يعد وصول الرئيس هادي إلى الحكم، تدشينا للمرحلة الثانية لمشروع الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، وإذا كانت الثورتان حررتا السلطة من يد المذهب والعائلة والمنطقة، وازاحت المستبد، ودحرت المستعمر واعادتها إلى اليمنيين، فثورة فبراير تسعى اليوم لاعادة توزيع السلطة والثروة بصورة عادلة. يعد وصول الرئيس هادي إلى الحكم، تدشينا للمرحلة الثانية لمشروع الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، وإذا كانت الثورتان حررتا السلطة من يد المذهب والعائلة والمنطقة، وازاحت المستبد، ودحرت المستعمر واعادتها إلى اليمنيين، فثورة فبراير تسعى اليوم لاعادة توزيع السلطة والثروة بصورة عادلة.
يتركز مشروع الرئيس هادي باقامة الدولة الاتحادية التي تعد امتدادا لروح الجمهورية، التي ضحى من اجلها اليمنيون طوال ثمانين عاما، بهدف اعادة توزيع السلطة والثروة على قاعدة العدالة والتكامل بين السكان والمناطق المختلفة في البلد، وذلك لأن احتكار السلطة ظل طوال تاريخ اليمن هو سبب العبث، والارتباك، والصراع المتواصل، ومن أجل ذلك سدد الرئيس هادي سهام اليمن إلى قلب المشاريع السلطوية، بتشديده واصراره على قيام الدولة الاتحادية، ومن هنا نستطيع أن نفهم الجنون الذي أصاب القوى الانقلابية، ودفعها نحو اشعال الحروب، والاقتتال في طول البلاد وعرضها، على مشروع ثورة فبراير الذي يعبر عنه الرئيس هادي.
الفرق بين مجيئ الرئيس هادي إلى الحكم، وصعود صالح إلى السلطة، أن الأول أتت به ثورة شعبية واصلت تغيير المعادلة التي سعى إليها الأحرار، في شمال اليمن وجنوبه، والمتمثل في تحرير السلطة من احتكار الأسرة، والسلالة، والمذهب، والمنطقة، القبيلة….الخ.
بينما قادت حوادث الاغتيال التي تعرض لها ثلاثة رؤساء في اليمن شماله وجنوبه بصعود صالح والسيطرة على الحكم، وسعى من خلال ذلك إلى ضرب روح الجمهورية في العمق، من خلال الاستحواذ على السلطة واحتكارها في مجموعة مغلقة، وتحويل اليمن من دولة جمهورية إلى سلطنة عائلية، وكان نتيجة ذلك خروجه من السلطة بثورة شعبية لم يعرفها اليمن في تاريخه.
لقد أدركت القوى المناوئة لروح الجمهورية ذات الجذور القبلية، والمذهبية، بقيادة صالح والحوثي، بأن مشروع ثورة فبراير سيجرف كل اطماعها فحشدت لذلك واستجمعت كل طاقتها، للتصدي والوقوف أمام حلم اليمنيين التاريخي، وها هي اليوم ترتد على اعقابها هالكة وحائرة.
يحاول الرئيس هادي ويسعى جاهدا لتعزيز علاقة اليمن بالحاضر، ويقطع رباط صراعها بالماضي، ويصلها بالتاريخ لصالح المستقبل، كما فعلت أمم عديدة في بواكير نهضتها، وذلك من خلال مشروع الدولة الاتحادية الذي يهدف إلى نزع ألغام الصراعات والتوترات الذي زرعتها المركزية لازاحة الأطراف عن المركز، واقصائها عن الشراكة في بناء الدولة اليمنية، وفي الوقت نفسه عملت القوى المهيمنة، والمحتكرة للسلطة في المركز طوال الفترة الماضية على امتصاص خيرات البلد.
لقد أعطت ثورة فبراير المشروعية لهادي، ومنحها الرئيس المشروع الطموح، مشروع اليمن الاتحادي الذي يمثل الحلم اليمني، بينما يجسد صالح والحوثي وهم الماضي بكل سوءاته التاريخية، المتجسده بتوريث السلطة، وعودة الامامة والسلالية..
واليوم فإن هناك ترابطا بين شرعية الثورة ومشروعها القائم باعادة رسم شكل الدولة، وتبني خيار الدولة الاتحادية، وكما ارتبطت ثورة سبتمبر بالنظام الجمهوري الذي انتصر على الإمامة وأعوانها، بعد حرب سبع سنوات ضروس، فإن مشروع الدولة الاتحادية يعد من أهم ما خرجت به ثورة فبراير.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.