام الواحد من مادة الرز بلغ 40 ألف دينار عراقي (نحو 35 دولار)، و30 ألف دينار عراقي للكيلوغرام الواحد من مادة السكر (نحو 26 دولارا)، وسعر العلبة الواحدة لحليب الأطفال بلغ 65 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولارا)، وسعر الكيلو غرام الواحد من مادة الدقيق (الطحين) بلغ 14 ألف دينار (نحو 12 دولارا)، أما سعر البيضة الواحدة فبلغ 6 آلاف دينار عراقي (نحو خمسة دولارات).
وأضاف الأشوري، أنه على منظمات المجتمع المدني (المحلية والإقليمية والدولية) والمجتمع الدولي وجمعيات حقوق الإنسان التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين العزل من هذه الأزمة.
ولفت إلى أن مسؤولية معاناة الإنسان الموصلي تقع على عاتق الجهات المسؤولة عن إدخال “داعش” إلى المدينة في 10 يونيو/ حزيران 2014، والجهات التي تحاول منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 ولغاية الآن إخراجه، وأن تلك الجهات إن نفذت من العقاب القانوني لما حل بالمدنيين فإن التاريخ لن يرحم ويغفر لها.
البشر ثم الحجر.. قبل “داعش”
الخبير العسكري الدكتور في العلوم السياسية عبد الوهاب الرداد، اتهم أطراف النزاع المسلح في الموصل (داعش، والقوات الأمنية، والتحالف الدولي) بعدم احترام قوانين حماية المدنيين، والإفراط باستخدام القوة النارية من أجل تحقيق كل طرف لأهدافه ومصالحه وليس لتحرير المواطن أو الحفاظ عليه كما يدعون”.
الأناضول، التقت الرداد، في مدينة أربيل، إحدى مدن إقليم الادارة الكردية شمالي العراق، وتحدثت معه عن معركة الموصل ومجرياتها فأجاب، إن “مؤشرات العمليات العسكرية الجارية في الجانب الغربي خطرة فكل يوم تشهد منطقة سكنية مجزرة تجاه المدنيين، وسط صمت دولي ومحلي خطير عن تلك الانتهاكات والخروقات التي لا مبرر لها”.
وأشار إلى أن إلحاق الضرر بالبنى التحتية العامة مثل: الجسور والمشافي والمؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية، والخاصة مثل منازل المدنيين، يعد تدميرا وليس تحريرا، وعلى واضعي هذه الخطة العسكرية إعادة النظر بها من جديد لأن الحفاظ على البشر ومن ثم الحجر أهم من سرعة القضاء على مجاميع مسلحة خارجة عن القانون.
وتابع الرداد، أن على أطراف النزاع المسلح في الموصل (القوات الأمنية والتحالف وداعش) أن يعوا أن المدنيين يتواجدون بينهم، وهم لا ذنب لهم بهذه الحرب، وعليهم احترام الحياة، وإبعاد السكان قدر الإمكان عن نيران أسلحتهم وتجنيبهم أي ضرر، وفتح ممرات آمنة لهم كي يتمكنوا من الخروج حيثما يريدون، كذلك السماح لقوافل المساعدات الغذائية والطبية والحياتية الأخرى بالدخول الى المدنية، وبخلاف ذلك فإن كل من يمسك السلاح في المدينة يعد مجرم حرب”.
عندما شنت القوات العراقية الهجوم لاستعادة الجانب الغربي للمدينة في 19 شباط/فبراير الماضي، قدرت الأمم المتحدة وجود 800 ألف مدني في هذا الشطر، فر منهم حتى الآن ما يقارب 250 ألفا، حيث تزايدت حركة النزوح على نحو متصاعد وخاصة في أعقاب مقتل العشرات في الأحياء الواقعة ضمن المدينة القديمة وسط الشطر الغربي والتي تمتاز بالأزقة الضيقة المكتظة بالمدنيين.
ومن بقي من المدنيين في الأحياء الواقعة على خط النار أو التي لا تزال تحت سيطرة “داعش” يعانون الجوع والمرض في ظل شبه انعدام للخدمات الأساسية ولا سيما الصحية.