أطفال اليمن يكافحون الجوع بالتسول
الحرب الدائرة رحاها منذ أكثر من عامين في اليمن، أجبرت آلاف الأطفال على التسول في الشوارع لتوفير لقمة العيش. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
بحثا عن الطعام، ومكافحة للجوع، تحول عدد من الأطفال اليمنيين إلى متسولين في الشوارع والطرقات، في مؤشر كبير على تفشي ظاهرة الفقر المعيشي في هذا البلد الذي يشهد حربا عنيفة منذ قرابة عامين.
وأنت تتجول في أحياء العاصمة اليمنية صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ سبتمر/ أيلول 2014، يلفت انتباهك الازدياد المضطرد لأعداد المتسولين الباحثين عن قوت يومي يبقيهم على قيد الحياة.
في الطرقات والشوارع وداخل الأحياء، وفي الأسواق والمساجد، تجد العديد من المتسولين بينهم أطفال ونساء.
أفراح طفلة يمنية تبلغ من العمر ( 15 عاما) نزحت إلى العاصمة صنعاء، برفقة أسرتها مع بداية الحرب من منطقة حرض التابعة إداريا لمحافظة حجة شمال غربي البلاد، المحاذية للحدود السعودية التي تشهد أعنف المعارك والقصف الجوي.
حاليا تعيش مع أسرتها بأحد أحياء صنعاء، وضعا صعبا للغاية؛ ما أجبرها على سؤال الناس في الطرقات والشوراع بحثا عن طعام يعيل أسرتها المكونة من سبعة أفراد.
تخرج أفراح مع مجيئ صباح كل يوم إلى شوارع صنعاء للتسول، والعودة إلى منزلها ظهرا لإطعام أسرتها وقد حصلت على مال يسير، فضلا عن طعام من بعض فاعلي الخير في المطاعم.
يبدو على أفراح الحزن الكبير جراء تحول حياتها إلى مأساة بفعل الحرب التي شردتها وأسرتها، مشيرة في تصريح لـ” يمن مونيتور” إلى أنها “كانت تعيش السعادة والستر قبل الحرب والنزوح، كون والدها كان يعمل في مجال البناء قبيل اندلاع الحرب؛ غير أنه توقف عن العمل ولم يستطع الحصول على فرصة للعمل في صنعاء، ما أجبرها على طلب التسول”.
تضيف أفراح التي تحولت حياتها بشكل معاكس تماما لاسمها، “كان والدي يعطينا كل شيئ قبل الحرب، فقد كان يعمل بشكل مستمر، ويوفر كل احتياجات الأسرة، أما الآن فقد تغير الوضع بشكل محزن”.
وتابعت بالقول: “لم أمد يدي لأحد من قبل، ولم أكن أتوقع أن أتسول الناس بحثا عن طعام؛ لكن حاليا ليس بيدنا شيئ لنعيش، فقد حولت الحرب حياتنا إلى جحيم”.
وتشكو أفراح من اعتداء بعض الأشخاص عليها لفظيا، بسبب تسولها، ونظرة البعض لها باحتقار وازدراء، شأنها شأن الكثيرات ممن اضطرتهن الظروف للخروج للشوارع ومد أيديهن للمارة.
تشعر “أفراح” بحزن عميقنتيجة توقفها عن الدراسة بعد أن كانت تدرس في المرحلة المتوسطة في منطقة حرض، غير أنها بسبب النزوح لم تستطع المواصلة بصنعاء.
في حي الدائري وسط صنعاء، يقف الطفل عدنان يتسول الناس بحثا عن نقود يعيش بها وأسرته.
يشير في حديث لـمراسلة “يمن مونيتور” إلى أن “والده كان يعمل سائق دراجة نارية، غير أنه تعرض لجراح بالغة إثر حادث مروري؛ ما أجبره على القعود وعدم العمل، وهو ما جعل أسرته تعيش دون عائل، وفي وضع معيشي صعب”.
يضيف عدنان، “أتسول فقط من أجل الحاجيات الأساسية للحياة، نريد أن نعيش فقط، ولا نطمح لأشياء أخرى”.
وتابع، “لو كان والدي يعمل وبصحة جيدة؛ لم أكن أتحول إلى متسول من أجل إعالة أسرتي، غير أن الوضع السيئ الذي تعيشه اليمن، وعدم قدرتنا على توفير الطعام، أجبراني على ذلك”.
ويواصل حديثه بالقول إنه “يتسول في الفترة الصباحية، ويعود إلى الدراسة في إحدى مدارس صنعاء الحكومية بعد الظهيرة، رغم الواقع السيئ الذي يعيشه مع أسرته.
يعيش عدنان مع والديه وثلاث أخوات، ويعرضه التسول لإزعاج بعض الأشخاص، والاعتداء عليه بألفاظ نابية، فضلا عن مطادرته من قبل مالكي بعض المحال التجارية، إن أراد التسول أثناء تواجد الزبائن أو أمام تلك المحال.
قذفت الظروف الصعبة بالطفلين أنور (6 سنوات)، ورغد ( 8 سنوات)، القادمين من محافظة الحديدة الساحلية غربي البلاد، إلى شوارع العاصمة صنعاء، بعد أن فقدت اسرتهما المكونة من والديهما وخمسة إخوة آخرين، كل مصادر العيش، كشاهد على المأساة التي وصلت إليها البلاد بسبب الحرب.
تقول رغد لـ”يمن مونيتور” إنها تتسول من أجل المشاركة في إعالة أسرتها المكونة من والديها وخمسة أولاد، مشيرة إلى أن أمها أيضا أجبرها الوضع الحالي على التسول، هي الاخرى”.
وتصنّف اليمن من أفقر دول العالم، وتشهد منذ قرابة عامين حربا عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للحكومة والمسنودة بطيران التحالف العر بي، من جهة، ومسلحي الحوثي والقوات الموالية لهم، من جهة أخرى، مخلفة عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، و3 ملايين نازح في الداخل، حسب تقديرات للأمم المتحدة، إضافة إلى تسببها بتفشي ظاهرة الفقر وانتشار للمجاعة في عدة مناطق بالبلاد، ناهيك عن تأثيرها بشكل سلبي كبير على حياة العديد من الأطفال.