عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية استهدافها رادارات للحوثيين أعاد الذهن المصطلح الأمريكي (الرائج) محور الشر وما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت قائمة جديدة يوجد فيها (جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح) إلى هذه القائمة من التنظيمات والدول؛ كان الجواب فعلياً منشور في وكالة فارس التي قالت إن استهداف المدمرات الأمريكية يؤكد دخول الحوثيين ضمن (محور المقاومة) سوريا وإيران وحزب الله والعراق. عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية استهدافها رادارات للحوثيين أعاد الذهن المصطلح الأمريكي الرائج (محور الشر) وما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت قائمة جديدة يوجد فيها (جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح) إلى هذه القائمة من التنظيمات والدول؛ كان الجواب فعلياً منشور في وكالة فارس التي قالت إن استهداف المدمرات الأمريكية يؤكد دخول الحوثيين ضمن (محور المقاومة) سوريا وإيران وحزب الله والعراق.
كما أن الهجوم على الحوثيين يعيد إلى الأذهان (أزمة الصواريخ الكوبية 1962) المواجهة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي على اثر نشر (موسكو) صواريخ نووية في كوبا تمهيداُ لقصف الأراضي الأمريكية، وبمقارنة ذلك فقد زرعت إيران (الحوثيين) بصواريخ بالستية لقصف المصالح الدولية (بحراً) ومهاجمة الأراضي السعودية (براً)، ويقارن أساتذة العلاقات الدولية والمؤرخين أزمة صواريخ كوبا بأزمة حصار برلين.
إنها المرة الأولى التي تهاجم فيها الولايات المتحدة جماعة الحوثي (منذ بدء حربها على حربها على الإرهاب قبل 15 عاماً)، لكن لا يبدو أن واشنطن ستستمر على هيئة عمليات منتظمة ما لم تتوقف صواريخ الحوثيين. قبل الهجوم كان التنظير في الصحافة الإيرانية عن كون الحوثيين المحور الخامس ضمن محور المقاومة أو (الممانعة)، ذلك المحور الذي يمثل تهديداً لأمن العرب مستمراً في حماية (أمن إسرائيل). بالرغم من نفي الحوثيين استهداف المدمرة الأمريكية وتأكيده استهداف السفينة الإماراتية إلا أن المتفق عليه أن الصواريخ انطلقت من الأراضي اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما ذهب بـ”فورين بوليسي” إلى القول إن النفي يعني أن تنظيم حزب الله هو من أرسل الصواريخ باتجاه المدمرة الأمريكية مرتين في أربعة أيام.
كما أن البحرية الأمريكية تشير إلى أن الرادارات المستخدمة في مهاجمة السفينة الإماراتية (الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري) هي ذاتها التي فتحت أثناء استهداف المدمرة الأمريكية، (10 و13 أكتوبر/تشرين الأول)، مراكز دراسات ومسؤولين أمريكيين كانوا أشاروا إلى أن الصاروخ الذي استهدف سفينة الإمارات، هو صاروخ إيراني الصنع، فاليمن لا يملك صواريخ (C-82) الصينية، كما أن طهران أعلنت عن صاروخ (نور) عام 2006م، وهو صاروخ مصمم على شاكلة الصاروخ الصيني.
لذلك فإن تورط حزب الله أو خبراء إيرانيين (أو عرب تدربوا في إيران) هو الأكيد في حالة إطلاق الصواريخ نوع (أرض/بحر) فجماعة الحوثي خلال فترات الحروب الست لم تخض ولم يتدرب أتباعها على أيٍ من الحروب البحرية، كما أن القوات اليمنية البحرية (إذا فرضنا أن جزءً منها ظل موالياً لصالح) لا تملك صواريخ من ذلك النوع وبطبيعة الحال لم تتدرب عليه.
في تهديد خط الملاحة الدولية فإيران هي المستفيد الوحيد والمستفز لأكثر من مرة على مضيق هرمز فقد استهدفت سفن وبوارج أمريكية بما، فيها أسر بحارة سفينة أمريكية في يناير/كانون الثاني الماضي، لذلك بعد ساعات من الحديث على هجوم استهدف مواقع الحوثيين على الساحل اليمني، كانت إيران جاهزة لإرسال مدمرتين إلى مضيق باب المندب.
لذلك فإن إطلاق الصواريخ على المدمرة الأمريكية سيكون إما لغرض دراسة سُبل الرد الأمريكي في حال الاستفزاز ومدى الاستعداد الأمريكيين للتدخل مجدداً في قضايا الشرق الأوسط، لأجل ترتيب أوراق إيران في سوريا، في وقت تحدثت وكالة رويترز أن مشروعاً أمام أوباما يفضي إلى شن غارات على مواقع بشار الأسد، بعد فشل مشاورات واشنطن و موسكو بشأن الحل.
أو أن موسكو وطهران دفعت الحوثيين (أو الأدوات التي أطلقت الصواريخ) إلى مهاجمة المدمرة الأمريكية لقياس رد فعل دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية بشأن تهديد مصالحها بشكل أكبر، والضغط لإيجاد حل يرضي الرؤية الروسية في سوريا، واحتمال استغلال ذلك بمزيد من التدخل قد يتضمن الكثير من الضغط السياسي وربما العسكري، وستكون إيران هي الأداة الروسية في مضيق باب المندب، وإن رأت موسكو دراسة تواجد عسكري في الجزر اليمنية فالحوثيين قد دعوا ورحبوا بتواجدها، كما أن علي عبدالله صالح يستعجل تدخلها بعد أن أعلن فتح قواعد البلاد العسكرية لصالح واشنطن.
موسكو وطهران تستغلان حالة شبه الفراغ في الولايات المتحدة الأمريكية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لكسب مواقف وأخطاء أمريكية أكبر في الملفات الإقليمية قبل أن تبدأ إدارة جديدة تلقي بالتذبذب مع أوباما لتبدأ سياسة أكثر وضوحاً من الإدارة السابقة. والانتخابات بدورها تمثل ضغطاً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً لوزير الخارجية جون كيري و باراك أوباما من أجل حل ولو جزء يسير من قضايا الشرق الأوسط لتحقيق إنجاز، ويعتقد الحوثيون وصالح أن بإمكان اليمن أن تكون كبش فداء للضغط أكبر قدر ممكن على واشنطن لتمرير رؤية تحالفهما بسلق اتفاق سياسي يوقف التحالف العربي ليشعل حرباً (طائفية) أو (اثنية) إضافة إلى (الجغرافية) بعد أشهر من توقيع الاتفاق في ظل استمرار غياب الدولة وعدم عودتها.
ومن شأن أي مقاربات لحلول من هذا النوع أن تحول اليمن إلى “بؤرة شر” لا تستقيم معها أياً من الظروف والمصالح الدولية في المستقبل القريب.
لكن تدخلاً من هذا النوع قد يجر الأمريكيين، ومعهم المستفزين وأصحاب نظريات الضغط في اليمن للتخفيف على خسارة سوريا، إلى تحمل مخاطر أكبر في حالة استفزاز (الأنفة) الأمريكية بكونها المسيطرة وحامية حمى الديار، ويدخل اليمن كمنطقة حرب وسط معمعة أكبر لا ناقة لليمنيين بها ولا جمل؛ لذلك وكالعادة فالحل الأسلم كيمنيين هو إعادة الدولة وحلّ ميليشيات الحوثي، بأقرب وقت، فإطالة أمد الصراع وغياب الدولة التي تفرض هيمنتها لن يكون هناك نجاح إلا للميليشيات المسلحة ولن تحقق المكاسب سوى إيران إقليمياً ودولياً، ولن يتأثر إلا الأمن القومي لشبه الجزيرة العربية، وفي حال استمرت الحرب وطالت، أو بقي الحوثيين كجماعة مسلحة وليس حزب سياسي فإن أمن شبه الجزيرة العربية هو الخاسر الوحيد، وبدلاً من التردد (العجيب) خليجياً وفي الحكومة اليمنية، يجب حسم المواقف وإذابة الخلافات، فوقف التردد يعطي الحوثيين وصالح تأكيداً أنه لا مجال إلا لاستعادة الدولة ولا مكان لخلافات قد تغير موقف دول شبه الجزيرة العربية من استعادتها.