كتابات خاصة

دور إيران المشبوه في المنطقة

حسين الصادر

من وجهة نظر الغرب فإن فوز اليسار بالثورة وحكم إيران كان سيزيد الصعوبات بالمنطقة في دول حليفة مثل باكستان وتركيا، إضافة إلى ذلك فإنه من الصعب ترويض اليسار بنفس الطريقة التي يتم بها ترويض إيران بقيادة الملالي الثورية. منذ التدخل الأمريكي في العراق في العام 2003م، وحتى الآن لم يبدِ المجتمع الدولي أي سياسة حازمة مع إيران فيما يتعلق بتدخلها السافر في شؤون الدول واختراق سيادتها بهدف تقويضها، وهو عمل مخالف للقوانيين والأعراف الدولية، بل ترك لهذه الدولة الحبل على الغارب وتراخى فيما يتعلق بواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وقد نتج عن سياسة اللامبالاة تلك، الكثير من الصعوبات التي امتدت آثارها ومضاعفتها لتشمل معظم دول العالم مثل حركة النزوح غير المسبوقة من سوريا والعراق واليمن؛ ففي اليمن وحدها خلفت الفوضى الإيرانية أكثر من مليوني يتيم وثلاثة ملايين نازح، وبعثت الفوضى الإيرانية تنظيمات متطرفة مثل “داعش” وانتشار “الملشنة” مثل حزب الله لبنان و”أنصار الله” في اليمن وغيرها من التنظيمات العسكرية السرية تحت الأرض وتنظيمات سياسية منشقة عن الاجماع الوطني.
في تاريخ العلاقات الدولية تعتبر الظاهرة الإيرانية حالة فريدة مما يطرح السؤال لماذا؟ وهذا يكشف وبوضوح الدور الوظيفي لإيران الثورية.
لقد كانت إيران الشاه تمثل عامل استقرار في ظل توازنات الحرب الباردة، لكن هذا الدور أصبح زائداً عن الحاجة بالنسبة للغرب، عندما بات من الواضح أن القوة الرئيسية للشيوعية بالاتحاد السوفيتي في طريقها إلى الزوال.
وعندما بدأت الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة تنادي برحيل الشاه في العام 1979م كان على الغرب أن يختار بين السيء والأسوأ، بين أن تكون الثورة يسارية أو طائفية دينية، ولقد اختار الغرب (الملالي) وأرسل الخميني من منفاه في ضواحي باريس، وهو الأمر الذي لايمكن أن يتم دون وجود رؤية غربية مشتركة على ضفتي الأطلسي.
ومن وجهة نظر الغرب فإن فوز اليسار بالثورة وحكم إيران كان سيزيد الصعوبات بالمنطقة في دول حليفة مثل باكستان وتركيا، إضافة إلى ذلك فإنه من الصعب ترويض اليسار بنفس الطريقة التي يتم بها ترويض إيران بقيادة الملالي الثورية.
في أوائل الثمانينات كانت بيروت أو اجزاء منها قد سقطت تحت جنازير دبابات الصهاينة، وفي هذه المرحلة الصعبة في العالمين العربي والإسلامي، قرر نظام الملالي مواصلة الحرب والعدوان على العراق وعدم انصياعه لقرار مجلس الأمن الذي يقضي بوقف الحرب فيما استجاب الجانب العراقي حينها، ومن هنا يتضح الدور المناط بـ”الثورة الإيرانية”.
يتطور دور ملالي الثورة في طهران حسب الظروف المختلفة التي تمر بها المنطقة؛ وفي العقد الأول ومنتصف العقد الثاني من القرن الحالي أصبحت إيران تمثل “رافعة الفوضى في المنطقة”.
ولقد استطاعت إيران عبر دورها المشبوه تقويض سيادة الدولة الوطنية في بعض دول المنطقة، ونجحت في هدم النسيج الاجتماعي وخلق مناخات الاقتتال الداخلي، في ظل صمت مريب للمجتمع الدولي ممثل بهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفي ظل ارتباك عربي مع وضوح سناريوهات الفوضى الإيرانية وعدوانيتها وما نتج عنها من مأسٍ وكوارث.
إن إيران يجب أن تعامل بحزم، أما إذا استمرت سياسة ترك الحبل على الغارب فسوف تتضاعف معاناة شعوب المنطقة، فيما لا يزال بعض المثقفين والسياسين يناور مع وضوح الهمجية الإيرانية وعدوا نيتها ضد الشعوب العربية ويتجاهل ما فعلته إيران بشعوبنا.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى