أزمة توجه المثقف وخطه السياسي والاجتماعي الذي يتبناه وخطورة خلط قيم الإنسان والمجتمع، يساعده في ذلك الظروف والتحولات الكبيرة التي تمر بها مجتمعاتنا. ” يبدو أنه لا نظير لغباء أرباب الابل.. منذ سنة ونصف وهم يقاتلون حفنة من الانقلابيين ومع ذلك لم يستطيعوا إنهاء الانقلاب! لا يدرك السعوديون أن وصول المعركة للوضع الحالي دون حسم يعتبر انتصار للحوثي والمخلوع على احد عشر دولة.. قرار الحسم سعودي ولو كانت المملكة جادة لحررت تعز مثلما فعلت في حضرموت وعدن وجميع المحافظات الجنوبية.. لو كانت المملكة تعرف مصلحتها جيدا لاتخذت القرار الفوري في حسم ملف اليمن وتحرير صنعاء وهي تستطيع ان تحقق ذلك خلال أيام لاسيما وأنها صاحبة تاريخ طويل في الشمال وهي تعرف كيف تحقق رغباتها هناك.. لكن كيف تقنع بدوي بمصلحته!.. الخ ”
تخيل معي أن كاتب السطور أعلاه يمكن أن يقلب الورقة ويكتب التالي في وقت لاحق أو ربما في نفس الوقت:
” خلال الخمسة عشر دقيقة الأولى لعاصفة الحزم دمرت المملكة 70% من القوة القتالية لقوات الانقلاب..دعمت السعودية فصائل المقاومة بالسلاح والذخيرة والرواتب والإسناد الجوي ومعالجة الجرحى واستقبال أكثر من مليون سياسي معارض ..بالإضافة الى اعتماد مقر للرئاسة والحكومة وصرف رواتب المسؤولين المدنيين والعسكريين ليقوموا بإنهاء الانقلاب.. ماذا يفعل السعوديين أكثر من ذلك؟؟
حرروا عدن وحضرموت وشبوة وابين ولحج والضالع الخ.. هل المطلوب أن ينزل الملك سلمان بنفسه كي يقاتل نيابة عن اليمنيين.. أليس من واجب هادي والقوى الجمهورية ان تخجل من نفسها وتذهب الى المناطق المحررة وتحسم ما تبقى من المعركة لأجلها ولأجل العرب جميعاً! ..الخ ”
تجسد الحالة أعلاه أزمة توجه المثقف وخطه السياسي والاجتماعي الذي يتبناه وخطورة خلط قيم الإنسان والمجتمع، يساعده في ذلك الظروف والتحولات الكبيرة التي تمر بها مجتمعاتنا.
عندما تقرأ كل مقال على حده بين فترتين متباعدتين قليلا.. تشعر أن كلا الطرحين وجيه ومقنع، إذا لم تكن صاحب نظرة نقدية منهجية وتعرف ما هي الحقائق على الأرض وكيف تقرأها.
ولكن الكثير يقعون في فخ “معصوده ” “والله ماعدحنا داريين كيف! ” الى آخره من توسيع عملية تتويه الجماهير وخلط جميع المفاهيم في عقولهم بما فيها ( أ ب أخلاق) و ( أ ب دولة)!
ما أريد قوله أن جميع المثقفين و(المتثيقفين) لديهم ثقافة متنوعة، قليلا من الفلسفة والأدب والتاريخ والجغرافيا والسياسية والفن – وهذه أدوات فعالة ومؤثرة بالفعل – تجعل من أحدهم قادراً على بناء توليفه تبدو متناسقة لتدعم فكرة معينة وتسوقها على أنها ما يحدث بالفعل، وأحياناً تكون الحقيقة غير ذلك، وأحيانا تكون كذلك بالفعل!
في هذه الحالة ليس للناس والرأي العام سوى ضمير المثقف يوجههم باتجاه مصلحة القضية الوطنية لا كما تقتضي المصلحة الشخصية أو التعصب الضيق