كتابات خاصة

العقوبات على بنك اليمن والكويت.. تحديات للقطاع المصرفي اليمني

في خطوة جديدة نحو الضغط على المؤسسات المالية في اليمن، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخراً عقوبات على بنك اليمن والكويت وهو أقدم بنك قطاع خاص تأسس عام ١٩٧٧  وأحد البنوك المهمة في النظام المصرفي اليمني. هذا القرار يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد اليمني تحديات جسيمة نتيجة للحرب المستمرة، ويعكس تصعيداً متوقعاً في سياسة العقوبات الأمريكية ضد المؤسسات المالية اليمنية. ورغم أن الهدف الرئيسي لهذه العقوبات هو جماعة الحوثي، إلا أن تأثيراتها لن تقتصر على هذه الجماعة وحدها، بل ستطال كافة فئات الشعب اليمني، الذي يعاني أساساً من انهيار اقتصادي واسع.

من المؤسف أن هذه العقوبات لا تقتصر آثارها على جماعة الحوثي، بل ستنعكس سلبياً على المواطن اليمني البسيط، الذي يعاني من تدهور اقتصادي غير مسبوق. اليمن، التي تملك اقتصاداً متداعياً بعد سنوات من النزاع، تعتبر من بين أفقر الدول في العالم، حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أن أكثر من 80% من سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية. في ظل هذه الظروف، فإن تزايد فرض العقوبات على القطاع المصرفي قد يؤدي إلى تقليص فرص حصول المواطنين على الخدمات المالية الأساسية.

ورغم تأثير العقوبات على بعض الأنشطة الدولية لبنك اليمن والكويت، فقد أشار البنك في بيان له أن قرار التصنيف لا يؤثر على عملياته المحلية. حيث أكد البنك أنه مستمر في تقديم كافة خدماته المحلية عبر فروعه المنتشرة في البلاد، بالإضافة إلى قنواته الإلكترونية، مما يضمن استمرار تقديم الخدمات المصرفية للمواطنين. ورغم التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي، فإن هذا البيان يبعث برسالة طمأنينة للمواطنين الذين يعتمدون على هذه الخدمات الأساسية في حياتهم اليومية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها اليمن.

في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى أن تراجع جماعة الحوثي دورها في القطاع المصرفي. التدخل المستمر في شؤون البنوك قد يفضي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية، ويهدد ما تبقى من استقرار المؤسسات المالية في اليمن. على الحوثيين أن يدركوا أن استغلالهم للقطاع المصرفي كأداة في الصراع قد يعرض البنوك والمصارف للانهيار، وهو ما سيؤثر في النهاية على المواطنين الذين يعانون من صعوبة الوصول إلى الخدمات المصرفية.

على الرغم من العقوبات الأمريكية، التي تهدف إلى ضرب مصادر تمويل الحوثيين، لا يبدو أن تأثير هذه العقوبات سيكون حاسماً في إضعاف الجماعة. فبحسب خبراء اقتصاديين، استطاعت جماعة الحوثي بناء شبكات مالية موازية خلال السنوات العشر الماضية، تمكنها من تجاوز الكثير من القيود المفروضة على النظام المصرفي الرسمي. وقد أسهمت هذه الشبكات في تمويل العمليات العسكرية وتوفير الدعم المالي للحركة، مما يعكس قدرة الحوثيين على التحايل على القيود المالية الدولية.

في ظل هذا التصعيد المستمر في العقوبات، يجد القطاع المصرفي اليمني نفسه أمام تحديات مضاعفة. وفقًا لتقرير صادر عن البنك المركزي اليمني في عدن، فإن القطاع المصرفي في اليمن يعاني من تدني مستوى الامتثال للمعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ففي عام 2022، سجلت اليمن أدنى مستوى في التصنيف العالمي لمؤشر الشفافية المصرفية، حيث صنف البنك الدولي اليمن ضمن البلدان ذات المخاطر المرتفعة. هذا الوضع يفرض على البنوك اليمنية تكثيف جهودها لتحسين نظام الامتثال والحد من المخاطر القانونية والمالية. كما يستدعي الأمر تعاوناً وثيقاً مع البنك المركزي اليمني في عدن، الذي يحظى باعتراف دولي، لتجاوز تداعيات العقوبات وتخفيف وطأتها على الاقتصاد الوطني.

العقوبات الأمريكية على بنك اليمن والكويت تشكل تحدياً جديداً للاقتصاد اليمني الذي يعاني من الانقسام والتدهور. في حين أن هذه العقوبات قد تحقق أهدافاً سياسية ضد الحوثيين، إلا أن تداعياتها الاقتصادية ستطال جميع اليمنيين، مما يستدعي تكاتف الجهود على كافة الأصعدة، سواء من خلال تحسين الامتثال للمعايير الدولية أو من خلال تعزيز التعاون بين البنوك اليمنية والبنك المركزي في عدن لمواجهة هذه التحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى