“عذابات الموتى”.. جثث “مجانين” و “مجهولي الهوية” مكدسة في ثلاجات صنعاء بلا كرامة “دفن”
تعذبوا خلال حياتهم هائمين في الشوارع بلا راع ولا علاج من حكومتهم، وتستمر عذابات عشرات اليمنيين من “المختلين عقلياً” الذين فقدوا حياتهم في الشوارع ليوردوا إلى ثلاجات الموتى في المستشفيات لتضل مكدسة فوق بعضها لأشهر دون كرامة للنفس البشرية.
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
تعذبوا خلال حياتهم هائمين في الشوارع بلا راع ولا علاج من حكومتهم، وتستمر عذابات عشرات اليمنيين من “المختلين عقلياً” الذين فقدوا حياتهم في الشوارع ليوردوا إلى ثلاجات الموتى في المستشفيات لتضل مكدسة فوق بعضها لأشهر دون كرامة للنفس البشرية.
تبحث جثث الموتى من المختلين عقلياً ومجهولي الهوية، في ثلاجات العاصمة اليمنية صنعاء عن توجيهات من تحالف الحرب الداخلية “الحوثي/علي عبدالله صالح” لإكرام دفنها لكن دون رجع صدى مناسب.
ووجهت كبرى المستشفيات الحكومية مذكرات وإرساليات إلى أمانة العاصمة والنائب العام تطالبها بإيجاد حلول لعشرات الجثث المكدسة في ثلاجات الموتى “مجهولة الهوية” اليوم الاربعاء بالعاصمة اليمنية صنعاء.
وكانت تتم سابقاً قُبيل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول2014م عمليات دفن جماعية كل ستة أشهر بعد إصدار أوامر من النائب العام بالدفن إلا أن الآلية تم توقيفها دون معرفة الأسباب.
وأوضح نائب مدير مكتب البحث الجنائي في مستشفى الجمهوري التعليمي، نبيل الأكوع في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”: نحن بحاجة ماسة إلى إصدار أوامر بإخراج عشرات الجثث المكدسة في ثلاجات المستشفيات الحكومية ودفنها، حيث يتم في أغلب الأيام رفع جثث “المجانين” من شوارع العاصمة وايصالها إلى ثلاجة مستشفى الجمهوري التعليمي الممتلئة وغيرها من الثلاجات المركزية بل وهناك جمعيات تقوم بإيصال جثث إلى ثلاجات الموتى كعمل خيري منها ما يزيد في وضع حرج للغاية.
وأكد بالقول: يطول بقاء تلك الجثث في ثلاجات المستشفيات، إن معظم تلك الحالات ترد للمستشفى من الشوارع، وأكثرها تعود لمختلين عقليا.
“معوقات قانونية”
ولمواجهة تكدس الجثث، تقوم المستشفيات الحكومية “مستشفى الكويت ومستشفى الثورة ومستشفى الجمهورية” باستصدار تصاريح دفن جماعي، لكنها تصطدم بمعوقات قانونية، حيث تم الموافقة من الجهات المعنية على دفن ما يقارب ست جثث فقط من أصل 38 جثة تم المطالبة بدفنها من المستشفى الجمهوري، ليتمكن من تخفيف الضغط على ثلاجة الموتى.
وقال الأكوع إن القدرة الاستيعابية لثلاجة مستشفى الجمهوري التعليمي تتكون من 39 درج كل درج مخصص لاستيعاب جثة واحدة ونقوم نحن في المستشفى بوضع ثلاث جثث في و قت واحد في درج واحد أي ان الثلاث الجثث توضع بعضها فوق بعض مع استخدام الحجارة ومساعدات أخرى لنتمكن من إغلاق ابواب الثلاجات.
وتصل إلى أكثر من 100 جثة متواجدة والقدرة الاستيعابية هي اربعين جثة.
لا “تكنولوجيا تبحث عن “المجهولين”
وتعاني المستشفيات من صعوبة في إيجاد طرق وأساليب في عصر التكنولوجيا في التعرف على أصحاب الجثث المجهولة، حيث تقوم بنشر صور “مجهولين الهوية” عبر الجريدة الرسمية “الثورة” (التي أصبحت لا تصل إلى جميع شوارع العاصمة صنعاء ناهيك عن بقية المديريات والأرياف)، حسب ما قاله جلال محمد، موزع في صحيفة الثورة مؤكداً: “أن عملية توزيع الصحيفة بات محدوداً على السفارات وبعض نقاط البيع كالأكشاك والفنادق فقط بسبب سوء الإدارة في مؤسسة الثورة”.
وأشار جلال إلى أن صفحة المفقودين التي تنشر في صحيفة الثورة يتم عرض الجثث فيها لأكثر من نصف شهر ولا تلقى صدى أو من يتم التعرف عليها.
وأشار مصدر في مستشفى الثورة العام، فضل عدم الكشف عن هويته لـ”يمن مونيتور”: إلى أن الإجراءات القانونية تعد معقدة جداً في عملية دفن الموتى مؤكداً ان الحل في هذه الظاهرة شبه الخطيرة لا يمكن معالجتها إلى عبر قرارات سريعة وآنية وبرفع الكشوف كلها حق المستشفيات”.
راجعاً أسباب تكدس الموتى إلى المعاملات والإعلانات وكشف الطبيب الشرعي هي الأسباب التي تقف وراء دفن الجثث المجهولة.
“مجهولة الهوية”
من جانبه تحدث الدكتور نصر القدسي، مدير المستشفى الجمهوري، لـ”يمن مونيتور” عن معاناة المستشفيات في مواجهة انقطاع الخدمات قائلاً: لدينا خانة تختص بالمجانين “مجهولة الهوية” الذين يتساقطون في الشوارع موتاً ولا يعلم لهم أي صلة قرابة أو أهل أو من يبحث عنهم وتعد إجراءات دفنهم صعبة جداً حيث لا يمكن للمستشفى السير في إجراءات دفن الجثث إلا بعد أن يتم عمل الإجراءات القانونية الطويلة والتي تستمر شهور من حيث الإعلان عنهم ونشر صورهم وأسمائهم في الجريدة الرسمية في وقت تزدحم فيه الثلاجات بالموتى وتقل الطاقة الاستيعابية لهم.
مشيراً: مع الانتظار شهور لكي نتمكن من دفن هذه الجثث تعاني المستشفيات من انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية، اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء مع معاناتنا كغيرنا من مشكلة تراكم الجثث في ثلاجات الموتى.
المختلين عقليا.. إلى أين؟
ويضطر أهالي وذوي عشرات مرضى الأمراض النفسية المصابين بانفصام في الشخصية والصدمات النفسية والأمراض العصبية إلى مغادرة مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في صنعاء لعدم مقدرتهم من سداد تكاليف الأدوية والمستشفيات الخاصة التي تطلب مبالغ مالية باهظة.
وفي حديث لـ”يمن مونيتور” قال مراد محمد ولي أحد المرضى: اضطررت إلى إخراج أخي من المشفى لعدم مقدرتي توفير مبلغ 120 ألف ريال شهرياً تكالف سرير وتغذية ونظافة وتدريب ومتابعة وخدمات طبية وأدوية بأسعار مرتفعة جداً خاصة وقد بعنا كثير من ممتلكات اخي حرصاً على معالجته لكن لم نستطع اكمال مرحلة علاجه بسبب ارتفاع الأسعار وانقطاع رواتبنا.
ومن جانبه قال دكتور يعمل في احدى المستشفيات الخاصة بعلاج الامراض النفسية فضل عدم الكشف عن هويته: نحن مضطرين لإخراج كثير من الحالات بسبب عدم تسديد الرسوم التي عليها من قبل الضمين المسؤول عن إدخال الحالة المرضية.
وتابع قائلاً: وضع المستشفى بنداً يتم التوقيع عليه من قبل ولي الأسرة انه في حالة عدم الالتزام بدفع التكاليف للمستشفى فيحق لنا إخراج المريض من المستشفى ولا يتحمل المستشفى أي مسؤولية قانونية تنتج عن ذلك.
الاستنجاد بالمنظمات
من جهتها طالبت وزارة الصحة العامة والسكان (الواقعة تحت سيطرة الحوثي) المنظمات الدولية المعنية بالصحة توفير ثلاجات حفظ الموتى لعدم مقدرة ثلاجات المستشفيات استيعاب المزيد من الجثث.
حيث قال ناصر العرجلي، وكيل الصحة المعين من قبل جماعة الحوثي، في مؤتمر صحفي عقد بالوزارة: “إن ثلاجات حفظ الموتى حيث وجميع ثلاجات الموتى في المستشفيات ممتلئة بجثث المواطنين وبخاصة تلك الجثث التي لم يتم التعرف عليها أو المجهولة”.
داعياً: المنظمات الدولية لزيارة المستشفيات اليمنية ليطلعوا على حقيقة توقف الوضع الصحي في البلاد.