اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

رؤية غامضة تحفظ “أركان الانقلاب”.. قراءة في الخارطة الأممية للسلام باليمن

قدم إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن رؤية المجتمع الدولي لحل الأزمة اليمنية للحوثيين، الذين أعلنوا فعلاً عن تسلمها، فيما أعلن الحكومة اليمنية أنها لم تتسلم تلك الرؤية. يمن مونيتور/ تقدير موقف/ عدنان هاشم:

قدم إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن رؤية المجتمع الدولي لحل الأزمة اليمنية للحوثيين، الذين أعلنوا فعلاً عن تسلمها، فيما أعلن الحكومة اليمنية أنها لم تتسلم تلك الرؤية.

وعلى الفور قام الحوثيون بتسريب ما قالوا إنها المبادرة الأممية التي قال ولد الشيخ إنها “تمثل حلاً عادلاً”، وبقراءة محتوى الرؤية يتضح أن جزءً كبيراً منها قدمه الحوثيون وتحدث به “ولد الشيخ” في عدة مقابلات صحافية خلال العامين الماضيين، كما أنها تظهر امتداداً لما كشف عنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في أغسطس/آب الماضي عن ملامح خطة دولية دعمتها اللجنة الرباعية المؤلفة من وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، وتنص على “تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانسحاب المليشيا من المدن، وتسليم السلاح الثقيل والصواريخ إلى طرف ثالث لم يتم الافصاح عنه.”

 

المواقف المحلية

وفيما أظهر القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي ارتياحاً للمبادرة خلال لقاء مع تلفزيون العالم، مساء اليوم الأربعاء، لم يصدر أي تعليق حكومي حيال الخارطة الجديدة، لكن وزير الخارجية ورئيس الوفد الحكومي المفاوض، عبدالملك المخلافي، قال إن أي حل لا يستند على المرجعيات الثلاثة (المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرار 2216)، لن تكون مقبولة، وأن الابقاء على سلاح المليشيا هو شرعنة للانقلاب.

من المقرر أن يقدم “ولد الشيخ” هذه المبادر إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل، والتي قال إنها تحظى بإجماع دولي، ولن يتنازل عنها، وبتقديمها إلى مجلس الأمن ستكون ملزمة للحكومة من جهة والحوثيين وحليفهم (علي عبدالله صالح) وتقع في صفحتين مكونة من (12) فقرة.

المبادرة المسربة لا تشبه تلك التي قدمها “ولد الشيخ” خلال مشاورات الكويت ونصت الأخيرة منها على البدء بالجوانب الأمنية المتمثلة بانسحاب المليشيا من 3 مدن رئيسية هي (صنعاء، تعز، الحديدة)، وتسليم السلاح الثقيل للدولة، على أن يعقبها بعد 45 يوما تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيون، لكن وفد الحوثي وصالح رفضها حينذاك بشكل تام، رغم موافقة الجانب الحكومي عليها. فيما تنص الجديدة على البدء بالجوانب السياسية.

 

غموض المبادرة

تشير المبادرة المسربة والتي تحت عنوان “خارطة الطريق” والتي يعتقد أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد سلمها للحوثيين إلى جملة من الأمور:

أولاً: تشير الفقرة الرابعة إلى أن الاتفاقية الشاملة ستتم ستعلن الأمم المتحدة عن حكومة وحدة وطنية خلال ثلاثين يوماً من التوقيع إذا نفذت كل الأطراف التزاماتها. هذه الالتزامات ومعظمها تقع على عاتق الحكومة اليمنية، ففي أول يوم للتوقيع (الفقرة الخامسة) يستقيل نائب الرئيس الحالي ويعين الرئيس هادي نائبه الجديد (المسمى في الاتفاق)، ويتخلى هادي عن كل صلاحياته لهذا النائب، فيما الحوثيين وصالح ينسحبون من الحدود اليمنية السعودية 30 كم للداخل اليمني. مصدر حكومي استبعد في حديث مقتضب لـ”يمن مونيتور”، امس الثلاثاء، أنه لا يمكن أن يقبل الرئيس هادي ونائبه بحل سياسي يقصيهما من المشهد بشكل تام.

ثانياً: تشير الفقرة السادسة إلى أن الحوثيين وقوات “صالح” تنسحب من العاصمة صنعاء، وتسلم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، لكن قبل ذلك ستقوم الحكومة بتنفيذ (الخطوات السياسية) قبل ذلك، ويسلم الحوثيون الصواريخ البالستية إلى طرف ثالث، فيما يقوم الرئيس هادي بتعيين اللجان الأمنية التي ستشرف على تنفيذ الترتيبات الأمنية (خلال ثلاثين يوماً من التوقيع)، وهو إعلان عن “شرعنة” الحوثيين و صالح، فيما يمكن نقل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى تعز والحديدة وذمار.

ثالثاً: يظهر من الرؤية أن هادي سينقل كل صلاحياته لنائبه بعد انسحاب الحوثيين من صنعاء، (الفقرة السابعة) وبموجب ذلك سيعلن النائب الجديد رئيس وزراء جديد للبلاد(في اليوم الثلاثين من التوقيع)، وبعدها سيبقى الرئيس المنتخب بلا صلاحيات بعد نقل كل شيء للنائب الجديد.

رابعاً: في اليوم التالي لإعلان (رئيس الوزراء) تشير (الفقرة الثامنة) إلى إعلان الحكومة حسب المحاصصة السابقة (ربما) يشير إلى المبادرة الخليجية نصف للمؤتمر ونصف للمشترك، وكيف سيكون العمل إذا المؤتمر منقسم، والحوثيين لم يكونوا ضمن المبادرة!

خامساً: خلال تلك المدة الماضية جميعها ستضل بقية المحافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين بما في ذلك تعز والحديدة، ولن يتم الحديث عن انسحابهم إلا بإشراف الحكومة (الجديدة) التي سيكون الحوثيون نصفها، وبالتأكيد أن القرارات ستكون توافقيه وحين يرفض الحوثيون ستبقى بما في ذلك صعدة وذمار وحجة.

وهذا المبدأ لا يمكن القبول به فالجبهات ستظل مشتعلة والمدنيون سيدفعون الثمن.

سادساً: بعد كل ذلك بعد (ستين يوما) تقول الأمم المتحدة في (الفقرة الثانية عشرة) أنه   حواراً سياسياً سيبدأ من جديد لوضع الخارطة الانتخابية ومسودة الدستور، بمعنى أنه سيجري تعديل مخرجات الحوار الوطني، وسيعدل في الأقاليم بناءً على رغبة الحوثيين.

سابعاً: حسب (الفقرة الثانية) فإن وقف القتال سيسبق كل الإجراءات بموجب اتفاق 10 ابريل/نيسان الماضي، والذي بموجبه ستعود لجان التهدئة ولجنة التهدئة إلى منطقة “ظهران الجنوب” السعودية.

 

الغموض في عدة أمور

وفيما أكدت رؤية الأمم المتحدة شرعنة (الحوثيين) و(اسقاط الشرعية اليمنية المنتخبة) لم يشر الاتفاق إلى عدة أمور:

أولاً: مصير قرارات الحوثيين في السلطة اليمنية منذ اجتياح صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014م، وهذه القرارات أثقلت الكاهل الإداري للدولة في البلاد.

ثانياً: لم تشر إلى حلّ جماعة الحوثي العسكري وإعلان أنفسهم عن تنظيم سياسي.

ثالثاً: تحدثت رؤية الاتفاق عن سحب السلاح من الحوثيين بدون رؤية واضحة المعالم، وإن كانت الأسلحة ستسحب (إلى جانب الانسحاب) من الحديدة وتعز وصنعاء فقط، وما مصير بقية المحافظات.

رابعاً: تشير رؤية الاتفاقية إلى الضامنين الدوليين لسحب السلاح من صنعاء وتعز والحديدة فيما تؤكد أن (الحكومة الجديدة) ستضمن (بلا ضامنين) سحب السلاح من الحوثيين بعد تشكيلها، ولا توجد ثقة حقيقية في أن الحوثيين سيلتزمون للحكومة الجديدة.

خامساً: تشير رؤية الاتفاقية إلى أن أسلحة الحوثيين وراجمات الصواريخ البالستية تسلم إلى طرف ثالث، ولا يعد السؤال ممكناً عن هذا الطرف، فطالما أن هادي سيشكل لجان أمنية وما دام الجيش اليمني موجوداً لماذا لا تسلم إليه!

سادساَ: لا تظهر الرؤية إلا رغبة (أمريكية) وليست أممية بالخروج بانتصار حقيقي لإدارة أوباما قبل انتهاء ولايتها.

سابعاً: لم تشر الخارطة إلى حماية المدنيين من الاستهداف، وكيف يمكن حمايتهم خصوصاً في جبهات القتال المختلفة.

أخيراً.. تمثل الرؤية انتقاصاً من استعادة الدولة وتأجيل جديد للحرب المستعرة، التي لن تتوقف حتى وإن أخذت جولة من التقاط الأنفاس والشعور بحديث عن استعادة الدولة اليمنية كاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى