كتابات خاصة

هؤلاء يقتلون الحديدة مرتين

ياسين التميمي

هناك معلوماتٌ ذات مصداقية تتحدث عن خضوع حسن هيج، محافظ الحديدة السابق المعين من الرئيس هادي، والذي أعلن ولاءه للانقلابيين، للإقامة الجبرية في صنعاء من قبل الحوثيين، في استهداف لأبرز القيادات المنتمية لحزب المخلوع صالح، المؤتمر الشعبي العام. هناك معلوماتٌ ذات مصداقية تتحدث عن خضوع حسن هيج، محافظ الحديدة السابق المعين من الرئيس هادي، والذي أعلن ولاءه للانقلابيين، للإقامة الجبرية في صنعاء من قبل الحوثيين، في استهداف لأبرز القيادات المنتمية لحزب المخلوع صالح، المؤتمر الشعبي العام.
المحافظ السابق، ليس مسئولاً حكومياً فقط ولكنه أحد أبرز مشائخ سهل تهامة، وله نفوذ واسع في وادي مور أحد أكبر الأودية التهامية التي تصب في البحر الأحمر، لذا يمثل استهدافه نيلاً واضحاً من كرامة أبناء السهل التهامي، الذي تنتمي إليه قبيلة الزرانيق وهم من هم في الإقدام والبأس، وقد كانت لهم صولات وجولات من المواجهة مع الأئمة الزيديين وآخرهم، يحيى حميد الدين، خلال النصف الأول من القرن المنصرم.
يمكن للمحافظ الأسير أن يتحول هو أيضاً إلى نموذج آخر للظلم الذي يتعرض له أبناء السهل التهامي، فعلى الرغم من أنه تمالأ معهم إلا أنه عندما تحدث عن قضية عادلة تتعلق بطرق الاستفادة من موارد المحافظة، طلب إلى صنعاء ولم يعد إلى الحديدة حتى اليوم.
تكاد محافظة الحديدة أن تكون أسيرة بشكل كامل بيد الانقلابيين، الذين يتعاملون معها كإقطاعية مغلقة لهم دون سواهم، فهم يستأثرون بكل الموارد التي تأتي من عائدات الجمارك والضرائب، وخصوصاً من ميناء الحديدة ثاني أهم ميناء في البلاد، والذي تمر خلالها معظم وارداتها من السلع.
لا يقتصر الأمر على مصادرة موارد المحافظة والاستئثار بكل شيء فيها، بل تعداه إلى المحاولات اليائسة والمفضوحة لتوظيف حالات سوء التغذية، لأغراض سياسية، وهم الذين كانوا سبباً رئيسياً في وجودها، وإمعانهم في تأكيد أن السبب وراء هذه الحالات هو التحالف العربي.
أصبحت الحديدة مصدراً للصور التي يستخدمها الانقلابيون في غسل مشروعهم الانقلابي، عبر تزوير الحقيقة.
حينما قرر الانقلابيون الإيعاز للعشرات من أنصارهم التظاهر أمام مقر المبعوث الأممي في صنعاء إبان زيارته الأخيرة، كانت المادة الوحيدة المستخدمة في هذه التظاهرات هي صور أطفال تهامة الذين يعانون من حالات سوء تغذية مزمنة أدخلت اليمن ضمن البلدان التي تعاني من المجاعة.
كلا طرفي الانقلاب، رأى في هذه الحالات مادة خصبة ومفيدة من أجل استدرار تعاطف المجتمع الدولي، عبر افتراض أن هذه الحالات نجمت عن التدخل العسكري للتحالف في اليمن.
إحدى المسئولات التنفيذيات في المحافظة، لم تتردد في تقديم نفسها ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومضت تبني سمعتها الإغاثية عبر الترحال المترف بأحدث السيارات وتحت الحماية المباشرة للميلشيا بين القرى التي تعاني من أزمة في الحصول على الغذاء.
وكان عليها فقط أن تقول الحقيقة وتخبر الناس بأن السبب في معاناتهم بدأت منذ أن تسلمت ميلشيا الحوثي الإرهابية محافظة الحديدة من الأجهزة الحكومية المدنية والعسكرية الموالية للمؤتمر، وإمعانها بعد ذلك في العبث بمقدرات وموارد المحافظة، واحتجازها المتعمد لآلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية وإعادة توجيهها لصالح مجهودها الحربي ضد اليمنيين.
الانقلابيون أنفسهم لا يترددون كذلك في التعبير عن تأييدهم للطاغية بشار الأسد، وللدور الروسي والإيراني في سورية، حيث يتم قصف الأحياء الآهلة بالمدنيين بمختلف أنواع القنابل والصواريخ شديدة التدمير، بذريعة محاربة المسلحين، وليس بوسعهم إخفاء صور الأطفال الذين يخرجون من تحت الأنقاض.
الحرب مهمة سيئة على كل حال، ولكن الذي جاء بالحرب ودفع الناس إلى الحرب هم هؤلاء الانقلابيون، الذين ركبهم الغرور الناجم عن استحواذهم على الأسلحة من مخازن الدولة، ولا يزالوا يعتقدون أن بوسعهم إيذاء اليمنيين والمتاجرة بمعاناتهم في الآن ذاته، وهذا ما يفعلونه مع محافظة الحديدة بالضبط، إنهم يقتلونها مرتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى