أبعاد محتملة لأول تحرك عسكري أمريكي ضد الحوثيين
استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية مواقع لرادارات الحوثيين في اليمن بعد استهداف مدمرتين أمريكيتين قرب مضيق باب المندب، الأمر الذي دفع إيران إلى تحريك سفينتين على الفور؛ ما يشير إلى تصعيد دولي كبير على المضيق الهام الرابط بين قارتي أفريقيا وآسيا ومعبر الوصول إلى البحر المتوسط.
يمن مونيتور/ وحدة التحليل/ تقدير موقف:
استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية مواقع لرادارات الحوثيين في اليمن بعد استهداف مدمرتين أمريكيتين قرب مضيق باب المندب، الأمر الذي دفع إيران إلى تحريك سفينتين على الفور؛ ما يشير إلى تصعيد دولي كبير على المضيق الهام الرابط بين قارتي أفريقيا وآسيا ومعبر الوصول إلى البحر المتوسط.
التحرك الأمريكي هو الأول من نوعه ضد الحوثيين، منذ بدء مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن بطائرات دون طيار طوال العشرة الأعوام الماضية، بالرغم من شعارات الحوثيين بـ”الموت لأمريكا” إلا أن واشنطن تعتقد أنها مجرد شعارات وأن مصالحهم مع الجماعة تلتقي دائماً بمرور الوقت وأصبحت تلتقي الآن أكثر من أي وقت مضى.
واعتمدت إدارة أوباما على سياسة الانكفاء وعدم التدخل عسكرياً في أزمات الشرق الأوسط، خوفاً من التورط في حروبها، لكن التحرك العسكري ضد الحوثيين يبدو محدوداً باستهداف مناطق تعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أنها مكان إطلاق الصواريخ ضد السفن العابرة على البحر الأحمر، ولايعني ذلك أنه لا توجد احتمالات عدة -تفرضها الضرورة- لتوسيع هذه العمليات لتشمل مواقع أكبر وأعمق باتجاه الجبال.
ومنذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الحالي استهدف الحوثيون ثلاث سفن، سفينة شحن تابعة للبحرية الإماراتية وسفينتين حربيتين أمريكيتين، ما رفع التأمين على السفن العابرة عبر مضيق باب المندب، مع توتر خط الملاحة العالمي بشكل مفرط للمرة الأولى بالرغم من الحرب في اليمن الممتدة 18 شهراً لم تلحق أي أضرار بخط الملاحة الهام.
وسيجبر تهديد الملاحة الدولي إلى تدخل مجلس الأمن بموجب قانون الحماية الدولية لخطوط الملاحة، كما أنه سيجبر جمهورية مصر على التدخل بشكل أوسع إلى جانب دول الخليج فمضيق باب المندب هو المشغل الرئيس لقناة السويس التي تعطي 5 مليار دولار سنوياً كدخل على النظام المصري؛ فيما تمر 40 بالمائة من احتياجات العالم من النفط عبر هذا المضيق.
وتحاول طهران فرض هيمنتها على خط الملاحة الدولي عبر مضيقي “هرمز” و “باب المندب” ما يجعل من التوتر قائماً في السياسة الدولية التي تعطي روسيا جزءاً كبيراً منها.
وخلال العام الجاري استمرت الاستفزازات الإيرانية للسفن الأمريكية ففي فبراير/شباط اعتقلت البحرية الإماراتية فريقاً من القوات البحرية الأمريكية، واستهدفت عدة سفن على مياه الخليج، وحذرت مراراً السفن السعودية والخليجية من الاقتراب من مياهها الإقليمية.
كما أن الأسطول الأمريكي الخامس ألقى القبض على شحنتي أسلحة خلال العام الجاري قادمة من إيران وهي في طريقها إلى الحوثيين.
ذلك فمن شأن الرد الأمريكي الأول على الحوثيين إن يشير إلى عدة تداعيات على مضيق باب المندب:
1. مواجهة -وإن كانت سياسية- بين إيران وروسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والخليج ومصر من جهة أخرى.
2. توتر خط الملاحة الدولي وارتفاع التأمين على السفن التجارية ما يجعل من الصعب على الشركات المرور عبر “المضيق” والاكتفاء بالمضي إلى رأس الرجاء الصالح وإن كان مكلفاً إلا إنه يعتبر خط آمن.
3. توجد على المياه الدولية عشرات السفن والأساطيل البحرية في البحر العربي وقرب المضيق إيرانية وروسية وصينية وكورية وأمريكية، ومن شأن ذلك أن يزيد التوتر أكثر إذا ما وضعنا بعين الاعتبار “الحماقات” والاستفزازات الإيرانية بعين الاعتبار.
4. سيتأثر الشعب اليمني سلباً ف90 بالمائة من احتياجاته الأساسية تمر عبر مضيق باب المندب إلى ميناء الحديدة، والتوتر في البحر الأحمر سيجعل من الصعب وصول هذه الاحتياجات كما أن ارتفاع تكاليف وصولها سيزيد من معاناة اليمنيين في ظل تدهور الحالة الاقتصادية والقدرة الشرائية إلى مستويات حرجة.
في نفس الوقت تسعى الولايات المتحدة من الرد على الحوثيين الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في البلاد، فمعنى بدء مواجهة بحرية يعني المزيد من الضغوط على وصول النفط الخليجي، ما يعني الضغط في نفس الوقت على الحوثيين ودول الخليج والحكومة اليمنية من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة ويوقف الحرب؛ لكنه في نفس الوقت يعني تطميناً خليجياً بالوقوف مع حليفها الاستراتيجي “السعودية” بعد حالات اهتزاز الثقة المستمرة بين الرياض و واشنطن والتي تفاقمت بعد قانون “جاستا”؛ بالرغم من كونها مخاطرة عالية التكاليف إذا ما وضعنا مرة أخرى “الاستفزاز” الإيرانية.