هل تنحني الحكومة اليمنية وتوافق على مبادرة ولد الشيخ كـ”أرضية للنقاش”؟
“أرضية للنقاش” و “قاعدة جيدة للمفاوضات”، تعبيران للحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح لخارطة طريق قدمها إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، يقابلها موقف الحكومة اليمنية بأنها “قبلت” الخارطة، شكلاً ورفضته مضموناً. هل تلتقي الحكومة اليمنية مع الحوثيين في “خارطة الطريق” كـ”أرضية للنقاش”؟!
يمن مونيتور/ تقدير موقف/ من عدنان هاشم
“أرضية للنقاش” و “قاعدة جيدة للمفاوضات”، تعبيران للحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح لخارطة طريق قدمها إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، يقابلها موقف الحكومة اليمنية بأنها “قبلت” الخارطة، شكلاً ورفضته مضموناً.
ولد الشيخ أحمد تحدث في جلسة بمجلس الأمن الدولي، الأثنين الماضي، أن خارطة طريقة تعتمد على نقاشات المشاورات اليمنية في الكويت، إضافة إلى المرجعيات الثلاث(قرار مجلس الأمن 2216، ومخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية)، ويبدو فعلاً أن المبادرة أعطت اعترافاً ببقاء (ميليشيا) الحوثي منظمة ومسلحة مع احتفاظها بسلاح دائم، كما تعطي مجالاً واسعاً لعودة الفعل الحوثي في مسافات زمنية متداخلة تفتقر إلى التنظيم مع وجود المساحة.
وفيما يبدو أن موقف الحوثيين وصالح صار واضحاً بتحويل المبادرة إلى “أرضية للنقاش” يبدو أن “الرئيس اليمني” وحكومته ما زالت تضع الباب موارباً لمزيد من الدراسة السفير البريطاني لدى اليمن كان أكثر وضوحاً بشأن المبادرة وموقف عبدربه منصور هادي، ففي مقابلة على صحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة من لندن قال “خريطة الطريق التي قدمها ليست غريبة على الطرفين؛ لأنه تمت مناقشة محتوياتها عليهم، لكن تقديمها ربما هو الجديد، وبالتالي من المهم الضغط على الأطراف للتعامل بشكل بناء معها، وبحسب ما فهمنا أن الرئيس هادي لم يقل بشكل صريح أنه يرفض المبادرة، وسجل الحكومة اليمنية وتعاونها كان بناءً خلال الفترة الماضية مع المبعوث الأممي، لكننا نعتقد أن رد الحوثيين وصالح كان أكثر إشكالية”.
يمكن أن يفهم من وراء حديث أدمند براون الكثير من الأمور وراء تعقيبه من أن رد (الحوثيين و صالح) كان أكثر إشكالية.
ومن المرجح، أن يسلك الجانب الحكومي الطريق الذي سلكه الحوثيون وحزب صالح باستلام الخارطة الأممية والتعامل معها كأرضية للنقاش، مع التحفظ على بعض بنودها التي سيتم حصرها وتقديمها للمبعوث الأممي بشكل رسمي. مع استمرار الضغوط الدولية المستمرة والمتواجدة بالقرب منهم في العاصمة السعودية الرياض.
لكن محمد عمراني المتحدث باسم الوفد الحكومي المفاوض لـ”يمن مونيتور” نفى أن توافق الحكومة على “الخارطة” بالقول: “الحكومة اعلنت موقفها الرافض للمبادرة ونعتقد انها بهذه النصوص لا تصلح اساسا للنقاش فما بني على باطل سيكون باطلا”.
وحول أسباب ذلك قال عمراني: “تجاوزت نصوص المبادرة ومخرجات الحوار التي تنص بشكل واضح على ان ولاية الرئيس الجديد تنتهي عند تنصيب رئيس جديد بعد انتخابه من قبل الشعب، وتدخلت بشكل اساسي في مهام الرئيس واعطت الحق في تشكيل الحكومة لغير أهلها”.
وأضاف: “جاءت المبادرة غامضة وغير واقعية ونحن نعتقد انها غير قابلة للتنفيذ وهذه هي مشكلتها الأعمق فهي قد ألغت المبادرة الخليجية واستبدلتها بمبادرة لم تفهم الواقع بشكل حقيقي وتقفز على حقيقة ان البلد تعاني من حرب لأكثر من عام ونصف راح ضحيتها آلاف الضحايا”.
وجاءت بنود الإنسحاب من صنعاء وتعز والحديدة وتسليم السلاح الثقيل في صالح الحكومة، وعلى الرغم من موافقتها على تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيون، إلا أنها احراز تقدم جوهري في مناقشتها مرهون بعقدة “تهميش” دور الرئيس عبدربه منصور هادي ونقل صلاحياته لنائب رئيس جديد.
وجاءت الخارطة ملبية بشكل كبير لمطالب الحوثيين الرئيسية وهي الانخراط في حكومة وحدة وتعيين نائب رئيس جديد يمتلك الصلاحيات بدلا عن هادي حتى موعد الانتخابات القادمة، ويرى مراقبون، أن العقدة الرئيسية تجاه قبولهم الكامل تتمثل في “التزمين”.
بيد أن خارطة الطريق تجنبت الحديث عن رفع اليمن من بنود “الفصل السابع” في مجلس الأمن، كما أن الخارطة تجاهلت المشمولين بالعقوبات الأممية، وهذا الأمر يمتلك الكثير من الأبعاد في حال فشلت عملية السلام، إضافة إلى كون الخارطة لم تتحدث عن إنهاء عمليات التحالف أو تعليقها في اليمن تحدثت عن وقف إطلاق للنار براً وجواً وبحراً، ولم تتحدث الخارطة عن وقف التحالف والأمم المتحدة لمسألة “تفتيش” السفن القادمة للبلاد والطائرات بل اشترطت فتح الأجواء اليمنية للطيران.
وهذه الأمور يبدو أن سببها هو كسب الرضى (السعودي) وهو ما تحدث به دبلوماسي بارز في الأمم المتحدة لرويترز بأن السعودية يبدو بشكل كبير أنها قبلت المبادرة وشجعت هادي على التعامل معها.
وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم نشر اسمه “على حد علمي قبل السعوديون بخارطة الطريق… وحقا قاموا بعمل جيد للغاية بعيدا عن الأنظار لتشجيع هادي على أن يقترب بدرجة أكبر من فكرة قبول الخطة.”
ومع ذلك تتفق “السعودية” و “الحكومة اليمنية” بأن “التزمين” يشكل العقدة الأكبر في مشوار التشاور حول الخارطة، فبنود الانسحابات من صنعاء والمدن وتسليم السلاح يجب أن يسبق آمر الحكومة، كتتويج عملي للحرب وإنهاء الانقلاب، وأن التفريط بذلك سيكون “خيانة” لدماء مقاتليها والإقرار بأن الحرب كانت عبثية بكل المستويات.
لكن السفير البريطاني أشار إلى ردة فعل مختلفة عندما قال إن “ردة فعل الحوثيين تمثل اشكالاً” فـ”الحوثيين” و “صالح” يشترطون من أجل التوقيع على الاتفاق إخراج اليمن من تحت “الفصل السابع” و وقف “تفتيش السفن” و “الطيران” إضافة إلى إلغاء العقوبات المفروضة على (عبدالملك الحوثي وشقيقه عبدالخالق وأبو علي الحاكم) و (علي عبدالله صالح ونجله أحمد علي)، وكان ذلك واضحاً في ردهم على مشروع الخارطة.
كما أن مشكلة نزع السلاح سيمثل مشكلة للحوثيين وليست كذلك بالنسبة لـ”صالح”، فيما تمثل تنازل عبدربه منصور هادي عن صلاحياته لنائب جديد (تتجه الأنظار نحو رئيس الحكومة السابق خالد بحاح) وعزل علي محسن الأحمر، مشكلة للشرعية اليمنية وليست لـ”التحالف العربي” الذي تقوده السعودية.
لذلك ستقبل الحكومة اليمنية والرئيس هادي-تحت الضغط الدولي- بخارطة الطريق مع التحفظ على بعض بنودها وإشكالية التزمين فيها، ومقدار الصلاحيات التي سيتنازل بها هادي لنائب جديد متوافق عليه، إضافة إلى دور سيمثله علي محسن الأحمر في المرحلة القادمة، وستشترك في مشاورات مقبلة قد تكون سريعة لكن الحوثيين وصالح لن يوافقوا على اتفاق لا ينهي عمليات التحالف فور التوقيع، ولا يرفعهم من قائمة العقوبات الدولية.