كانت إشارة ذكية من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى ثلاثي الانقلاب، عبدالملك الحوثي والمخلوع صالح ونجله أحمد الذي وصفه بأنه ممول الانقلاب. كانت إشارة ذكية من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى ثلاثي الانقلاب، عبدالملك الحوثي والمخلوع صالح ونجله أحمد الذي وصفه بأنه ممول الانقلاب.
لا شيء سيثير حنق صالح وغضبه وحقده أكثر من هذا التوصيف الدقيق الذي أطلقه الرئيس هادي على من ظل المخلوع يراهن عليه ويتحين الفرصة لتقديمه بديلاً محتملاً في اية تسوية قد تأتي في حال فشلت مغامرة الحرب التي أرادها وسيلة لاستعادة ما يعتبرها سلطة مسلوبة.
لا يقتصر الأمر على صالح، بل أن إشارة كهذه ستحرج الإمارات العربية المتحدة، التي لا يمكن فصلها عن الأنشطة التمويلية التي يقوم بها نجل المخلوع من مقر إقامته في أبو ظبي، في ضوء وضعه الملتبس الذي لم يتضح بعد ما إذا كان يخضع للإقامة الجبرية كما روج صالح من قبل، أم أنه يتحين الفرصة للقيام بدور متفق عليه؟
كانت إشارة الرئيس جريئة وموفقة في مرحلة نحتاج فيها إلى اليقين الكامل بشأن مسار الحرب وإلى أين يتجه وما هي غاياته النهائية، وأن نتجنب الوقوع في فخ العرض المراوغ للأفضل من بين حلف الانقلاب، والذي يقدمه البعض من وقت إلى آخر محاولاً إقناعنا بأن صالح هو الخيار الأفضل مقارنة بالحوثي المرتبط بإيران.
معظم المعلومات المسربة تؤكد أن أحمد علي ما يزال منخرطا في القتال الدائر باليمن، عبر إشرافه على وحدات الحرس الجمهوري المنحل، ويقوم بعقد صفقات على هامش الحرب في سياق ترتيبات محسوبة بعناية ومن ضمن أهدافها إعادة دمج العميد أحمد في جسم الدولة اليمنية على راس المؤتمر الشعبي العام وعبر تولي مناصب قيادية في الدولة.
واحدة من نقاط الضعف الرئيسية التي تكتنف أداء التحالف في اليمن هو هذه الضبابية والخلط غير المنطقي بين أهداف الحرب، إلى حد تبدو معه هذه الحرب مجرد إعادة ترتيب للاعبين السياسيين المحتملين في المشهد السياسي القادم، الذي يفترض أن من نحاربهم سوف يتصدرون في الواقع ذلك المشهد وسيرثون الدولة فقط لأنهم فقط نقيض سياسي وايديولوجي لحركة الإسلام السياسي وفي القلب منها “الإخوان المسلمون”.
لكن لا يجب أن يكتفي الرئيس هادي بمجرد الإشارات بل يجب أن يكون واضحاً أمام شركائه في التحالف، بأن اليمن أوسع من عائلة صالح ومن ميلشيا الحوثي الطائفية المسلحة، ومن حركة الإخوان المسلمين كذلك، ويمكن أن نمضي قدماً في بناء اليمن بدون هذه الحركات، دون أن نحتاج إلى أن نقع في هذه التناقضات المعيبة التي تثير اليأس وتفكك الجبهة.
خيار اليمن الاتحادي، هو خيار ديمقراطي مدني بالأساس، وهذا يعني بالضرورة تحييداً كاملاً لكل التنظيمات الأيدولوجية، التي يجب أن تنكفئ على الهويات الدعوية والفقهية، وتعمل بانضباط كامل تحت مظلة القانون.
وهذا الأمر ينظم في إطار الدستور والقانون الاتحادي، وليس عبر ترتيبات يجري خلالها استدعاء من لفظهم الشعب، وإعادة تسويقهم من جديد في ساحة قدمت الكثير من التضحيات ولم تعد تحتمل خوض جولة عنف جديدة، لن يقود إليها إلا وقوع البلاد مجدداً في حضن الدكتاتورية السياسية الغاشمة.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.