اهتمام أمريكي متزايد لدراسة العلاقة بين الحوثيين وإيران قبل بدء عمليات عسكرية في اليمن
يهتم المحللون الأمريكيون طوال شهر فبراير/ شباط المنصرم بالفصل بين تجربتي حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن من حيث درجة الولاء والعلاقة بإيران، مع تزايد اهتمام الإدارة الأمريكية بشن عملية لمواجهة إيران في اليمن.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
يهتم المحللون الأمريكيون طوال شهر فبراير/ شباط المنصرم بالفصل بين تجربتي حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن من حيث درجة الولاء والعلاقة بإيران، مع تزايد اهتمام الإدارة الأمريكية بشن عملية لمواجهة إيران في اليمن.
ونشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية وتلفزيون فوكس نيوز تحليلين متزامنين تسردان نفس الرؤية بخصوص الحوثيين في البلاد، والتي تدعو إدارة دونالد ترمب إلى عدم خوض مواجهة مع إيران في اليمن.
والشهر الماضي أبدى الجيش الأمريكي توجسه من استخدام الحوثيين لقارب دون قائد وتطور سلاح البحرية في أيديهم من استهداف الملاحة الدولية، ولم ينف قائد كبير فيه من استخدام القوة ضد الحوثيين لوقف هذه العمليات. وقال موقع “ديفينس نيوز” الأمريكي المتخصص بأخبار الدفاع، وترجمه “يمن مونيتور” إلى العربية، إن القارب الحوثي الذي هاجم وضرب الفرقاطة السعودية في 30 يناير/كانون الثاني في البحر الأحمر، كان قارب بدون قائد، يتم التحكم به عن بعد، حسب خبراء في البحرية الأمريكية بالشرق الأوسط تحدثوا للموقع.
ولا ينفي المحللون الأمريكيون وجود علاقة بين الحوثيين وإيران وحزب الله لكنهم يرون أن العلاقة التي تظهر ليست عميقة بحيث تشير إلى أن جماعة الحوثي أداة إيرانية في شبه الجزيرة العربية.
وتقول مجلة فورين بوليسي: “سوف تكون اليمن ساحة أول مواجهة بين إدارة ترامب وإيران. ومن حسن حظ حلفاء ترامب في دول الخليج، وخصوصًا السعودية والإمارات، أنَّ فريق الأمن القومي لترامب يبدو أنه يرى الحوثيين ــ وهم ميليشيا يمنية زيدية تقاتل مع أجزاء واسعة من الجيش ومجموعات قبلية شمالية متحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ضد عدد من الخصوم المحليين ــ بنفس الطريقة التي يرى بها حزب الله. يعني ذلك أنه يعتقد أنَّ الجماعة جزء من خطة إيرانية كبرى لبناء تحالف شيعي قوي ضد منافسها الإقليمي، المملكة العربية السعودية”.
اليمن طريقة غير مكلفة لاستعداء السعودية
وتضيف المجلة: “إنه ليس ثمة دليل كبير على الدعم الإيراني للحوثيين حتى الآن، بصرف النظر عن الخطاب الإيراني المؤيد بقوة للحوثيين. كل ما هنالك أنَّ الإيرانيين أوصلوا شحنات أسلحة للحوثيين، ومن المحتمل أن يكون الحوثيون قد تلقوا استشارات عسكرية من حزب الله وضباط الحرس الثوري، الذين ربما يكونون قد ساعدوهم على إطلاق الصواريخ على الأراضي السعودية واستهداف السفن السعودية في البحر الأحمر. في غضون ذلك، فإنَّ الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي والبريطاني للتحالف الذي تقوده السعودية، فاقا بمراحل أي دعم تلقاه الحوثيون من طهران”.
بالنسبة لإيران، فإنَّ اليمن طريقة غير مكلفة لاستعداء السعودية، التي أنفقت مليارات على حرب اليمن، في الوقت الذي أنفقت فيه طهران مبالغ ضئيلة مقارنة بالسعودية.
ربما ترى إدارة ترمب في اليمن فرصة لإظهار عزمها على مواجهة الإصرار الإيراني دون إشعال فتيل حرب أكبر في الشرق الأوسط. أما في سوريا، فالأمر على خلاف ذلك، إذ تركز الولايات المتحدة على الدولة الإسلامية (داعش) فحسب، بدلًا من التركيز على تدمير نظام الأسد لشعبه: إن أي إجراء أعنف ضد إيران أو وكلائها سوف يتضمن مخاطر أكبر، بالنظر إلى تحالف إيران مع روسيا. أما في العراق، فربما تحتاج الولايات المتحدة إيران – في صورة الميليشيات الشيعية – باعتبارها شريكًا أساسيًا للجيش العراقي الضعيف في حربه ضد داعش، المتحصنة في الموصل. أما في الخليج، فإنَّ التورط في مواجهة ضد البحرية الإيرانية يحمل مخاطر التسبب في مواجهة مباشرة أوسع نطاقًا معها.
وتابعت بالقول: “ومن ثم، فربما ترى واشنطن زيادة الدعم العسكري للتحالف السعودي، بل وحتى الضربات المباشرة ضد الحوثيين، رسالة قوية، قليلة التكلفة لإيران. وهي رسالة، لا شك، سوف تقابل بالترحيب من قبل السعودية، التي راهن نائب ولي عهدها، محمد بن سلمان، بسمعته للفوز في هذه الحرب، وسوف ترحب بها الإمارات أيضًا. هاتان الدولتان ربما تأملان أنَّ بإمكانهما هزيمة تحالف الحوثيين مع صالح، مع الدعم الأمريكي، أو على الأقل إجباره على تقديم تنازلات كبيرة على طاولة المفاوضات”.
إيران تتحكم بكل عملية صنع القرار لدى الجماعة
لكنَّ هذه الحسابات، كما تقول المجلة، قد يتضح أنها ليست سوى خطأ كبير. فمع أنَّ الحوثيين مرتبطون بإيران، إلا أنَّ إيران لا تتحكم في عملية صنع القرار لدى الجماعة: فبحسب العديد من اللقاءات الصحافية مع مسؤولين أمريكيين ومع الحوثيين أنفسهم، تجاهل الحوثيون بفجاجة، طهران عندما نصحتهم ألا يستولوا على صنعاء. حتى الآن، يبدو أنَّ إيران قد فعلت ما يكفي لاستعداء وإخافة السعوديين ــ ليضمنوا تورط السعوديين في الرمال اليمنية المتحركة، وإنفاق مليارات الدولارات في حرب ليسوا قريبين من الفوز بها على الإطلاق.
وتختم بالقول: ” الحل الأمثل دفع الأحزاب اليمنية مرة أخرى إلى طاولة التفاوض: لو دعمت السعودية وحلفاؤها حكومة غير مركزية بحق، تشمل جميع الأطياف، فإنَّ الحوثيين سوف يضعفون أنفسهم، لأنَّ لأيديولوجيتهم جاذبية محدودة، ولأنهم غير مؤهلين للحكم، وسوف يوازنون في النهاية حتمًا من قبل حزب صالح، والجماعات المنحازة للسعودية. ليس باستطاعة الولايات المتحدة ولا السعودية الفوز في اليمن بقوة السلاح، لكنهم لو كانوا على نفس مستوى الحنكة الاستراتيجية لإيران، فبإمكانهم السماح للحوثيين بالتورط في العملية السياسية الفوضوية الذين ساهموا هم أنفسهم في وصولها إلى ذلك الحال”.
من جانبها رأت “كاثرين زيمرمان” الباحثة في معهد “أميركان إنتربرايز” أن هناك حاجة لتعامل إدارة الرئيس الأميركي “دونالد ترمب” بحرص مع الصراع في اليمن. مشيرةً أن الحوثيين يعتمدون على الرئيس السابق “علي عبد الله صالح” للسيطرة على المناطق خارج معقلهم في الشمال، كما أنهم لا يتحكمون في “صالح” الذي لديه شبكة مصالح وموالين له في مواقع مهمة بالسلطة، واعتبرت أن فصل الحوثيين عن “صالح” ممكن وسيقلص ذلك قوتهم بشكل كبير.
وذكرت زيمرمان في مقالها على موقع شبكة فوكس نيوز أن النفوذ الإيراني في اليمن زاد نتيجة ل”الانقلاب الحوثي”، وطهران تقف وراء السلوك العدواني للحوثيين في البحر الأحمر، ومع ذلك فإن نفوذ الإيرانيين مازال أقل من تقديرات السعودية.
غياب الأمل في تسوية
بيري كاماك باحث في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي نشر مقالاً في موقع المؤسسة، وسبق أن نقله “يمن مونيتور” إلى العربية، قال فيه: على إثر انهيار جولات متتالية من المفاوضات الأممية في آب/أغسطس، بادر وزير الخارجية السابق جون كيري الى مسعى ديبلوماسي متأخر، شمل وقف اطلاق نار لم تكتب له حياة مديدة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بين التحالف والحكومة اليمنية والقوات الحوثية. لكن حكومة هادي رفضت مبادرة كيري، التي كان يمكن ان تؤدي الى تشكيل حكومة تصريف أعمال بعد انسحاب قوات الحوثيين من صنعاء. ويبدو أن فرص التسوية السياسية ضئيلة، على وقع خسارة مساعي الامم المتحدة صدقيتها وضعف المؤشرات في ادارة ترامب الى مبادرة ديبلوماسية.
إن غياب الأمل في تسوية أمر مفجع ومحزن. فالنزاع في اليمن يبدو، في أوجه كثيرة، أقل عسراً من نظيره في حقول القتل السورية. وعلى خلاف الاستبداد السوري، تاريخ اليمن غني بالتسويات السياسية والمصالحات المحلية. هذا علاوة على أن النزاع اليمني أقل تعقيداً على المستوى الجغرا- السياسي، ولا يعرف العنف المذهبي واسع النطاق كما الحال في سورية. ودالة واشنطن على السعودية يُعتد بها جراء اعتماد الأخيرة على الجيش الاميركي ودعمه اللوجيستي والاستخباراتي.
واختتم الكاتب بالقول: “وعلى ما خلّص تقرير كارنغي الشامل الصادر اخيراً بعنوان “انكسرات عربية” ، الذي يتناول مصادر غياب الاستقرار في الشرق الاوسط، من العسير فهم اسباب انتشار المذهبية والتطرف والارهاب ومكافحة هذه الظواهر، من دون فهم الاخفاق المؤسساتي الكارثي الذي كان وراء بروزها. ويُسلِّط اخفاق الغارة الأميركية في 29 كانون الثاني/ يناير الضوء على الحاجة الى مقاربة أميركية اكثر شمولية في اليمن، في وقت تمس الحاجة الى حل سياسي يخمد النزاع ويطوي صفحة القتال”.