اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

لماذا يستعصي الحل السياسي في اليمن؟

مرت ثلاثة أشهر على إعلان مبادرة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حيث لم تصل الجهود السياسية في اليمن إلى أي طريق.

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

مرت ثلاثة أشهر على إعلان مبادرة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حيث لم تصل الجهود السياسية في اليمن إلى أي طريق.

ويبدو واضحاً ذلك التشظي في الرؤية الغربية التي تقوم على تفكيك المشتركات والاستغراق في الدوائر الصغيرة في حل سياسي يتباطأ كلما اشتد التحشيد العسكري للمواجهات.

ويقول الباحث السياسي اليمني محمد جميح إن هناك يأسا لدى الحكومة الشرعية والتحالف العربي من أن الحوثيين سينجزون حلا سياسيا، مبينا أن التغييرات التي أجراها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الجيش تشير إلى التحول الذي -“للأسف الشديد”- جاء متأخرا.

يأتي هذا ضمن تطورات متسارعة بعد انتهاء الهدنة الأخيرة واندلاع المعارك في جبهات عدة خاصة في تعز وحجة، تتقدم فيها الحكومة اليمنية.

وكانت مبادئ ما سُمي “إعلان مسقط”، تضمنت تجديد الالتزام بالهدنة التي انهارت كأنها لم تبدأ بعد 48 ساعة، بالإضافة إلى الاتفاق على استئناف المشاورات قبل نهاية نوفمبر (تقترب النهاية من دون مؤشرات على تقدّم)، وبما يؤدي إلى تشكيل حكومة بحلول نهاية العام الحالي. وبينما لا يزال وفد الحوثيين في مسقط ويعقد لقاءات مع دبلوماسيين بين الحين والآخر، برزت أصوات من مناصري الجماعة وحلفائها، تتحدث عن “اتفاق مسقط” بنبرة تهكمية، وتعتبر أن وفد الجماعة الذي يترأسه المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام، بالغ في التعويل على التفاهمات المباشرة مع الأميركيين بإنهاء الحرب ضد الجماعة.

استعصاء الحل في اليمن

أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة إبراهيم فريحات يحيل استعصاء الحل في اليمن إلى عدم وجود كفة راجحة وتقارب موازين القوى، الأمر الذي يؤدي إلى الجمود، لافتا إلى أن التحالف العربي منذ عشرين شهرا لم يحدث اختراقا عسكريا سوى في عدن، لكن ذلك لم يحدث في أماكن أخرى مثل تعز ومأرب.

وزاد فريحات في حديث تلفزيوني تابعه “يمن مونيتور” في شرح مآل الاستعصاء بأن التحالف وعبر دوله العشر لم يستطع تشكيل قوة على الأرض، وهو متفوق جوا لكن ماذا يمكن أن يحقق التفوق الجوي؟ يسأل ويجيب بأن كل التاريخ العسكري أثبت أن الطيران لا يكفي لحسم الحرب مهما كان متفوقا.

إذن -وفقا لفريحات- فإن الجو يسيطر عليه التحالف العربي والأرض يسيطر عليها الحوثي وصالح مقابل فشل في تشكيل جيش وطني، وهذا ما صعب الحل “وبقينا ندور في حلقة مفرغة”.

لكن محمد جميح لم يوافق على أن الحوثيين يسيطرون على الأرض، مبينا أن غالبية اليمن خارج سيطرة الانقلابيين، وأضاف أن ما حققه التحالف خلال الأشهر العشرين الماضية يتقدم على ما حققته تحالفات أخرى في أفغانستان ضد طالبان وفي العراق وسوريا ضد تنظيم الدولة.

 

مؤشرات الحل العسكري وترامب

ترى أوساط سياسية وعسكرية إن الحكومة اليمنية حسمت أمرها في البلاد باتجاه الحسم العسكري، بعد تغييرات عسكرية واسعة في الجيش اليمني حيث أطاح هادي باللواء عبد الرحمن الحليلي من قيادة المنطقة العسكرية الأولى، المرابطة في سيئون بمحافظة حضرموت (شرق)، وعين بدلا عنه اللواء الركن صالح محمد طيمس، الذي كان قائدا للواء 37 مدرع.

وكان لافتا تعيين العقيد أحمد حسين الضراب رئيسا لأركان حرب المنطقة العسكرية الأولى في وداي حضرموت، ثم الإطاحة به يوم الأربعاء الماضي، ليحل محله العميد يحي محمد أبو عوجا في قيادة المنطقة، التي تشرف على منابع النفط (شرق) ومنفذ الوديعة، آخر منافذ اليمن البرية مع السعودية.

وبعيدا عن قادة المناطق العسكرية، جرى تعيين القائد العسكري المناهض للحوثيين، ثابت مثنى جواس، قائدا لمحور “العند”، وقائدا للواء 131 مشاه المرابط في محافظة لحج (جنوب)، والعميد فهمي محروس الصيعري، قائدا للواء 11 حرس حدود، والعميد عبد الكريم الزومحي نائبا لمدير دائرة العمليات الحربية.

ولم تعلن الرئاسة اليمنية أسبابا لهذه التغييرات العسكرية، لكن مصدرا حكوميا مسؤولا، طلب عدم نشر اسمه، قال لوكالة الأناضول، إن تلك “التغييرات تفرضها متطلبات الواقع العسكري على الأرض، وتعد تحضيرا لعمليات عسكرية أوسع”.

وبينما أحجم المصدر الحكومي عن تحديد ميادين العمليات العسكرية المقبلة، تتصاعد ترجيحات مراقبين باحتمال تركيز الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، وبدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية، بالأساس على تحرير محافظة تعز، التي يسكنها نحو ثلاثة ملايين نسمة يعانون أوضاعات معيشة صعبة للغاية جراء الحصار والقتال.

توقيت التصعيد العسكري المحتمل، بحسب المصدر الحكومي، خصوصا بعد فشل اتفاق مسقط، الذي رعاه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يرجعه مراقبون إلى رغبة الحكومة الشرعية في استغلال الفترة القادمة حتى تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب (يوم 20 يناير/ كانون الثاني المقبل)، في استعادة السيطرة على مزيد من الأراضي، وتحسين شروط التفاوض، تمهيدا لاحتمال العودة إلى طاولة المفاوضات.

ودون جدوى، قدم المجتمع الدولي العديد من المبادرات لحل النزاع اليمني، ورعت منظمة الأمم المتحدة 3 جولات من مشاورات السلام، لكنها أخفقت في وضع نهاية لهذه الأزمة، لا سيما مع رفض خارطة طريق أممية ينص أحد بنودها على نقل صلاحيات الرئيس هادي إلى نائب رئيس جديد توافقي حتى إجراء انتخابات عامة.

ورأى المحلل السياسي اليمني المهتم بالشؤون العسكرية، عبد العزيز المجيدي، في حديث مع وكالة الأناضول، أن “تغييرات هادي العسكرية تمثل مؤشرا على تغيير ما قادم.. ربما يرتبط باستراتيجية الحرب عبر تغيير رؤية التحالف العربي والسلطة الشرعية لمكامن القوة والضعف التي يجب العمل عليها لتحقيق مكاسب ميدانية تسند الموقف السياسي للحكومة في مواجهة الانقلابيين”.

ولا يمكن الحكم على فعالية تغييرات هادي في القيادة العسكرية، بحسب المجيدي، “حتى نرى تحركا عمليا للقطع الحربية، خصوصا باتجاه تعز، المحافظة المنسية، والتي تشكل مفتاح الانتصار الحقيقي للسلطة الشرعية والتحالف”.

وموضحا، قائلا: “عندما نرى تحركا من الغرب من اتجاه باب المندب، ذوباب والمخا، وشرقا من كرش والراهدة، وإطلاق عملية واسعة لتحرير تعز، بالتزامن مع متابعة المعارك في بقية الجبهات، سنكون وقتها نشهد إرادة سياسية حقيقية تبحث عن النصر، وليس تبديل ولعب الأوراق لممارسة المزيد من الضغط السياسي فقط”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى