الرئيس اليمني بعد خمس سنوات.. معاول الهدم وأدوات البناء
بورتريه/ خاص:
عبدربه منصور هادي (71 عاماً) الرئيس اليمني الحالي، السياسي والقائد العسكري المخضرم، تولى منصب نائب الرئيس منذ 1994م، وحتى 2012م، أول رئيس لليمن من المحافظات الجنوبية.
ضل عبدربه منصور هادي بعيداً عن الأضواء السياسية بالرغم من كونه نائباً للرئيس، ويصف كثير من المراقبين دوره طوال تلك المدة بالشكلي فقد كان علي عبدالله صالح يدير الدولة وفق نمط “شجر يمن مونيتور/ بورتريه/ خاص:
عبدربه منصور هادي (71 عاماً) الرئيس اليمني الحالي، السياسي والقائد العسكري المخضرم، تولى منصب نائب الرئيس منذ 1994م، وحتى 2012م، أول رئيس لليمن من المحافظات الجنوبية.
ضل عبدربه منصور هادي بعيداً عن الأضواء السياسية بالرغم من كونه نائباً للرئيس، ويصف كثير من المراقبين دوره طوال تلك المدة بالشكلي فقد كان علي عبدالله صالح يدير الدولة وفق نمط “شجرة” سنحان- كما وصف ذلك تقرير فريق الخبراء في لجنة الجزاءات بمجلس الأمن- وصعد فجأة مع الثورة الشبابية الشعبية التي أطاحت بـ”صالح” عام 2011م، لتُسلم السلطة إليه بناء على اتفاق نقلها-المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية- في نوفمبر/تشرين الثاني 2011م. كان هادي هو المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 فبراير/شباط 2012. وأيد ترشيحه كل من الحزب الحاكم وأحزاب تكتل اللقاء المشترك، وذكرت لجنة الانتخابات أن 65% من الناخبين المسجلين شاركوا في الانتخابات. أدى عبد ربه منصور هادي اليمين الدستورية أمام البرلمان في 25 فبراير/شباط 2012. وبعدي يومين (27 فبراير/شباط) احتفل صالح بتسليم “هادي” السلطة وقال إنه سلمها لأيدي أمينة!
مهمة الرئيس هادي في المرحلة الانتقالية
تلخصت مهمة الرئيس اليمني أثناء توليه الحكم بمساعدة حكومته التي كان نصفها ما يزال موالياً لنظام الرئيس السابق المهام التالية:
· إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية.
· معالجة مسائل العدالة الانتقالية.
· إجراء حوار وطني شامل.
· تمهيد الطريق لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية.
تجاهل عبدربه منصور هادي تحرك الحوثيين ونشاط شبكة علي عبدالله صالح في المحافظات الشمالية وتحركهم نحو اجتياح العاصمة أملاً في إنجاز المهمة التي كان قد تحقق -على السطح- معظم مهامها، أعلن عن الانتهاء من الحوار الوطني في يناير/كانون الثاني2014م، رفض الحوثيون المبادرة الخليجية ورفضوا عبدربه منصور هادي رئيساً ورفضوا الحوار الوطني لكنهم شاركوا فيه مع كل الأطراف اليمنية، تم التحضير لمسودة الدستور من أجل الشروع في الاستفتاء عليه وأثناء قيام مدير مكتب الرئاسة أحمد عوض بن مبارك بنقل الدستور من أمانة الحوار الوطني لتصديق عليه في اجتماع لـ”عبدربه منصور هادي” مع مستشاريه تم اختطاف بن مبارك-كان أميناً عاماً للحوار الوطني والآن سفير اليمن في واشنطن- وقطع الحوثيون الذين اجتاحوا العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014م، آخر مراحل الرئيس اليمني لإنجاز مهمته العسيرة.
هيكلة الجيش
سرعان ما اتضح أن حصانة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأفراد أسرته- التي اعطتها إياه المبادرة الخليجية مقابل تسليم السلطة- فضلاً عن شبكة واسعة استطاع من خلالها الاحتفاظ بسلطة كبيرة، أعاقت الانتقال الحقيقي للسلطة. خلال عام 2012، واجه التحديات التي أمامه بالكثير من الدعم الشعبي خرج الملايين لشوارع المدن الرئيسية دعماً لخياراته في استهداف عائلة “صالح” التي سيطرت على الوظيفة العامة للدولة والمناصب القيادية. إقالة اثنين من قادة الجيش المقربين من صالح في 2012 (قائد القوات الجوية اليمنية اللواء محمد صالح الأحمر وقائد الحرس الخاص العميد طارق محمد عبد الله صالح)، وأصدر مرسوم أكثر أهمية في ديسمبر/ كانون الأول 2012م، بناء على ذلك، أعاد هادي تنظيم الجيش اليمني في خمس وحدات (القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات حرس الحدود وقوات الاحتياط الاستراتيجي)، وألغى الحرس الجمهوري اليمني (بقيادة أحمد علي عبد الله صالح) والفرقة الأولى مدرع (بقيادة علي محسن الأحمر). وتم استبدال قائد الأمن المركزي اليمني يحيى صالح، ابن شقيق صالح.
وعلاوة على ذلك، أمر بتشكيل قوات عسكرية جديدة تحت سيطرته المباشرة: قوات الحماية الرئاسية. من خلال ذلك كله، يسعى هادي إلى توحيد الجيش والسيطرة المؤسساتية من قبل وزارة الدفاع اليمنية بدلاً من قادة منفصلين.
في ابريل/نيسان 2013، أقال هادي نجل “صالح” الأكبر أحمد علي عبد الله صالح من منصبه كقائد للحرس الجمهوري وعيّنه سفيراً في دولة الإمارات. كما عيّن هادي عمار صالح وطارق صالح، ابني أخي صالح اللذين خدموا في المخابرات والحرس الجمهوري، ملحقين عسكريين في ألمانيا وإثيوبيا. مع أن هذا كان تطوراً إيجابياً، إلا أن هيومن رايتس ووتش حذّرت عقب المرسومين من أن تعيين عسكريين سابقين في مناصب دبلوماسية في الخارج يمكن أن يجعلهما بمنأى عن الملاحقة القضائية، الأمر الذي من شأنه عرقلة التحقيق في دورهما في جرائم ضد اليمنيين.
اعتقد اليمنيون أن الرئيس اليمني تمكن من تحييد القوة العسكرية من سيطرة علي عبدالله صالح، وهذا لم يكن صحيحاً، فقد تمكن “صالح” من إعادة ترتيب صفوفه في القيادة الموالية له داخل القوات الحكومية بما في ذلك الحكومة التي تعرضت لتعطيل مباشر من “صالح” عبر نصف الهيكل الحكومي الذي كان يملكه، إضافة إلى شبكة المصالح التي كونها خلال (33عاماً) من حكمه في الاقتصاد والجيش وتجارة الأسلحة والمخدرات فأصبحت مرتبطة به وبعائلته.
واتضح ذلك تماماً مع تحرك الحوثيين من صعدة -معقل الجماعة- لاجتياح العاصمة اليمنية صنعاء، أخبر اثنين من المستشارين للرئيس اليمني “يمن مونيتور” أن الرجل كان يوجه قوات الجيش بمواجهة الحوثيين مع اجتياح صنعاء لكن أحداً لم يستجب له، “القيادات كانت تتلقى أوامرها من علي عبدالله صالح. قاتل علي محسن الأحمر “مستشار هادي”-نائبه حالياً- في الفرقة الأولى مدرع حتى اجتياحها وهي التي تبعد عن منزل هادي أقل من نصف كيلو متر؛ سبق أن خذلت القوات الحكومية قائد اللواء 310 في عمران حميد القشيبي الذي قُتل في يوليو/تموز 2014م، بعد عملية غدر واضحة من قيادات عسكرية عُرّفت وقتها بأنها موالية للرئيس هادي.
بعد اجتياح صنعاء
فرضّ الحوثيون رؤيتهم الجديدة بقوة السلاح بعد سبتمبر/أيلول 2014م، قدموا أسماءً لـ”هادي” و وافق على تعيينهم كمستشارين له وقياديين في الدولة. قال دبلوماسي خليجي لـ”يمن مونيتور” إن الرئيس هادي أبلغه-وكل الدبلوماسيين الأجانب- إن “أي تصرفات من جنود أو ميليشيات ضدهم بعد سبتمبر/أيلول 2014م لا تمثل الجمهورية اليمنية ونصحهم بالمغادرة” وبالفعل غادر من تبقى من الدبلوماسيين الأجانب من البلاد، وبقيت “السفارة الإيرانية”.
في يناير/كانون الثاني 2015م هاجم الحوثيون منزل الرئيس هادي، وحاصروا القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء، وهي الحكومة التي جاءت بناءً على موافقتهم وفق اتفاق السلم والشراكة الذي جرى التوقيع عليه أثناء اجتياح صنعاء، واقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة، ومعسكرات الصواريخ. وفرض الحوثيون على هادي ورئيس الوزراء وأغلب وزراء الحكومة إقامة جبرية، وقام الحوثيون بتعيين محافظين عن طريق المؤتمر الشعبي العام في المجالس المحلية، واقتحموا مقرات وسائل الإعلام الحكومية وسخروها لنشر الترويج ودعايات ضد خصومهم، واقتحموا مقرات شركات نفطية وغيروا طاقم الإدارة وعينوا مواليين لهم، ومارسوا ضغوطات على الرئيس هادي لإعلان نائباً للرئيس منهم.
كانت الدولة اليمنية في مرحلة شلل، وفي فبراير/شباط 2015م أعلن الحوثيون حلّ البرلمان اليمني -السلطة التشريعية- وتشكيل اللجنة الثورية العليا التي رأسها أحد أقارب زعيم جماعة الحوثيين (محمد علي الحوثي).
الوصول إلى عدن
تمكن الرئيس هادي من الفرار من الإقامة الجبرية عبر حيلة طويلة يذكرها دائماً منذ نجاحه في الوصول إلى عدن-حتى اليوم- وصل إلى عدن في 21 فبراير/شباط2015-ذكرى يوم توليه السلطة في الانتخابات، ومنها تراجع هادي عن استقالته-كان قدمها مع رئيس الوزراء في 22يناير/كانون الثاني2015- في رسالة وجهها للبرلمان، وأعلن أن انقلاب الحوثيين غير شرعي. وقال “أن جميع القرارات التي أتخذت من 21 سبتمبر/أيلول-يوم اجتياح صنعاء- باطلة ولا شرعية لها”. وأعلن الرئيس هادي عدن عاصمة مؤقتة لليمن بعد استيلاء الحوثيون على صنعاء. ورفض كل من الحوثيين وعلي عبدالله صالح الذي يرأسه علي عبد الله صالح تراجع هادي عن الاستقاله، مع أن التراجع كان حقاً دستورياً وقانونياً، لكن يبدو أن فرار “هادي” أفزعهم.
مع دخول شهر مارس/ آذار من عام 2015 شهدت عدن توتراً سياسياً وأمنياً، فهادي أتخذ قراراً بإقالة عبد الحافظ السقاف قائد فرع قوات الأمن الخاصة في عدن المحسوب على صالح والحوثيون، ولكن السقاف رفض ذلك، واندلعت اشتباكات مسلحة بين المتمردين من قوات الأمن ووحدات عسكرية تابعة للجيش اليمني يقودها وزير الدفاع محمود الصبيحي مسنودة باللجان الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي. وبعد استعادة القوات البرية السيطرة على مطار عدن، تعرض “قصر المعاشيق” القصر الجمهوري لعدة ضربات جوية من طائرات حربية قادمة من صنعاء.
تحرك الحوثيون نحو عدن لملاحقة الرئيس اليمني، الذي تمكن من الفرار متجهاً إلى سلطنة عمان ثم إلى المملكة العربية السعودية التي أعلنت في 26 مارس/آذار2015م بدء قيادتها عمليات عسكرية لتحالف من 10 دول لمواجهة “انقلاب الحوثيين” والقوات الموالية للرئيس السابق، واستعادة سلطة الرئيس اليمني في صنعاء، والتي لا تزال مستمرة إلى اليوم.
الذكرى الخامسة
في الذكرى الخامسة لانتخاب عبدربه منصور هادي، يظهر الرجل ملتزماً بمهام المرحلة الانتقالية التي كان انتخابه من أجلها قائماً، ففي حوار طويل بداية فبراير/شباط الجاري، أكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على ضرورة انهاء الصراع الدائر في بلاده على مبدأ تحقيق العدالة وتقاسم الثروة والسلطة في ظل نظام فيدرالي اتحادي يراعي حساسيات المجتمع اليمني.
وقال هادي ان مشروعه يكمن في النظام الفيدرالي «أنا أؤمن باليمن الموحد بنظام اتحادي، من ستة أقاليم «، وأضاف «ضحيت بأخي وأحفادي في سبيل نظام الأقاليم ولا تنازل عنه». كذلك شدد هادي على رفضه أي ضغوط للقبول بخارطة الطريق التي «تقضي على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار والقرارات الدولية».