تتنوع الأساليب العقابية التي يستخدمها المدرّسون ضد التلاميذ غير الملتزمين في اليمن، فيتسبب بعضها بأضرار جسدية أو عقد نفسية مزمنة تساهم جميعها في تراجع قدرتهم على التحصيل العلمي. تزداد هذه الممارسات في ظروف الحرب الراهنة في معظم مناطق اليمن بعد غياب واضح للمفتشين التربويين. يمن مونيتور/العربي الجديد
تتنوع الأساليب العقابية التي يستخدمها المدرّسون ضد التلاميذ غير الملتزمين في اليمن، فيتسبب بعضها بأضرار جسدية أو عقد نفسية مزمنة تساهم جميعها في تراجع قدرتهم على التحصيل العلمي. تزداد هذه الممارسات في ظروف الحرب الراهنة في معظم مناطق اليمن بعد غياب واضح للمفتشين التربويين.
يلجأ كثير من المدرّسين إلى ضرب التلاميذ في أنحاء مختلفة من الجسم مهما كانت مرحلتهم الدراسية. يؤمن معظم المدرّسين بالعقاب كوسيلة ناجعة لدفع التلاميذ نحو المثابرة أو الاحترام، لتنتهي بعض هذه الممارسات بحدوث أضرار بدنية على الطرفين، أو بإيصال بعض التلاميذ شكاواهم إلى أسرهم التي تبلغ أقسام الشرطة. وهو ما يؤثر في المستقبل المهني للمدرّسين وفي سمعة المدرسة.
مع ذلك، هناك من لا يستخدم الضرب، بل أساليب عقابية أخرى، منها تنظيف ساحات المدرسة، وخصم الدرجات، والطرد من الفصل، ومنع حضور الحصص الدراسية، والحجز في فناء المدرسة، أو حتى القيام ببعض التمارين الرياضية المجهدة. في هذا السياق، يشير التلميذ محمد السلامي إلى تعرضه العام الماضي لبعض تلك العقوبات، مؤكداً أنّها أدت إلى إحباطه وأثرت في مستوى تحصيله العلمي في نهاية المطاف. أما الذنب الذي اقترفه فلم يستحق عليه تلك العقوبة الكبيرة، بحسب قوله.
يتابع لـ”العربي الجديد” أنّ بعض المدرّسين يلتزمون بتعليمات الإدارة المدرسية بتجنب الضرب، لكنّهم يستخدمون وسائل أكثر ضرراً من الضرب مثل الطرد من الحصة الدراسية أو خصم الدرجات لمجرد مخالفة بسيطة مثل إصدار أي صوت أثناء الشرح أو التأخر في العودة إلى الفصل بعد فترة الاستراحة. يقول: “أتذكر أنّ أحد المدرّسين منع زميلي من دخول حصته لمدة شهر لمجرد أنه رد عليه بطريقة غير مهذبة”. يضيف: “أخطأ زميلي لكنّ العقاب كان أشدّ مما يستحق. وقد تضرر بشكل كبير كون فهم المادة يرتكز تماماً على حضور الحصة”.
تقلّ ممارسة وسائل العقاب البدنية على الإناث بدرجة أساسية، بحسب التلميذة في المرحلة الثانوية فاطمة اسماعيل. تقول: “نادراً ما نتعرض للضرب من المدرسات في حال قصّرنا في أعمالنا، لكن تخرجنا المدرّسات إلى ساحات المدرسة لتنظيفها كعقاب بديل”. لا تعترض إسماعيل على تنظيف المدرسة، لكنّها تفضّل ألاّ تكون وسيلة للعقاب، إنّما ينبغي أن تكون النظافة جزءاً من العملية التعليمية كمبدأ إيجابي، وأن يكون التنظيف مبادرة ذاتية من التلميذات. تضيف لـ”العربي الجديد”: “من المفترض أن تقوم المدرسة برمتها بعملية التنظيف، ابتداءً من المديرة والموظفات والمدرّسات بغرض تقديم رسالة الاقتداء، لا أن تستخدم وسيلة للعقاب، فهذا يؤدي إلى احتقار التلاميذ والتلميذات كلّ من يتولى مهنة النظافة. وهو ما يجعلهم يتهرّبون حتى من أداء واجب النظافة لاحقاً”.
ومن أساليب العقاب التي تستنكرها إسماعيل إلزام التلاميذ بشراء بعض مستلزمات المدرسة مثل الطباشير وممحاة السبّورة وحتى السبّورة نفسها، فمثل هذا النوع من العقاب يحمّل بعض أسر التلاميذ الفقراء أعباء إضافية. كذلك، فإنّ بعض التلاميذ من الأسر الميسورة الحال لا يكترثون بمثل هذا النوع من العقاب ليستمروا في ممارسة أخطائهم، بحسب قولها.
من جهته، يؤكد الباحث في مجال التربية والتعليم خالد العدواني أنّ الأساليب غير الرسمية بمختلف أنواعها هي الأساليب الأكثر اتباعاً في المدارس اليمنية. يشير إلى أنّ هناك انفصاماً بين ما هو قانوني وما هو ممارَس في الواقع، وإن وجد تطابق، فهو تطابق عفوي ولا يمثل الواقع المعاش. يعتبر العدواني أنّ بعض المدرّسين يعتقدون بعدم جدوى الأساليب النفسية التربوية التي تدرّب معظمهم عليها مصرّين على أنّها لا تصلح لتلاميذهم وأنّهم الأكثر خبرة بما يمكن أن يضبط التلاميذ. يتابع: “استخدام العصا أو اليد المجردة في الضرب البدني أو التلويح بها هو من أكثر الأساليب استخداماً في ضبط التلاميذ الذكور عامة وخصوصاً في المدارس الحكومية. يقلّ ذلك في المدارس الخاصة ومدارس البنات التي تكثر فيها ممارسة أساليب أخرى مثل إلزام المخالف بتنظيف الساحة من الأوراق ومخلّفات الأكل”.
يضيف العدواني أنّ “بعض المدرّسين يستخدمون أساليب مهينة مثل الإطالة في التوبيخ والتحقير والسخرية والتشبيه بالحيوانات وتهديد التلاميذ بالدرجات في حال علموا نيّة التلميذ عرض مشكلته على الإدارة المدرسية”. يشير إلى أنّ هذا النوع من العقاب يقود الى شعور التلميذ بالإذلال والإحباط، ويؤدي ذلك إلى صعوبات تعلّمية، وتسرّب لاحق.