لم تتوقف عنصرية ترامب عند التوقيع على قرار يمنع مواطني 6 دول عربية (العراق، اليمن، الصومال، السودان، سوريا وليبيا) إلى جانب إيران من دخول الولايات المتحدة،
لم تتوقف عنصرية ترامب عند التوقيع على قرار يمنع مواطني 6 دول عربية (العراق، اليمن، الصومال، السودان، سوريا وليبيا) إلى جانب إيران من دخول الولايات المتحدة، بل تجاوزه نحو منع من يحملون منهم بطاقات الإقامة الدائمة “جرين كارد”، حيث رفضت شركات الطيرات حملهم على متنها، وصار بعضهم عالقين في مطارات شتى، بينما بقي بعضهم في مطارات أمريكية؛ وكانوا أقلعوا قبل نفاذ القرار.
الأخيرون أنقذهم قرار من قاضية أمريكية أصدرت أوامرها للسلطات الأمريكية بعدم ترحيل أي منهم، إذا كانت بحوزتهم تأشيرات ووثائق تجيز لهم الدخول إلى الولايات المتحدة، ولا نعرف إلى الآن، كيف سيتم التعامل معهم.
قرار ترامب كان تعبيرا عن العنصرية ليس إلا، وهو لم يتجاوز الحسابات السياسية، بدليل أن أكثر الدول المشمولة بالقرار لم يسبق لأي من رعاياها أن نفذ هجوما داخل الولايات المتحدة، فيما يعرف الجميع دولا أخرى كان من بين أبنائها من فعل، لكن حسابات السياسة والاقتصاد حالت دون شمولها بالقرار، من دون أن يعني الحق في استهداف أبنائها، بسبب سلوك بضعة أفراد منهم.
ووصل الامر بترامب حد الحديث عن أولوية اللاجئين المسيحيين، ربما لدغدغة مشاعر اليمين المسيحي الذي يؤيده، وربما تعبيرا عن هوسه الشخصي.
عنصرية ترامب حيال العرب والمسلمين؛ مقابل انحيازه للهواجس الصهيونية تتأكد أيضا من خلال مفاجأة السبب الكامن خلف التريث في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والذي يتمثل في تحفظ إسرائيلي خشية تداعيات الخطوة على الوضع الداخلي الفلسطيني، وعلى العلاقة ببعض الدول العربية.
وسيتأكد ذلك أيضا من خلال الموقف من إيران، والتي لا تتجاوز المطالب الصهيونية المتعلقة ببرنامج الصواريخ بعيدة المدى، إلى جانب الموقف السياسي والإعلامي من الكيان. أما عدوانها على غالبية الأمة، فلا يعنيه في شيء؛ هذا إذا لم يشجعه.
المصيبة التي نحن بصددها هي أن أيا من الدول العربية لم يتوقف أبدا عند قرار ترامب المتعلق بدخول رعايا الدول العربية لأمريكا، كما لم يتوقف من قبل عند عموم حديثه عند ما سمّاه الإرهاب الإسلامي، والأسوأ أن المواقف حيال قضية نقل السفارة كانت باهتة أيضا.
أكثر الدول العربية تقف في حالة بين الرجاء والخوف من ترامب، بل إن بعضها لا يتحفظ حين يبدي بعض التفاؤل بسياساته، ربما بسبب توقع مواقف منه ضد إيران؛ في تجاهل لحقيقة أن منطق الابتزاز سيطال الجميع، مع التذكير بفرح بعضهم بما نُقل عن مسؤولين في فريقه تتعلق بتنصيف الإخوان كجماعة إرهابية.
هذا الرجل يثبت عنصرية فجة حيال العرب والمسلمين، لكن ما سيطال بعض الأنظمة منه لن يكون أقل مما يطال الشعوب. ويبقى أن بعض جنونه سيطال كثيرين في هذا العالم، وسيفتح الباب أمام صراعات لن نكون أكبر الخاسرين فيها، بل ربما كنا في وضع أفضل؛ مع كثير من مستضعفي الأرض. ولا تسأل قبل ذلك وبعده عن تداعيات سياساته داخليا، من حيث تكريس الانقسام في مجتمع عماده مهاجرون من كل أصقاع الأرض.
محلل شؤون الأمني القومي في CNN؛ بيتر بيرغن، وفي مقال نشره أول أمس يقول: “والدة دونالد ترامب، ماري، هربت من الفقر المدقع في جرز هبريدس باسكتلندا إلى نيويورك عام 1929”. ويضيف “لم تكن أمريكا عادة؛ الدولة المزدحمة المذعورة التي أصدر ترامب منها قرارا تنفيذيا يحظر دخول اللاجئين السوريين. وبعد ذلك، هل ستعيد إدارة ترامب كتابة قصيدة (لازاروس) التي تزين تمثال الحرية؟: (أعطوني النخبة ممن أجسامهم رشيقة وأصحاب المليارات الذين خضعوا لعلاج البوتوكس ليدخلوا أفخر أنديتنا)”.
بقي القول إن على العرب والمسلمين في الولايات المتحدة أن يتحركوا سريعا بفعاليات ومظاهرات حاشدة ضد عنصرية ترامب، قبل أن تتصاعد أكثر فأكثر، ولا شك أن أحرارا آخرين سيشاركونهم الاحتجاج.
نقلا عن الدستور الأردنية