«ذي أتلانتيك»: الولايات المتحدة مدينة للاجئين الذين تحظرهم بعد أن دمرت بلدانهم
قالت مجلة «ذي أتلانتيك» إن أحد الأسباب التي يفر الناس جراءها من الشرق الأوسط هي قرارات السياسة الخارجية الأميركية.
يمن مونيتور/ واشنطن/ متابعة:
قالت مجلة «ذي أتلانتيك» إن أحد الأسباب التي يفر الناس جراءها من الشرق الأوسط هي قرارات السياسة الخارجية الأميركية.
وأضافت: “لماذا قرر «دونالد ترامب» يوم الجمعة الماضية إقرار حظر مؤقت على الهجرة من سبعة بلدان ذات أغلبية مسلمة وتعليق جميع اللاجئين المقبولين لمدة 120 يوما؟ باختصار كل ذلك يعود إلى الحرب في العراق”.
وقالت: “على مدى السنوات القليلة الماضية، كان الجواب المحافظ على سؤال لماذا خسرت أمريكا الحرب على العراق: هو «باراك أوباما». ويقولون أيضا أن «جورج دبليو بوش» قد انتصر في الحرب، حتى قيام «أوباما» بسحب القوات الأمريكية، مما سمح بصعود داعش. وخلال الحملة الانتخابية عام 2016، سمحت هذه الرواية للمرشحين «جيب بوش»، «ماركو روبيو»، «سكوت ووكر»، و«كريستي كريس» بإلقاء اللوم في تداعيات احتلال العراق على الديمقراطيين وتجنب تحدي قرار «بوش» بشن الحرب في المقام الأول”.-حسب ترجمة لموقع “الخليج الجديد”.
ولكن «ترامب» رفض ذلك. فقد هاجم «أوباما» لسحب القوات، لكنه أيضا تفاخر بأنه عارض الحرب منذ البداية. ومن خلال القيام بذلك، استغل «ترامب» وجود فجوة بين النخب المحافظة والقاعدة الشعبية المحافظة. فقد كانت النخب المحافظة محجمة عن إدانة الحرب لأنهم يحبون «بوش» ويحبون إسقاط القوة العسكرية الأمريكية على الأرض. أما المحافظين العاديين، من ناحية أخرى، فقد أرادوا قتل أمريكا للإرهابيين الجهاديين. (استغل ترامب نفس الفجوة في سوريا. حيث ندد خصومه بتدخل روسيا هناك لكن ترامب قال في الأساس، أن تدخلهم أفضل للولايات المتحدة). فاز «ترامب» وجاء فوزه في جزء منه، من خلال تأييد بعض المحافظين الشعبيين مثل «ريتش لوري» وغيره «الذين هم غير مرتاحين لاستخدام القوة في الخارج، ولكن لديهم القليل من الصبر على التورط العميق مع العالم الإسلامي».
بالنسبة لـ«ترامب» وأنصاره، فإن هذا التحليل جذاب جدا لأنه سمح لهم بالتنديد بحرب العراق دون قبول المسؤولية الأخلاقية عن الكارثة التي أنتجت ذلك.
هذه قصة قديمة: في التاريخ الأميركي، دائما ما تترافق الحروب المحبطة والقيود المفروضة على الهجرة. فقد حدث هذا إبان الهجرة الأوروبية الشرقية والجنوبية في عام 1921، التي أوقفها الكونجرس بعد تدخل «وودرو ويلسون» في الحرب العالمية حيث فشل تدخله في إعادة تشكيل أوروبا، وتحول ذلك إلى خيبة أمل للأميركيين. وفي عام 1952، عندما كان الأمريكيون يشعرون بالقلق من الحرب في كوريا، أصدر الكونغرس قانون «ماكاران والتر»، الذي سمح للولايات المتحدة بمنع اليساريين من دخول البلاد. وكان لسان حال هذا إذا لم تستطع الولايات المتحدة هزيمة الشيوعيين في الخارج، فإنها على الأقل يمكن أن تمنعهم من القدوم إلى شواطئ أميركا.
تمثل كل هذه التشنجات المتعلقة بالهجرة محاولة للحفاظ على أسطورة النقاء الأمريكي. وقد كان ينظر على أن ذلك حق للأميركيين في التركيز على حماية أنفسهم.
ولكن يكمن العيب أخلاقيا في التأكيد على البراءة الأمريكية تماما. لا يفر اللاجئون من العراق بسبب الولايات المتحدة التي حاولت جلب الديمقراطية والازدهار للبلاد وعدم قبول شعبها الجاهل بذلك. بل يفر اللاجئ من العراق بسبب عقد كامل من العقوبات الأمريكية التي ساعدت في إفقار الطبقة الوسطى العراقية، ثم غزو الولايات المتحدة الذي كسر الدولة العراقية من دون إيجاد أي شيء ليحل محلها.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن كل من الصدمات في العراق. فـ«صدام حسين» يستحق الكثير من اللوم. ولكن عندما يظهر أنه يتم منع العراقيين في المطارات الأمريكية، نتيجة لأمر تنفيذي من ترامب، فمن الأهمية بمكان أن ندرك أن قدومهم إلى الولايات المتحدة يرجع جزئيا إلى أفعال الولايات المتحدة.
يجب على الأمريكيين ألا ينظروا إلى قبولهم اللاجئين في الشرق الأوسط على أنهم مجرد جمعية خيرية، مؤسسة من قبل الأمة الطاهرة المقدمة للمساعدة لأولئك الفارين من جزء وحشي في العالم. بطرق أقل مباشرة، ساهمت الولايات المتحدة في معاناة في بعض البلدان الأخرى التي تم الآن حظر «ترامب» لقدوم المهاجرين منها مؤقتا. لقد ساعدت الحرب الأمريكية في ليبيا على كسر الدولة هناك أيضا. وقد سلحت الولايات المتحدة ونصحت الحملة العسكرية السعودية التي دمرت اليمن. وفي الثمانينيات تسببت الحملة المدعومة من الولايات المتحدة لـ«محمد سياد بري»، الدكتاتور الصومالي في وضع الأساس لحالة الفوضى التي أعقبت حكمه القمعي و الوحشي.
ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ملزمة بالاعتراف بكل لاجئ، ناهيك عن كل مهاجر، يريد أن دخول الولايات المتحدة وهذا لا يعني حتى الولايات المتحدة لديها التزام لقبول كل لاجئ من دول مثل العراق التي ساعدنا في هدمها. بالطبع لا. فقد اقترح «باراك أوباما» الاعتراف فقط بـ 110 ألف لاجئ سنويا من العالم كله، وهو 0.0003 في المائة من سكان الولايات المتحدة.
كتب «رينولد نيبور» ذات مرة: «الكبرياء الذاتي من الدول القوية يشكل خطرا أكبر على نجاحها من مكائد أعدائها». ويعد قرار «ترامب» بحظر العراقيين، وغيرهم، من دخول الولايات المتحدة اليوم من الفخر والغرور الذاتي مرة أخرى بعد الغزو الأمريكي للعراق منذ 14 عاما.