اخترنا لكمتراجم وتحليلاتتقاريرغير مصنف

(انفراد) ذوبان القضية الجنوبية بتصاعد خطوط الصدع الجغرافية باليمن

تظهر خطوط الصدع الجغرافية مجدداً مستهدفةً وحدة الأراضي اليمنية فيما لاتزال القوات الحكومية تواجه المسلحين الحوثيين على تخوم الخط الفاصل بين الشمال والجنوب كما تتوغل في عدة مناطق بالشمال لإسقاط سلطة الجماعة المسلحة المتحالفة مع نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

يمن مونيتور/ تقدير موقف/ خاص:
تظهر خطوط الصدع الجغرافية مجدداً مستهدفةً وحدة الأراضي اليمنية فيما لاتزال القوات الحكومية تواجه المسلحين الحوثيين على تخوم الخط الفاصل بين الشمال والجنوب كما تتوغل في عدة مناطق بالشمال لإسقاط سلطة الجماعة المسلحة المتحالفة مع نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
تُنبئ تزايد حركة المطالبة بالانفصال دون تقديم بدائل لحدود جديدة، إلى العودة إلى ما قبل عام 1990م، بعيداً عن الاستفتاء أو تقرير المصير. في وقت يكافح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من أجل التخلص من مشاعر الانفصال المتنامية في صفوف قواته مع اتهامات بتلقي دعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.
تحدث قادة في الحراك الجنوبي لـصحيفة ميدل ايست آي البريطانية الأسبوع الماضي: “لا نعترف ب عبدربه منصور هادي الذي ظل أكثر من 20 عاماً نائباً للرئيس ولم يشعر بمظلوميتنا”، “لقد قبلناه فقط لأنه جاء مع دولة الإمارات العربية المتحدة والتحالف”. “لا يحق للرئيس هادي إقالة أي قائد عسكري من قوات الحزام الأمني”!
في منتصف فبراير/ شباط اندلعت اشتباكات بين قوات الحماية الرئاسية وقوات تتبع صالح العميري (أبو قحطان) القائد السابق المسؤول على حماية مطار عدن، بعد قرار هادي بتعيين قائد بديل عنه، ورفض (أبو قحطان) تسليم المطار للقوة الرئاسية. وتشير المعلومات إلى أن طائرة تابعة للتحالف العربي (الإمارات العربية المتحدة) استهدفت مدرعة تابعة لقوات الحماية الرئاسية في عدن، وأصابت ثلاثة جنود بجروح، وهي المرة الأولى التي تتدخل فيها قوة إماراتية-تابعة للتحالف- في حوادث مماثلة جرت عدة مرات العام الماضي. وتظهر الحادثة فوضى تتعلق بتنازع صلاحيات الرئيس اليمني مع دولة الإمارات، التي تحاول بسط نفوذها وهيمنتها على الأوضاع في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها هذا التنازع إلى السطح. حاول الرئيس اليمني معالجة الأزمة بزيارة إلى الرياض الأكثر تعاطفاً مع قضيته لوضع حد للتدخلات الإماراتية لكن ذلك لم يسفر إلا عن جولات مكوكية عَدمية بين الرياض وأبوظبي وعدن.
تخلق الحروب الأهلية تحالفات غير عادية. وقد كان الحراك قوة هادئة تقف وراء الحكومة اليمنية وقوات التحالف السعودي دون قيد أو شرط في الجنوب، ولكن نفي التحالف العسكري معهم من الرئيس «عبد ربه منصور هادي» والسعودية لا ينذر بالانتقال السلس عندما تنتهي الحرب.
 
تنامي المشاعر الانفصالية
نشر موقع وور أون ذا روكس تحليلاً معمقاً عن تجاهل الحركة الإنفصالية جنوبي اليمن: “شكل القادة العسكريون والسياسيون الجنوبيون الحراك في عدن في عام 2007. وكانت حركة الاحتجاج السلمية تهدف إلى لفت الانتباه إلى السياسات الإقصائية من النخب الشمالية التي استولت على العديد من المراكز الحكومية الرئيسية والمراكز العسكرية بعد توحيد اليمن في عام 1990 وبعد الحرب الأهلية في عام 1994. وتنتشر الحركة من شرق عدن إلى المهرة وتعمل على معالجة المظالم الجنوبية الكبيرة مثل الاستيلاء على الأراضي والموارد. وقد ساعدت هذه المظالم على بناء المشاعر الانفصالية في الجنوب. ومع ذلك، فإن المشاعر الانفصالية لا تزال أكثر شعبية في عدن والمدن الجنوبية الغربية، حيث يحتفظ السكان بذكريات من الجمهورية الديمقراطية الشعبية الاشتراكية في اليمن.
 
القضية الجنوبية
أدت مظالم الحراك وازدراءهم للنخبة الحاكمة من إيجاد قضية مشتركة مع الحوثيين خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر عشرة أشهر بين (مارس/آذار 2013 و يناير/كانون الثاني 2014م) وهدف المؤتمر إلى بناء شكل جديد للدولة اليمنية، وخرج بأقاليم ستة كانت جاهزة للاستفتاء ضمن دستور جديد للبلاد لولا تدخل الحوثيين واجتياحهم للعاصمة صنعاء.
وبالرغم من اعتقاد أفراد من الحراك الجنوبي أنهم يلتقون مع الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني إلا أن تلك العلاقة توترت بسبب فرض حصار على المدن الجنوبية في أثناء السعي للإطاحة بـ«هادي»، وقد نهب الحوثيون أراض من الجنوب بشكل يشبه جدا الأعمال العدائية السابقة للشمال، وقد دفعتهم هذه الأعمال إلى علاقة غير سهلة مع «هادي» والسعودية وقوات التحالف.
 ومع هذا الصدع المستمر تذوب القضية الجنوبية ومخرجات الحوار الوطني، وتضع مستقبلاً غامضاً لمعالجة المظالم التي ارتكبها نظام علي عبدالله صالح.

علاقة الحراك بهادي
يعتقد كثيرون أن الحراك الجنوبي -الانفصالي- يقاتل إلى جانب الرئيس عبدربه منصور هادي، وهذا جزئياً غير صحيح إذ أن عدد كبير من القيادات ونشطاء الحراك يقولون: “إن هادي أحد أسباب المظلومية التي تلقوها خلال حكم علي عبدالله صالح بصفته كان نائباً”. ويحاول هادي إرضاء قيادات الحراك بالعمل على وضعهم في المناصب مع إعطاءه وعود مُبهمة عن المستقبل. لكنه لا يستطيع تنامي المطالبة بالانفصال عن الشمال في أوساط الجماهير الذين يعرفون أعلام التشطير في الشوارع الرئيسية لـ”عدن”. تترقب حضرموت (القبلية) تنامي تلك الحركات الانفصالية وترغب حقاً في الاستقلال في دولة منفصلة عن دولتين.
قد لا يكون الحراك الجنوبي حركة متماسكة فهو خليط من فصائل مجزأة ومفككة فكرياً وسياسياً وتتنازع مؤخراً بين الانفصال أو منطقة فدرالية للجنوب. لكن الاحتفالات التي يقيمها يؤكد أنه رغم التفكير التجزيئي لخليط الحركات والأفكار إلا أن الرغبة بالوصول إلى إنهاء للأزمة مستمر، والذي زاد حدته مع تدخل التحالف العربي لمواجهة الحوثيين، حتى أن قيادات في الحراك ترى أن تدخل التحالف العربي جاء لـ”يعطي الاستقلال للجنوب”. وتتمتع الفصائل المسلحة للحراك بتدريب وتسليح عالي قدمته دولة الإمارات ومن شأن هذا السلاح وتزايده أن يعطي لمحةً لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب للبلاد في كيفية التعامل معه، بدلاً من أن يتحول إلى مخاطر أمنية.
كلما زاد أمد الحرب واحتدت فإن الترابط بين هادي والحراك الجنوبي يُصبح هشاً ويتفاقم. وستسقط محاولات هادي دعم رابطتهما عبر استرضاء الشخصيات الجنوبية البارزة. وستفشل معها محاولات الحراك الجنوبي إحكام السيطرة على المناطق المحررة والواقعة تحت سيطرتها إن توسعت في دائرة العداء للمناطق المحلية التي ترأسها.
يحتاج اليمنيون إلى دولة ضامنة تكفل حقوقهم السياسية والاجتماعية وتعالج كل مشاكلهم المتعلقة بالمظالم أو بالهويات الفرعية، ليس الحراك فقط وإنما بقية القضايا التي ألقها علي عبدالله صالح لنظام لاحق لم يجد الاستقرار مع استمرار الحروب.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى