لا يزال ملف اليمن السياسي والعسكري في وضع جمود، لا يزال ملف اليمن السياسي والعسكري في وضع جمود، فالتحركات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وما أعلنه من اتفاق مع جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح بشأن استئناف مشاورات السلام، ثم تصريحات المتحدث باسم الخارجية الذي حث فيها الشرعية على التعاطي مع ما صار يعرف ب«مبادرة كيري»، لا تعدو عن كونها إبراء للذمة ليس إلا، لأن كيري يدرك أن إدارة أوباما لم تكن صاحبة حضور كبير في ملف اليمن، وفضلت أن تتعامل معها من زاوية بعيدة، والتصريحات الأخيرة تأتي في الوقت الضائع.
يدرك الأمريكيون، كما يدرك الحوثيون وأنصار صالح، أن تصريحات كيري الأخيرة في مسقط لا تفيد العملية السياسية أبداً، فهي تتجاوز طرفاً في المعادلة السياسية والعسكرية، والمتمثل بالشرعية، وإن كانت فضحت الدور المزدوج لتحالف الانقلاب في الداخل، الذي يدعو ليلاً ونهاراً للموت لأمريكا، فيما يقود معها مباحثات سرية في مسقط وغيرها.
لا أمريكا ولا غيرها تستطيع تغيير المعادلة في اليمن، لأن من بيدهم القرار هم اليمنيون وحدهم، فهم القادرون على إنهاء الأزمة القائمة في بلادهم إذا ما أحسنوا الظن ببعضهم بعضاً، وإذا ما تخلصوا من فكرة الانتقام ودخلوا مرحلة التنازلات والتضحيات، لأنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ بلادهم من مرحلة الفوضى الشاملة التي تغرق فيها شيئاً فشيئاً.
مع الأسف، فإن التطورات الأخيرة على المستويات السياسية والعسكرية لا تنبئ باختراق كبير في جدار الأزمة القائمة في البلاد منذ سبتمبر/أيلول من عام 2014 عندما أسقط الحوثيون صنعاء بالتعاون والتنسيق الكاملين مع صالح، بل وحتى ما قبل ذلك التاريخ، حيث كان اليمن يغلي منذ أحداث عام 2011، التي أفضت إلى خروج صالح من المشهد كحاكم، وإن ظل حاضراً في المشهد السياسي.
ولا يبدو أن أي طرف يقبل بالتعاطي مع مبادرة كيري في الوقت الراهن، فالكل ينتظر الرؤية التي ستحملها الإدارة الجديدة للبيت الأبيض بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبالتالي فإن الملف اليمني قد يتجمد عدة أشهر حتى تتضح الصورة بشكلها النهائي، والبدء بصياغة حل الأزمة، كما هو الحال مع بقية الأزمات في العالم، من بينها الأزمة السورية.
لذلك بدت الشرعية، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، أكثر وضوحاً في رفض مبادرة كيري منذ الساعات الأولى لإعلانها، لأن هادي يدرك أن أية مقترحات لكيري لن يكون لها أي تأثير في مسار المفاوضات، فالرجل يريد أن يختم مسيرته وزيراً للخارجية بإدعاء إنجاز ما، بعد أن ظل طوال الأزمة مجرد متفرج، مع أنه كان بيده وبيد غيره مفاتيح الحل، وتجنب هذا الدمار الذي شمل البلاد والمنطقة كلها.
نقلا عن الخليج الاماراتية