كتابات خاصة

العودة للمشروع الوطني الكبير

 

مشكلتنا في اليمن عدم استيعاب الأفكار، وفي كل مرة يعلن عن فكرة كيان جامع، يذهب البعض بعيدا عن الفكرة والهدف، ليعتقد انه حان الفرصة لتكتل مناطقي لجغرافيا محددة، مستندا لانتكاسات فترة زمنية تسببت في ماسي واوجاع، متناسيا المشروع الكبير الذي اصابته تلك الانتكاسات، بل متجاهلا ان تلك الانتكاسات يمكن ان تكون مؤامرة لاغتيال ذلك المشروع الكبير، من خلال اثارة النعرات والثارات والكراهية والعنصرية، التي حولتنا لمجتمع مصاب من السهل ادارته والعودة به لمجموعة قبائل وعشائر وجماعات متناحرة، تتصارع حول حدود جغرافيا، جماعات ممزقة لكنتونات  صغيرة سهل التهامها.

كل ما يدور اليوم في الشمال والجنوب هو امر عبثي، استطاع العالم والاقليم ان يتدخل ليزيد من حجم الاضرار، واللعب على كل التناقضات والمصاب، فوجد بيئة مثخنة بالجراح، منذ 67م جراح كلما اندملت، تدمى من جديد من قبل أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين لا يرون انفسهم الا في حدود جغرافية ضيقة، وفكر ثأري عقيم، بلا وعي ولا رؤية صائبة، عبارات تردد من سنوات والعالم يتقدم ويتطور، ونحن غارقون في تلك الثارات والجنون، والنهاية ما نحن فيه اليوم.

تلك العقول هي المسؤولة عن واقعنا اليوم، لم تستوعب تحديات المرحلة، ولم تعي بعد ان النهضة تصنعها الإرادة، وقد غابت عنها تلك الإرادة السياسية، التي جعلتنا نتخلى عن مشروعنا النهضوي الكبير، بل يمكن القول الانهزام امام قوى تقليدية عصبوية ترفض التعيير والتحول والنهضة والتقدم.

كل المشاريع المطروحة اليوم غير ملبية لإرادة الناس، ولهذا تشتغل على حماسهم فترة وتأجج نزعاتهم، فلا تدوم يكفي فترة وجيزة ثم يصحو الكثير من الناس، لأنها مشاريع اصغر مما يستوعبها العقل ويتقبلها المنطق، و تعتمد على الفوضى والنعرات، وبمجرد ما ان تأتي الاحتياجات العامة والخاصة والاستراتيجيات، يتطلب ذلك عقول وطاقات وافكار، وكوادر وكفاءات، وهنا يبدأ السقوط المدوي لمعظمها، ويبقى من لديه القوة العسكرية و المدعوم قبليا وسلاليا او مذهبيا وطائفيا يقاوم، مقاومة تمزقه اكثر مما كان يتوقع، ليجد انه مشروع لا يوحد الناس ولا يجمعهم على مشتركات.

علينا ان نحدد معركتنا الحقيقية، معركة الامة في مشروع الامة الكبير، الذي يبدأ بمقاومة المشاريع الصغيرة التي يحاول الصهاينة وحلفاهم من الغرب وعملائه في الداخل ان حيد عنه، ومقاومة تستدعي صمود وتحدي، وارادة صلبة، وعقل منطق لا يسمح ان تملى او تفرض علينا مشاريع تخدم اعدائنا .

اليوم نحن وطن منهك ويدمر، التعليم ينهار والمعلم يهان والمواطنة تداس بالأقدام، لا راتب ولا خدمات عامة، ولا نظام ولا قانون، قسمونا لطوائف ومناطق ومذاهب، وعسكروا حياتنا وفق تلك النعرات، واصبح حلمنا بعيد المنال، اليوم بكل بجاحه يتبارى البعض في استدعاء الاجنبي لأرضنا، ويفتح له الطريق ويهيئ له الاستيلاء على الارض وانتهاك العرض، تلك هي الصورة الحقيقية للمشاريع الصغيرة، لان المشروع الكبير لن يقبل بذلك.

لا نحتاج لإضرابات ولا ان نلعن بعضنا بعض، ما نحتاجه ان نرفع راية مشروعنا الكبير ونعود للتاريخ لنعرف من نحن، نعود للعروبة واسلامنا الحنيف، نستلهم افكار عبد الناصر وابداعات وخبرات المناضلين الأوائل الذين رفعوا راية الوحدة العربية، واسقاط المشاريع الصغيرة التي عكرت صفو حياتنا،مع ضرورة الاستفادة من دروس وعبر الماضي،وتفهم المؤامرات التي احيكت بأمتنا.

نعيد احياء مشروع وطني في وعاء جامع، يعيد للامة عمقها التاريخي والثقافي، يخرجنا من حالة التردي، الى حالة الانفراج، نسيد العقول والكفاءات، لنشهد نهضة علمية وحالة وعي تحارب الفساد السياسي والاقتصادي والاخلاقي واستعادة مكامن القوة الغائبة، وتجاوز مواطن الضعف الغالبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى