ظهر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الأسبوعيين الماضيين مستعجلاً في إحراق مستقبله السياسي، مقتفياً أثر سلفه جمال بنعمر الذي يعزى إليه شرعنة الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية من خلال «اتفاقية السلام والشراكة» التي حشد لها القوى السياسية لتوقيعها في قصر الرئاسة بصنعاء بعد ساعتين فقط من إتمام الانقلاب الميليشاوي على النظام الجمهوري.
ظهر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الأسبوعيين الماضيين مستعجلاً في إحراق مستقبله السياسي، مقتفياً أثر سلفه جمال بنعمر الذي يعزى إليه شرعنة الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية من خلال «اتفاقية السلام والشراكة» التي حشد لها القوى السياسية لتوقيعها في قصر الرئاسة بصنعاء بعد ساعتين فقط من إتمام الانقلاب الميليشاوي على النظام الجمهوري.
وظهر الخميس الماضي غادر ولد الشيخ العاصمة السعودية الرياض بعد أن فشل في لقاء الرئيس هادي ورئيس حكومته للتباحث معهم بشأن الخريطة التي سبق أن قدمها ولاقت استهجاناً رسمياً وشعبياً، لأنها تؤسس لحرب طائفية وتهدد النسيج الاجتماعي اليمني بالتمزق، ذلك أنها مبنية على فرضية واحدة وهي «سلموا أمركم ودولتكم لعصابة تحتكم إلى منطق الغلبة المسلحة، وليس منطق الدولة والقانون».
لا يسع الرئيس هادي إلا تبني موقف متسق مع إرادة شعبه التي حملتها تظاهرات الملايين في كل المحافظات المحررة، دعماً للقيادة الشعبية، وتنديداً بخريطة أرادت أن تؤسس لحروب المستقبل بين اليمنيين، ومن وضعها يدرك استحالة قبول اليمنيين بعودة الحكم الكهنوتي وعصور الظلمات والجوع والفقر والأمراض والجهل والسجن والقيد والطبقية الاجتماعية، واعتبار الحكم حقا إلهيا محصورا في أسرة واحدة دون سواها، وهو جوهر ما تنادي به الحركة الحوثية اليوم.
مضافاً لذلك امتدادها الشيعي «الاثني عشري» وإعطاء ولائها لإيران أكثر من ولائها لليمن.
تقول خريطة ولد الشيخ إنها متسقة مع المبادرة الخليجية والقرار الأممي 2216 ومخرجات الحوار الوطني، ثم تتحدث عن ضرورة خروج رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس حكومته من السلطة مقابل دخول الميليشيات للحكم، وفي ذلك مخالفة واضحة للمرجعيات الثلاث، الداعمة لشرعية الرئيس هادي وحكومته.
وإذا كانت الخريطة قد حددت مصير الرئيس ونائبه ورئيس وزرائه بالخروج من الحكم، فإنها غضت الطرف تماماً عن الخمسة المطلوبين دولياً في القرار 2140 (2014) وهم علي عبدالله صالح ونجله أحمد وعبدالخالق وعبدالملك الحوثي وأبوعلي الحاكم باعتبارهم مهددين فعليين للأمن والسلم الدولي.
والأخطر من ذلك أنها تشجع العصابات والميليشيات للانقلاب على دولها وستكون الأمم المتحدة جاهزة لمنح صكوك الاعتراف بسلطة الأمر الواقع، وفي أفضل حالاتها تتحدث عن «أطراف متصارعة» وليس عن حكومة شرعية معترف بها وجماعة انقلابية.. وهذا يعني أن الأمم المتحدة انحرفت بوظيفتها وتحولت من جهة تحفظ سيادة الدول وتراعي مصالح الشعوب إلى جهة تشجع الانقلابات وتتبنى مشاريع العصابات المتمردة.
الخريطة التي تجاوزت الإرادة الشعبية في التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وأرادت تسليم السلطة قسريا للحوثيين هي ذاتها الخريطة التي تتحدث عن انتخابات فيما بعد، بمعنى أدق تريد الخريطة تسليم أمر السلطة للحوثيين وبسيطرتهم على مقدرات ومؤسسات الدولة والجيش والمال الإعلام ولجنة الانتخابات سيتمكنون من طبخ عملية انتخابية بالكيفية التي يشتهون وبالتالي يتحولون إلى رجال دولة شرعيين.
ويجب التنبه إلى أن الخريطة المقدمة من ولد الشيخ لا تمثل المجتمع الدولي الراعي للقضية اليمنية بدوله الـ18 بل هي رؤية وزير الخارجية الأميركي المنصرف المعبر عن إرادة إدارة أوباما المنتهية وتبنتها اللجنة الرباعية أميركا، بريطانيا، السعودية، الإمارات وهو تبنٍ لن يكتب له نجاح أو دور قادم.
نقلا عن الوطن القطرية