كتابات خاصة

على قارعة سيل

فكرية شحرة

كنت أظنها عائلة من فئة المهمشين بسبب سمرتهم الشديدة وقبولهم التعايش مع موقع العمارة التي هجرت تقريباً بسبب خطورته، فهو ملاصق لإحدى كبريات السوائل في إب. مؤخراً، لاحظت سكن عائلة في عمارة غير مكتملة تقع في طرف الحي ملاصقة لمجرى السائلة.
كنت أظنها عائلة من فئة المهمشين بسبب سمرتهم الشديدة وقبولهم التعايش مع موقع العمارة التي هجرت تقريباً بسبب خطورته، فهو ملاصق لإحدى كبريات السوائل في إب.
كان المهمشون فقط هم من يسكنون حيث ألقت بهم أقدارهم الشقية.
لكنني عرفت أنها عائلة نازحة من المخا ألقت بها أقدار الحرب  القاسية في سكن عارِ من السكن، فبالإضافة لموقع المنزل لم يكن منزلاً قد اكتمل بنائه، مفتحة نوافذه للبرد والريح والمطر ليس فيه سوى سقف لا يحجب دعوة المقهور في هذا الوطن.
أثناء مروري أشاهد عددا كبيرا من الأطفال الشعث تعلوهم غبرة النزوح وسوء الحال والمعيشة، يلعبون قرب سائلة لم تعلن بعد عن غضبها وخطفها للأروح ككل شيء بلا نظام في هذا البلد.
تنطلق ضحكاتهم وقد تناسوا قسوة النزوح بعد الفكاك من الموت..
هم لا يهتمون بقرار المحكمة الجزائية ضد هادي..
ولا يتطلعون للرقم النهائي لحشود المخلوع..
ولا يعلمون من هو الذي اغتصب الدولة و شردهم من أرضهم الدافئة وزرعهم في أرض لا تعرفهم معرفة كافية.
لا يعلمون من حرمهم زرقة البحر ليغرسهم في مجرى سيل يحمل كل أوساخ المدينة ومخلفات البشر العقلية والمعيشية.
يضحكون للنجاة من غرق إلى غرق آخر لا يشعر به إلا أولئك الكبار منهم والذين يرمقون المارة عبر فتحات نوافذ لا نوافذ لها.
 ومن على سطح منزل سيصله السيل قريباً مثلما وصلت الحرب قراهم النائية.
هم الذين يعانون المرّ من وجع الحاجة ويعانون الأمرّ بالبقاء على إحسان الآخرين.
هم لا يتابعون أخبار الحرب على قنوات التلفزيون وصفحات الفيس ومواقع العاجل، فلا وسائل حياة طبيعية لديهم.
هم لا يكتبون عن الألم والتشرد والفقر والمهانة، أو يزايدون عليها أو يتاجرون بها.
هم فقط يعيشون تفاصيل الكارثة بحذافيرها وتفاصيلها المرعبة.
هم البسطاء من يدفعون ثمن أخطاء كل اللاعبين وما زالوا يعاملون كمهمشين في مأساة حرب تنتفخ لها جيوب وتجوع بسببها شعوب.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى