متاحف اليمن العريقة على خط النار
خصصت اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف عددها الجديد من “كراسات متحفي” لمتاحف اليمن وأهدته إلى روح عبدالحليم نورالدين الذي رحل عن عالمنا بعد سنوات من العمل في الحقل الأثري، كما عمل في كلية الآداب بجامعة صنعاء لسنوات وكتب عن آثار ومتاحف اليمن وتتلمذ على يديه عدد من الأثريين اليمنيين. يمن مونيتور/العرب اللندنية
خصصت اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف عددها الجديد من “كراسات متحفي” لمتاحف اليمن وأهدته إلى روح عبدالحليم نورالدين الذي رحل عن عالمنا بعد سنوات من العمل في الحقل الأثري، كما عمل في كلية الآداب بجامعة صنعاء لسنوات وكتب عن آثار ومتاحف اليمن وتتلمذ على يديه عدد من الأثريين اليمنيين.
الكراسة التي قدم لها خالد عزب رئيس اللجنة الوطنية للمتاحف وماهر عيسى الأستاذ في جامعة الفيوم، عبارة عن دراسة للباحث عبدالحليم نورالدين ذكر فيها أن اليمن يمتلك متحفا وطنيا يضم مجموعات متنوعة من المقتنيات الأثرية الرائعة تجمّعت هذه المقتنيات من عدة مدن ومناطق يمنية نذكر منها صرواح ومأرب والحزم ومعين وهمدان وظفار وذبين وتعز وزبيد.
وفي تقديمه قال خالد عزب “يعود اختيارنا لموضوع متاحف اليمن إلى عمل الباحث نورالدين لفترة من الزمن في قسم الآثار بجامعة صنعاء وإسهامه في الكتابة والبحث حول آثار ومتاحف اليمن”.
وأضاف “في ظل الحروب تصبح المتاحف على خط النار، حيث أثرت الحرب الأخيرة الدائرة بالسلب وبصورة كبيرة على أوضاع المتاحف باليمن، وليس لدينا إلى الآن تقرير واضح المعالم ومتكامل عن أثر الحرب الأخيرة على المتاحف اليمنية التي يقدر عددها بـ22 متحفا. لذا رأت اللجنة الوطنية المصرية للمتاحف نشر هذه الكراسة لكي تثير اهتمام الباحثين والمثقفين والسياسيين بوضع التراث في اليمن. فإغلاق متحف بيت الموروث الشعبي في عام 2010 قبل اندلاع النزاعات السياسية في اليمن كان مؤشرا على صعوبة وضع المتاحف”.
وأكد عزب أن اليمن بلد ثري بحضاراته وتراثه منذ عصور ما قبل التاريخ إلى الآن، وقد أصبح بحاجة ماسة لحملة دولية للتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه الآن، لذا أطلقت اليونسكو حملة وبعض المتاحف حملات أخرى موازية، لكن هذا لن يتأتى إلا عبر صندوق إنقاذ تراث اليمن على غرار صندوق إنقاذ آثار النوبة الذي أسسته اليونسكو والحكومة المصرية بدعم دولي وكان له الفضل في إنقاذ تراث النوبة ثم إقامة متحف للنوبة وحضارتها.
وهذه الحملة تعود حتميتها إلى تنوع تراث اليمن منذ عصور ما قبل التاريخ إلى الآن، وهو ما انعكس على عدد المتاحف في اليمن وعلى تنوعها بل في مستوى طرافة معروضاتها وجاذبيتها ومنها متحف العادات والتقاليد في عدن.
كما أشار عزب إلى أنه لم تكن المتاحف هي التي تضررت فقط بل إن العديد من المواقع الأثرية تعرضت أيضا للتدمير، وأن التقديرات الأولية تشير إلى تأثر ما لا يقل عن مئة موقع أثري يمني بشدة جراء الحرب الأخيرة، فضلا عن تعرض ما يقرب من ألف موقع لأضرار متوسطة، فيما تعرض ما يزيد على 400 موقع لأضرار جزئية.
وأكد الباحث نورالدين في دراسته أن الدولة العريقة تعوّدت من خلال وعي الشعب على أن تتغنى بتراثها وأن تشهد الدنيا كلها على قيمة هذا التراث، بل تعكف هذه الدول بكل زهو على ترديد أمجاد الماضي وكأنها تعزف سيمفونية إنجازاتها الحضارية المبدعة، مؤكدا على أهمية المتحف الوطني في اليمن.
من أشهر معروضات التراث اليمني العريق من التماثيل تمثال من البرونز الخالص، وهو تمثال جيد الصنع أجاد المثّال الماهر تشكيله ويخص هذا التمثال شخصية مرموقة من عهد حضارة “سبأ” وهو “معمدي يكرب”
فهذا المتحف، في رأي الباحث، يعلن عن الوجه الحقيقي للتراث الأثري اليمني بل هو محراب الشدو البديع الذي يستعلي به اليمن ويضع نفسه وتاريخه في صف واحد مع أنداده من الدول العريقة ليس على صعيد الشرق الأدنى فقط بل على الصعيد العالمي كله.
وأوضح نورالدين أن من أشهر معروضات التراث اليمني العريق من التماثيل تمثال من البرونز الخالص، وهو تمثال جيد الصنع أجاد المثّال الماهر تشكيله ويخص هذا التمثال شخصية مرموقة من عهد حضارة “سبأ” وهو “معمدي يكرب”، وقد نقش المثّال على صدر التمثال نقشا يحمل اسم صاحبه ويغطي ظهره جلد أسد ويؤرخ له في الغالب بعام 500 قبل الميلاد، ويضم القسم نفسه مجموعة أخرى من التماثيل البرونزية.
وهناك أيضا مجموعة كبيرة من التماثيل النذرية التي كانت توضع في المعابد للذكرى أو التي كانت تقدم قربانا للآلهة وأضيفت إليها مجموعة أخرى من التماثيل البدائية الآدمية والحيوانية الصغيرة وربما كانت تستخدم في أغراض السحر وطقوسه في الماضي البعيد وفي إطار التعبد، وهي في معظمها مصنوعة من الفخار وتعود في الأغلب إلى تراث الإنسان في العصر الحجري الحديث.