عقب الثورة الفرنسية، انبثقت جماعة سياسية من مذهب ديني؛ جماعة تؤمن بالعنف. تبدو التوليفة مضحكة: “ثورة، سياسة، دين، عنف”، عليك أن تجتاز قرنين من الزمان لتنظر إلى “اللجنة الثورية، المجلس السياسي، مليشيا الحوثي”، ثم تنظر إلى العنف الذي تعيشه اليمن في الأثناء، ويتبدد الضحك. عقب الثورة الفرنسية، انبثقت جماعة سياسية من مذهب ديني؛ جماعة تؤمن بالعنف. تبدو التوليفة مضحكة: “ثورة، سياسة، دين، عنف”، عليك أن تجتاز قرنين من الزمان لتنظر إلى “اللجنة الثورية، المجلس السياسي، مليشيا الحوثي”، ثم تنظر إلى العنف الذي تعيشه اليمن في الأثناء، ويتبدد الضحك.
الفارق كبير بين الثورة التي قامت سنة 1789، وحطمت جدران الباستيل، وبين ثورة 11 فبراير التي قام بها اليمنيون في 2011. ومن الفداحة أن نقارن بين عبدالملك الحوثي وربسبير باعتبارهما وجهان برزا بعد الثورات. لكن تشابه الظروف تجعل المقارنة مستساغة إلى حد ما. قام مجموعة من قيادة الثورة في فرنسا، بتشكيل جماعة سياسية، أسموها اليعاقبة بقيادة روبسبير. هذه الجماعة آمنت بالعنف لإصلاح الضوضاء التي أعقبت الثورة.
روبسبير كان محاميًا، بينما عبدالملك الحوثي بلا مؤهلات. القاسم المشترك هو التفوه بالخطابات، رغم أن الأول كان يلتقي بالجماهير وجهًا لوجه، فيما الثاني، يخاطبهم من وراء حجاب. الاثنان متقاربان في العمر، في الثلاثينات فقط، ما شاء الله، شباب متحمسين حبتين!
جماعة اليعاقبة كانت ثورية حقيقية لا مزيفة مثل جماعة الحوثي، كما أنها كانت تؤمن بقيم الخير والجمال، لكنها استلذت العنف، صار كل من يخالفها عدوًا يُساق إلى المقصلة. كان من بين أعضاء الجماعة قيادات ثورية عظيمة، مثل دانتون الذي قاد الجماهير لاقتحام قصر لويس السادس عشر والقبض عليه، وديمولان الذي تقدم الثوار لتحطيم سجن الباستيل، لقد أصبح عيدًا وطنيًا حتى اليوم.
والعنف يبلغ أشده، يتراجع ديمولان ودانتون عن إيمانهم بالعنف كسبيل لإصلاح الدولة، أما روبسبير فكان يقف أمام الحشود ليبرر لهم: الشدة التي يلجأ إليها الطغاة مصدرها القسوة، أما الشدة التي تمارسها الجمهورية فمصدرها حب الخير.
لعبدالملك الحوثي خطابات موازية، طباعه السيكوباتية تحدثه أن العنف الذي أحدثه ليس إلا خيرًا للبلاد. رجل مثل روبسبير سيفهم معنى سيكوباتي، أما عبدالملك فقد يحسبها نوع من المبيدات.
رغم الصداقة التي جمعت روبسبير مع دانتون وديمولان، إلا أنه لم يتوانى أن يرسلهما للمقصلة، لم يكترث لا للصداقة التي تجمع بينهم ولا لتاريخهم الثوري المحفوظ في أفئدة الجماهير. لقد اعتبر تخليهما عن العنف خيانة للثورة.
صار اليعاقبة يعدمون بعضهم البعض.
روبسبير نفسه، تم القبض عليه وإعدامه، هكذا كانت تتلاشى جماعة اليعاقبة، كلٌ يُعدم الآخر.
من الصعب إسقاط تداعيات الثورة الفرنسية على الشأن الذي تعيشه اليمن. الحوثيون أدعياء ثورة وأولئك ثوار. الحوثيون تحالفوا مع “المُثار عليه”، لكنهما آمنا بالعنف.
تقول المحصلة، إن علينا ترقب حال “المتحالفين، صالح والحوثي”، من سيرسل الآخر إلى العالم الأخروي.. من هو السمخ؟
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.