الشراكة في السلطة تعني الشراكة في المسؤولية
عندما تكون شريكا في السلطة، فأنت ببساطة شريكا في المسؤولية عن السياسات والقرارات التي يتم اتخاذها وتؤثر على الناس، ولا يمكنك في هذه الحالة التنصل منها أو إلقاء اللوم على غيرك أو الاختباء خلف شمّاعات الأعذار الجاهزة.
جميع مكونات السلطة التنفيذية سواء كانت الحكومة أو “المجلس الرئاسي” تتحمّل مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها، بسبب الفشل في الإدارة ومعالجة الأزمات وتلبية احتياجات المواطنين وفي مقدمتها وضع حد لتدهور العملة التي تؤثر بشكل كبير على كافة مناحي الحياة.
لكل طرف في هذه الجهات حصة من الوزراء والمسؤولين الذين تم اختيارهم بقرارات طوعية من قياداتهم ولم يفرض أحدا عليهم اختيار هذا أو رفض ذلك، مما يجعل المسؤولية تقع على عاتق المسؤولين والجهات التي ينتمون إليها.
هناك فشل واضح في عمل الجهات الحكومية دون استثناء، ويدخل ضمن ذلك الفساد وسوء الإدارة نتيجة عدة عوامل أهمها تعطيل أداء المؤسسات الرسمية المعنية بمكافحة الفساد مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والبرلمان وغيرها، إضافة إلى عدم وجود آلية محاسبة وتقييم لدى كل طرف مشارك في السلطة.
وطالما جميع الأطراف لا تسعى لتفعيل المؤسسات الحكومية المتخصصة في الرقابة والمحاسبة ولا تمتلك الرؤية لمحاسبة مسؤوليها على مستوى أطرها الداخلية، فهذا يدل على أن الفشل والفساد هو الأولوية لأنه يحقق المصالح الخاصة ولا يهم ما سواها.
وفي ظل هذا الفهم والرؤية لإدارة السلطة، لا يمكن لأي مكون أيا كان، أن يمارس سياسة الخداع وتضليل الرأي العام، من خلال أداء دور مزدوج؛ رجِل في الحكم وأخرى خارجه، ويقدّم نفسه كما لو كان معارضا بدلا من كونه مسؤولا عمّا يجري.
من المثير للسخرية أن تسارع هذه الجهة أو تلك لمناشدة الحكومة أو “المجلس الرئاسي” لوقف تدهور العملة وتحسين معيشة الناس أو دفع الرواتب وغيرها من الحقوق، وهي جزءا من السلطة وبإمكانها اتخاذ القرارات التي تغير الواقع بدلا من لعب دور المعارضة المفضوح.
هذا النوع من الفهلوة والاستهتار الذي يتعامل مع الرأي العام كأنه ساذج للدرجة التي يُمكن تخديره ببيانات، يجب أن يتوقف وأن يدرك أصحابه أنهم مسؤولون لا معارضون، وأن المطلوب منهم تحمّل المسؤولية أو الاستقالة.
المواقف الكلامية لا توقف تدهور العملة ولا تشبع جائعا ولا تداوي مريضا ولا تؤي نازحا ولا تؤّمن طريقا ولا تضيء منزلا، ناهيك عن أنها بعيدة كليا عن حفظ ماء الوجه، وليس هناك من خيار سوى الإدارة بما ينفع الناس أو إفساح المجال لمن يملك القدرة والاستعداد للتضحية.
نعلم أن بيانات شركاء السلطة تلقى بعض القبول لدى أنصارهم، الذين لا يزالون يثقون بقياداتهم رغم كل التجارب المريرة والشواهد التي تجعلهم غير مؤهلين لتلك الثقة، ولكن للتعصب والتعبئة الحزبية والإيديولوجية دورها في خلق هذه القابلية لدى الأنصار.
أعتقد أنه حان الوقت لهؤلاء الأنصار ممارسة حقهم الدستوري في مساءلة قياداتهم على مستوى مكوناتهم وفي إطار مشاركتهم في السلطة وذلك من خلال أطرهم الداخلية إن كانت تسمح بذلك وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا سيعود بالنفع عليهم أكثر من التأييد الأعمى في الوقت الذي يُعانون الأمرّين.
إن مبدأ المساءلة حق أصيل لكل مواطن وليس فقط لأولئك الذين ينتمون لجماعات أو أحزاب، فهو يعزز الحرية والشفافية والتغيير ويكرّس إعلاء خدمة الناس على ما سواها، فضلا عن أنه يشكل نوعا من الرقابة الشعبية على أداء المؤثرين في الدولة والمجتمع.
بدون ذلك، ستستمر سياسة الشكوى والهروب للأعذار بدلا من الاعتراف بالأخطاء والسياسات وفي كل الأحوال سيكون المواطن هو المتضرر الوحيد وعليه أن يختار إما المساهمة في تغيير حاله بأي شكل ممكن أو تسخير نفسه في الدفاع عن الذين يُدّمرون حياته.